تواصلت الاحتجاجات «الخضراء» أمس فى إيران ضد إعادة انتخاب الرئيس أحمدى نجاد فيما دعا المرشح المهزوم مير حسين موسوى الشعب الإيرانى إلى مسيرة ضخمة وإقامة حداد وطنى. يأتى ذلك فى الوقت الذى أحجمت فيه واشنطن عن دعم المعارضة علنيا مكتفية ب«تدخل إلكترونى» عبر الإنترنت للسماح لأنصار موسوى بالتواصل مع العالم الخارجى ومواصلة الحشد. وقبل مثول الجريدة للطبع، بدأ أنصار موسوى فى التحرك صوب وسط العاصمة لإقامة تجمع احتجاجى كبير. ودعا موسوى «الشعب الإيرانى» إلى يوم حداد مع تجمعات ومسيرات لصالح ضحايا التظاهرات المناهضة للسلطة كما جاء على موقعه على الإنترنت أمس. وكان المحتجون قد شاركوا فى مظاهرة ضخمة شمال طهران أمس الأول بالرغم من مناشدة موسوى لهم تأجيل التظاهر لمنع وقوع صدام مع أنصار الرئيس نجاد أو قوات الأمن. ويخشى مراقبون من وقوع أشد الصدامات غدا الجمعة، حيث ستكون فرصة كبيرة لحشد أكبر عدد من الإيرانيين فى الشارع بعد صلاة الجمعة ، ومن المتوقع أن تعزز السلطات من إجراءاتها الأمنية فى هذا اليوم، فيما تترقب الأوساط السياسية والشعبية خطبة محتملة للمرشد الأعلى آية الله على خامنئى حول الأوضاع الراهنة. يأتى ذلك فيما استمرت حملة الاعتقالات التى شنتها السلطات ضد ساسة ونشطاء إصلاحيين، حيث اعتقلت أمس أستاذ جامعى ومحلل سياسى وهما مقربان من المعسكر الإصلاحى الذى دعم موسوى. ومن جهة أخرى، اعتقلت الشرطة عضوا مؤسسا فى منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان التى تترأسها الناشطة المعارضة شيرين عبادى التى طالبت فى وقت لاحق بإعادة الانتخابات. وتم اعتقال عدد كبير من المسئولين والصحفيين الإصلاحيين، أفرج عن بعضهم، منذ الإعلان السبت الماضى عن إعادة انتخاب محمود أحمدى نجاد. وفى الوقت الذى طالب فيه عدد من الساسة فى واشنطن الرئيس الأمريكى باراك أوباما بالإعلان علانية عن دعمه لمساعى المعارضة الإيرانية، قال أوباما إن تولى نجاد أو موسوى الرئاسة فى إيران «لا يحدث فارقا كبيرا بالنسبة للولايات المتحدة التى لا تزال تعتزم محاولة إطلاق حوار مع طهران لكن عليها فى مطلق الأحوال التعامل مع نظام معاد لها». وأدلى أوباما بهذه التصريحات أمس الأول لكى يفسر ضبط النفس الذى اعتمده فى انتقاداته للانتخابات الرئاسية فى إيران، وفى مدى دعمه لمئات الآلاف من مناصرى موسوى. وعبر أوباما الثلاثاء عن «قلقه الشديد» وكان شديد الحذر فى انتقاء عباراته لانتقاد أعمال العنف التى تخللت التظاهرات فى إيران ، وفسر ذلك بخشية أن يقوم المحافظون المتشددون باستغلال تصريحاته للتلويح بشبح التدخل الأمريكى من أجل تأمين الدعم الشعبى للنظام. وقال لشبكة «سى إن بى سى»: «ما أقوله هو التالى: الأمر يعود للإيرانيين لاتخاذ قرار، نحن لن نتدخل فى ذلك». واستدعت الخارجية الإيرانية الثلاثاء العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين احتجاجا على رد فعل الاتحاد الأوروبى على أعمال العنف التى تلت الانتخابات الرئاسية، بحسب الإعلام الرسمى. وقال التليفزيون الحكومى إنه تم استدعاء سفراء التشيك باعتبارها رئيسة الدورة الحالية للاتحاد الأوروبى وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا. ومن جهة أخرى، طلبت واشنطن من موقع تويتر إرجاء عملية صيانة مقررة كانت ستوقف خدماته طوال نهاية الأسبوع، لإفساح المجال أمام المعارضين الإيرانيين لمواصلة استخدامه، وفقا لما قاله مسئول فى الخارجية الأمريكية. واتصلت الخارجية الأمريكية الأحد الماضى بمسئولى الموقع «لتلفت نظرهم إلى أن الموقع أداة تواصل مهمة جدا، ليس لنا، بل فى إيران نفسها»، بحسب المسئول الذى رفض الكشف عن اسمه. وأكد أن موقع تويتر الذى يسمح بالتواصل من خلال رسائل قصيرة عبر الإنترنت، كان آخر المواقع العاملة بعد أن أغلقت الحكومة الإيرانية مواقع إلكترونية وإعلامية عديدة وحدت أو علقت من استخدام الرسائل القصيرة عبر الهواتف المحمولة. وأضاف المسئول أن «موقع تويتر كان إحدى الوسائل التى أتاحت للناس التواصل». ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ايان كيلى تأكيد هذه المعلومات. وأقر أن وزارة الخارجية «كانت على اتصال بموقع تويتر طوال نهاية الأسبوع الماضى»، من دون أن يربط هذه الاتصالات بأعمال العنف فى إيران التى أعقبت إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية. وأكد جاك دورسى وهو من مؤسسى الموقع بدوره تأجيل أعمال الصيانة لعدم وقف تبادل المعلومات «حول ما يحصل فى إيران». ويسمح تويتر لمشتركيه بإرسال رسائل لا يزيد طول الواحدة منها على 140 حرفا، سواء عبر الهواتف المحمولة أو الكمبيوتر مباشرة. ومن جهة أخرى، أدت الأزمة الحالية إلى انقسام داخل الأوساط المحافظة، حيث ذكرت وكالة مهر نيوز الإيرانية أن جماعة من النواب المؤيدين للمرشد ولأحمدى نجاد أصدروا بيانا طالبوا فيه بإجراء تحقيق حول اعتداء قوات الأمن على السكن الجامعى لطلاب جامعة طهران. ووفقا لوكالة «مهر نيوز» الإيرانية الرسمية، فقد أصدرت جماعة «خط الإمام» فى المجلس الإيرانى بيانا أعربت فيه عن قلقها إزاء الهجوم الذى تعرّض له مبنى منامة الطلاب فى جامعة طهران. وجاء فى البيان الذى أصدره هؤلاء النوّاب المحافظون والمؤيّدون لأحمدى نجاد أن «الأخبار المؤسفة عن الأحداث فى منامة جامعة طهران تزعج أى شخص حر ووطنى». وكان رئيس المجلس التشريعى الإيرانى، على لاريجانى، أعلن أنه بصدد تشكيل لجنة تحقيق برلمانية فى الأحداث التى جرت فى أعقاب الإعلان عن نتائج الانتخابات من بينها هجوم رجال الأمن على الحرم الجامعى. لاريجانى أعلن أيضا أن نائبه حسن أبوترابى فرد سوف يرأس هذه اللجنة وطلب من اللجنة إعداد تقرير بشأن طريقة تصرف رجال الشرطة خلال تفريقهم للتظاهرات. ومن جانبه، رأى الرئيس نجاد أن إعادة انتخابه تشكل دليلا على ثقة الشعب بحكومته. وقال فى تصريح لوكالة الأنباء الإيرانية الطلابية إن «نتائج الانتخابات تؤكد أن عمل الحكومة التاسعة يقوم على النزاهة وخدمة الشعب» فى إشارة إلى ولايته الأولى (2005 2009). وأضاف «أيد 25 مليون شخص هذه الطريقة فى إدارة البلاد التى باتت راسخة».