20 قتيلا خلال شهر فى محافظة واحدة.. رقم سجلته محاضر الشرطة فى محافظة الجيزة، لقتلى لم يقتلهم سوى الرعونة والإهمال والعبث بالأسلحة النارية، دون سابق خبرة، لتكون النتيجة فى النهاية أن تستقر رصاصة أو أكثر فى جسد حامل السلاح أو آخر مرافق له، أو ذو حظ عاثر، قادته الصدفة ليكون فى مرمى «النيران العابثة». جاءت الثورة، ونتيجة لحالة «الهلع» التى أراد النظام السابق أن يبثها فى النفوس، عبر الانفلات الأمنى وإطلاق المساجين والمسجلين راح البعض يقبل على حيازة أسلحة، لا يعلم الكثيرون عن استعمالها شيئا، لتكون النتيجة فى النهاية، أعدادا متصاعدة من الضحايا.
محافظة الجيزة، تقف مثالا حيا على ما آلت إليه حالة الفوضى، إذ شيعت فى خلال الشهر الأخير، نحو 20 من أبنائها، كان أولهم حارس عقار فى منطقة عزبة البكباشى، الذى لقى حتفه، من جراء إصابته بطلق نارى خلال احتفال عدد من أنصار الرئيس المنتخب، محمد مرسى، بوصوله إلى رئاسة الجمهورية، الذين عبروا عن بهجتهم بإطلاق أعيرة نارية فى الهواء، استقرت إحداها فى جسده (حسبما قال أصدقاؤه)، وإن كانت التحريات التى قدمتها الشرطة، أفادت بأنه «أصيب بطلق خرطوش، من سلاح كان يحمله، أثناء عبث أحد أصدقائه بالسلاح».
وفى البدرشين لقى عامل فى مصنع طوب مصرعه، بعدما استقرت رصاصة فى عنقه، خرجت من طبنجة كان يحملها.
وفى حادث غريب إلى حد ما، اشتبه حارس أحد مستودعات البوتاجاز فى قرية طموة، فى سيارة كانت تطوف حول المستودع، فأطلق النار فى الهواء من بندقية آلية كانت بحوزته بقصد إرهاب من فيها، وإبعادهم عن محيط المستودع، وبالفعل ابتعدت السيارة، ليعود الحارس، ويضع السلاح إلى جواره، دون أن يلتفت إلى أن البندقية معدة للإطلاق، وما أن لمس الزناد، حتى استقرت رصاصة فى جسده، ليلقى حتفه فى الحال.
وعلى ذات الوتيرة، لفظ حلاق أنفاسه الأخيرة قبل وصوله إلى المستشفى، حيث حاولت أسرته أن تنقذه بعد إصابته برصاصة من سلاحه النارى، حيث أراد مجاملة أحد أصدقائه فى حفل زفافه بمركز أبوالنمرس من خلال إطلاق النار فى الهواء من فرد خرطوش كان بحوزته ابتهاجا بالعرس، وأثناء ذلك اهتزت يده فخرجت طلقة نارية طائشة استقرت فى جسده لترديه قتيلا.
وفى حادث مؤسف شهدته مدينة 6 أكتوبر مؤخرا، طلب عامل من زوجته فى شهر العسل، أن تلتقط له صورة وهو يحمل بندقية آلية، وأثناء ذلك خرجت طلقتان طائشتان من البندقية، استقرتا فى عين الزوجة التى لقيت مصرعها على الفور.
مصدر أمنى علق على هذه النوعية من الحوادث ل«الشروق»، وقال: «خوف المواطنين من المجهول فى ظل الأوضاع الأمنية المتردية التى شهدتها البلاد عقب الثورة، هو ما يدفع البعض إلى حيازة الأسلحة بطرق غير مشروعة، وحملها فى الأماكن العامة والمنازل دون أن يكون لديهم فى الغالب الحد الأدنى من خبرة التعامل معها أو التدرب عليها».
وأضاف: «أنواع الأسلحة المنتشرة فى الشارع المصرى الآن معظمها، إما محلية الصنع غير مؤمنة بوسائل التأمين الكافية، أو الأسلحة المهربة من البلاد الأجنبية التى يستلزم استخدامها قدرا عاليا من الدقة».
فيما قال مصدر قضائى: «المتهمون بالقتل الخطأ عبثا بالسلاح، توجه النيابة لهم تهم حيازة سلاح نارى دون ترخيص، وتتم إحالتهم بمقتضاها إلى محكمة الجنايات، كما توجه لهم جنحة القتل الخطأ التى تصل عقوبة الحبس فيها إلى 3 سنوات».