حظى خبر اختيار وزارة الثقافة البريطانية للكاتبة والروائية أهداف سويف للانضمام الى مجلس أمناء المتحف البريطانى بلندن باهتمام عالمى كبير، لاسيما وأن عضوية مجلس الأمناء تعد من أرفع مناصب المجتمع المدنى والخدمة العامة فى بريطانيا، حيث يقوم مجلس الأمناء بتقديم العون للمتحف ومراقبة جهازه الإدارى، للتأكد من أن المتحف يُدار فى كل تفاصيله للصالح العام ووفقا للائحته التى وُضعت عام 1753، والتى تنص على أن يكون المتحف موردا يساعد الناس من مختلف الأوطان على فهم عالمهم.
سنوات الطفولة
لم تستطع أهداف سويف، وهى تعلق على هذا الاختيار المهم ل«الشروق»، أن تتجاهل مشاعرها المبكرة حيال المتحف البريطانى الذى باتت واحدة من أفراد مجلس أمنائه «فى سنواتى الأولى فى لندن، وأنا بين الرابعة والسابعة من العمر، كان أبى وأمى كثيرا ما يصطحبونى إلى المتحف البريطانى ،كنت أحب، قاعات الفراعنة والفن الصينى، وطوابع البريد،وظل للمتحف عبر السنين مكان فى قلبى، كان به قاعة القراءة المستديرة الشهيرة، التابعة للمكتبة البريطانية قبل أن ينقلوا مقرها، وكانت أمى، فاطمة موسى، تؤم هذه القاعة تقريبا لحظة وصولها إلى لندن فى كل صيف، وكثيرا ما حددنا مكان لقائنا بعد العمل على بابها فى نهاية اليوم».
توعية سياسية وحضارية
انتقلت سويف من ذكريات طفولتها المرتبطة بالمتحف إلى بزوغ وعيها السياسى مع تقدمها فى العمر الذى جعل لديها تحفظات حيال المتحف وإدارته، إلى أن تولتها إدارة جديدة تزامنت مع العدوان على العراق «وجدت إدارة المتحف تأخذ موقفا محترما متحضرا إنسانيا، فأرسلت بعثات تتعاون مع مديرى المتاحف والمكتبات فى العراق وتضع نفسها تحت إمرتهم، وأقامت معارض ضخمة فى المتحف استعملت فيها بالطبع ما آل إلى المتحف من منهوبات الإمبراطورية القديمة لكنها استعملته أحسن استعمال، فأبرزت الحضارة والثقافة العراقية، وربطت القديم بالجديد، وسجلت عنف وبلطجة السياسات الغربية نحو العراق، فضربت مثلا للدور التوعوى السياسى المهم الذى تستطيع أن تقوم به مؤسسة ثقافية ذات قيادة ممتازة مهنيا وشجاعة أخلاقيا، وظل المتحف على هذا فى المعارض التى أقامها حول أفغانستان، وإيران، ومصر».
السياحة المصرية
ترى الروائية العالمية أن رئيس المتحف، نيل ماجريجور، له رؤية لرسالة المتحف، وهى رؤية نجحت فى اجتذاب 6 ملايين زائر سنويا إلى المتحف تحت إدارته، وساعدته فى التخلص من عجز فى الميزانية ورثه عند توليه المنصب فى عام 2002، وصل الى 5 ملايين استرلينى. ويؤمن ماجريجور أن المتحف البريطانى أسس ليستفيد منه العالم أجمع، وهو يعمل للعودة بالمتحف الى المبادئ التى أقرها له البرلمان البريطانى عند تأسيسه عام 1735 وهى «للزائر أن يتأمل العلاقات الدولية، والأوضاع السياسية، من خلال ما يراه من معروضات قديمة وحديثة»، وأن يساعد رواده على «فهم العالم من خلال الماضى ومن خلال ما يحدث الآن».
وتضيف سويف «لهذا كله، حين فاتحنى رئيس المتحف، فى إمكانية انضمامى إلى مجلس الأمناء، رحبت بالفكرة، وقلت أن توجه المتحف اليوم هو توجه أحترمه، وأن هذا المنصب ربما يمثل فرصة لى لتقديم الخدمة العامة فى مؤسسة تمثل ذلك الجزء من الثقافة البريطانية الذى أدين له فى عملى الكتابى، كما أننى أؤمن بوظيفة الفرد كحلقة وصل بين تيارات وثقافات ومشروعات، وقلت فى نفسى أننا فى مصر الثورة (كان هذا فى الصيف الماضى) ربما اتجهنا إلى احترام آثارنا أكثر، والعناية بها أكثر، وربما كان مما يفيد الآثار والسياحة فى مصر أن يكون لها من يمثلها فى داخل صرح ثقافى غربى عظيم يتلمس طريقا جديدا فى عالم جديد».