دق جرس الهاتف فى الغرفة الرئيسية لخط نجدة الطفل 16000 بمقر المجلس القومى للطفولة والأمومة، ليأتى صوت مرتعش لفتاة شابة من قرية أبوعزيز التابعة لمركز مطاى بمحافظة المنيا، تبلغ عن قافلة طبية تعلن عن أن خدماتها ستتضمن إجراء ختان للإناث. بلاغ استغاثة لم يكن الأول من نوعه منذ تجريم هذه العادة فى 2008 وقبلها، لكن البلاغ ما لبث أن تحول إلى معركة سياسية، بعد أن ذكرت الفتاة أن القافلة الطبية تتبع حزب الحرية والعدالة، لتتصاعد المعركة بعد مطالبة نائب سلفى فى مجلس الشعب بإلغاء تجريم ختان الإناث والسماح بإجرائه فى المستشفيات.
دخل فى المعركة برلمانيون آخرون يؤيدون الختان، وأحزاب سياسية تقف على الجانب الآخر، وتصاعد رنين خط نجدة الطفل من أمهات وآباء مرتبكين، يسألون عما حدث، وما إذا كان عليهم إجراء الختان لبناتهم خلال موسم الصيف.
وكما هى العادة.. السياسة أو وفاة طفلة تفتح قضية الختان المسكوت عنها.
قبل عام ونصف تقريبا كشف بلاغ وصل إلى خط نجدة الطفل من طبيبة بمديرية الصحة بالمنوفية، عن وفاة الطفلة نرمين الحداد، 13 سنة، أثناء إخضاعها للختان فى عيادة طبيبة أخرى بقرية الخطاطبة، وتكتم الأهل لاخفاء الجريمة ودفنت الطفلة دون شهادة وفاة.
الطبيبة المبلغة هى مارسيل لويس وهبة، مدير الإدارة الصحية بمدينة السادات بمحافظة المنوفية.
«مافيش حاجة اتغيرت بعد الثورة زى ما كان زمان، ناس كتير خايفة من أن الختان يرجع تانى، لكن برضه ده بالنسبة للمدينة تقصد شبين الكوم لكن ماحدش بيعرف إيه اللى بيحصل فى القرى، حتى فى حالات الوفاة بسبب الختان، الصدفة بس هى اللى بتخلينا نعرفها».
الصدفة قادت مارسيل للجريمة.
«كنت أتحدث مع ممرضة تعمل معنا بالإدارة، فقالت لى إنها سمعت بوفاة طفلة من الخطاطبة على يد الطبيبة فتحية أثناء الختان، وبعد قليل جاءتنى ممرضة أخرى مصطحبة ابنتها، وتسكن بالخطاطبة نفسها، فسألتها عن الواقعة فنفت، إلا أن ابنتها انطلقت بعفوية قائلة: أيوه حصل والبنت معايا فى المدرسة واسمها نرمين الحداد فى ثالثة إعدادى».
بعد حقنة الفاليوم
تكمل: شعرت وقتها أن الله أنطق الفتاة بشهادة الحق، وإنها رسالة لى من الله ألا أترك الأمر يمر دون تحقيق، أو دون أن أصل للحقيقة، وظل صوت الفتاة فى أذنى طوال الوقت، يذكرنى بواجبى، وشجعنى زوجى أن أسير وراء الخيط.
متابعة الأمر ضمن مهام عمل مارسيل.
«مهمتى هى المشرفة على عمل الوحدات الصحية التابعة للإدارة، فى مجال الخدمات المقدمة للأمهات أثناء الحمل وبعد الولادة، وتقصى أسباب وفيات الإناث فى المرحلة العمرية من 15 45 سنة، فإذا لم تكن الوفاة بسبب حادثة أو مرض سابق، فيكون عليها أن تذهب لأهلها أو إلى المستشفى الذى توفيت فيها لتسأل عن سبب الوفاة».
اتصلت مارسيل بطبيب الوحدة الصحية سعد شوقى، وطلبت الاطلاع على شهادة وفاة الفتاة، فقال إنه لم يكتب شهادة الوفاة، وإنه ربما توفيت خارج القرية واستخرج أهلها شهادة الوفاة من المنطقة التى توفيت بها.
هنا شعرت مارسيل أن فى الأمر شيئا فهددته بالإبلاغ عن الواقعة إذا لم تظهر الشهادة.
فى اليوم التالى قال لها طبيب الوحدة إنه لم يجد أهل الفتاة وأنه أبلغ العمدة وقسم الشرطة بالواقعة.
لكن أهل القرية حذروا طبيب الوحدة من إبلاغ النيابة عن الطبيبة، لأنه قد لا يستطيع إثباب الواقعة فترفع الدكتورة فتحية دعوى قضائية ضده وتكسبها.
فما كان من مارسيل إلا أن أبلغت مديرية الصحة بشبين الكوم ووزارة الصحة، وبالفعل جاءت لجنة تقصى من الوزارة للقرية وسألوا الأهالى، فأكدوا لهم أنها توفيت فى القاهرة، ونسجوا قصة أنها كانت مريضة بمرض معين وتسبب فى وفاتها، وأن شهادة وفاة الفتاة مع والدها، وهو مسافر خارج البلاد.
زادت شكوك مارسيل، وخوفها من أن تموت الحقيقة مع الفتاة المدفونة، فاتصلت بخط نجدة الطفل، وهنا وصل البلاغ للنائب العام، فأرسل وكيل نيابة للقرية، لتعترف الدكتورة فتحية أخيرا بأن الفتاة توفيت بعد أن أعطتها «حقنة فاليوم»، قبل أن تجرى لها الختان.
هذا الألم النفسى
حالت الطبيبة فتحية ليست استثناء فيمن يمارسون هذه العادة الآن، فالتوعية الصحية، جعلت الأهل المؤيدين للختان يلجأون للأطباء بدلا من الممارسين الصحيين.
وهو ما تؤكده بيانات المسح الصحى السكانى الذى صدر عام 2008، الذى كشف عن ارتفاع نسبة ممارسة الفريق الطبى «طبيب أو ممرضة» لختان الإناث المجرم بالقانون إلى 77% من عدد الممارسات التى تجرى للفتيات، بينما كانت نفس النسبة عام 1995 لا تتجاوز 55% فقط، و17% عام 1997، وهو ما أسماه البعض بظاهرة (تطبيب الختان).
يحدث هذا فى الوقت الذى لا تدرس فيه أى كلية من كليات الطب فى مصر هذه العادة، لأنها ممارسة غير طبية.
«الكثير من هذه الممارسات تمضى دون أن تحدث وفيات للفتيات، لكن أحدا لا يعرف مدى الألم النفسى والإحساس بالخزى الذى تشعر به الفتاة حتى إن أجريت لها هذه العادة على يد طبيب أو طبيبة».
تعلق مارسيل بأسف، «بعد كل هذا كانت النتيجة جزاء إدارى بالخصم خمسة شهور من راتب الطبيبة فتحية»، رغم أنها تسببت فى وفاة الطفلة سواء بسبب المخدر أو أثناء الختان، لكن محاميا كبيرا كان يدافع عن فتحية.
الختان لم يتوقف
«اتعلمنا من شغلنا إن كل شائعة وراها جزء حقيقة» قالتها ماجدة نجيب مديرة جمعية الحياة الأفضل، التى تعمل فى مناهضة ختان الإناث فى قرى شرق النيلبالمنيا.
«بعد أن انتشر أمر القافلة الطبية للحرية والعدالة، نزلنا قرية أبوعزيز رغم أنها ليست ضمن القرى التى نعمل فيها، لكن لم نصل لمعلومة مؤكدة تنفى أو تؤكد وقوع ختان للإناث فى القرية».
«ختان البنات لم يتوقف لا قبل الثورة ولا بعدها، والبنات يأتين لفصول الجمعية، ليحكين باكيات خضوعهن للختان فجأة، على يد داية من خارج القرية، ولا نملك وقتها سوى تهدئتهن، ومطالبتهن بأن يوعين زميلاتهن حتى لا يتعرضن للممارسة».
تكمل ماجدة: نبلغ مديرية الصحة وخط نجدة الطفل عن كل هذه الحالات، لكن القانون فيه فجوات، ولا نصل لشىء، لأنه من غير المعقول أن نثبت الواقعة عن طريق الكشف على الفتاة، لأن هذا يعتبر هتك عرض، ويكفى ما تعرضت له.
فيفيان فؤاد، مديرة برنامج تمكين الأسرة بالمجلس القومى للسكان، تؤكد صعوبة توقيع العقوبة على الأطباء الممارسين للعادة فى الخفاء، حتى فى حالة الإبلاغ عنهم عن طريق خط نجدة الطفل، لأن تطبيق القانون يقتضى الإمساك بالواقعة فى حالة تلبس، وليس من حق مشرفى العلاج الحر اقتحام البيوت إلا بإذن مسبق من النيابة.
وتكمل «قبل الثورة كنا قد مضينا فى تفعيل نص آخر فى قانون الطفل يعاقب من يعرض الطفل للخطر، ليمكن لجهات التحقيق اتخاذ الإجراءات اللازمة عند الإبلاغ عن عيادات أو أطباء يمارسون هذه العادة».
ختان الحرية والعدالة
عقب بلاغ خط نجدة الطفل عن قرية أبوعزيز اتصل مقرر المجلس القومى للسكان الدكتور عاطف الشيتانى، بمديرية الصحة بالمنيا للتثبت من البلاغ، وبالفعل تحققت المديرية من وجود القافلة، ومن إعلانات تقديم خدمة ختان الإناث.
وأعلن مساعد وزير الصحة عبدالحميد أباظة أنه سيقدم تفاصيل الواقعة فى بلاغ للنائب العام، لأن ختان الإناث مجرّم قانونا، وبأنه سيحيل الأطباء الذين سيثبت إجراؤهم تلك الممارسة للفتيات، إلى التحقيق بنقابة الأطباء، وإلى الشئون القانونية بوزارة الصحة.
لكن مسئول القافلة نفى إجراء القافلة للختان لأنه مجرّم، ناسبا لافتات الإعلان عنه لأهل القرية.
وهنا أعلن الحزب عبر موقعه على الانترنت أن القافلة كانت تحت إشراف وزارة الصحة، وشارك فيها مدير الإدارة الصحية بمطاى، فضلا عن نائب رئيس مجلس المدينة وأحد أعضاء الوحدة المحلية.
ونفى النائب حسين إبراهيم زعيم الأغلبية بمجلس الشعب ورئيس الهيئة البرلمانية للحرية والعدالة علاقة قافلة حزبه بالختان.
وبرر النائب الإخوانى محمد حسن عارف أن الحديث عن القافلة والختان «حملة إعلامية موجهة ضد الحرية والعدالة ولجميع أنشطته».
ودخل فى المعركة أحزاب أخرى، فنظم الحزب المصرى الديمقراطى قافلة طبية لقرية البرشا التابعة لمركز ملوى بالمنيا، لتتضمن خدماتها الطبية التوعية ضد ختان الإناث، وأصدر الحزب بيانا رفض فيه تصريح إحدى النائبات فى البرلمان من حزب الحرية والعدالة، تدافع فيه عن ختان الإناث، الذى تراه «مكرمة» للنساء.
انتقلت المعركة للبرلمان بعد تقدم النائب عن السلفى عن حزب النور ناصر شاكر بطلب بإلغاء تجريم ختان إناث، والسماح بإجرائه داخل المستشفيات وتحت إشراف الأطباء، ليصبح نص المادة «لا يجوز إجراء ختان الإناث خارج المستشفيات ودون استشارة طبيبة مختصة تفيد بحاجة الأنثى إلى ذلك، ويعاقب تأديبيا كل من خالف أحكام هذه المادة».
وقال شاكر أمام لجنة الاقتراحات فى مجلس الشعب إن «المواد المراد تعديلها تأتى ضمن مواد سيئة السمعة، أُدرجت فى العهد البائد الذى لم يكن يراعى قيما ولا دينا، وكانت مرجعية تلك القوانين أجندات خارجية كان ينفذها النظام مع موجة عولمة القوانين، التى كانت تعانى منها مصر قبل الثورة».
وربط النائب بين تعديله وبين الشريعة الإسلامية قائلا «تعديل المادة يأتى تفعيلا للمادة الثانية من الدستور، التى تنص على أن الشريعة هى مصدر السلطات، وأن تجريم الختان مخالفة للشريعة وقواعدها الكلية».
عاصفة فى البرلمان
ورغم نفى يسرى حماد المتحدث باسم حزب النور أن يكون الحزب قد تقدم بطلب إلغاء قانون التجريم، وأن النائب قدمه بصفة شخصية، فقد أعلنت لجنة المرأة فى الحزب المصرى الديمقراطى أنها لن تصمت على محاولات إقرار قوانين ضد حقوق المرأة، وأنها ستشكل جبهة مع منظمات المجتمع المدنى والجمعيات النسوية وحقوق الإنسان لمعارضة تلك القوانين، وتنظيم وقفات احتجاجية ومسيرات واعتصامات، ورفع دعاوى قضائية للحيلولة ضد صدور هذه القوانين.
وأصدر المجلس القومى للسكان ونحو 27 جمعية أهلية عاملة فى مجال حقوق المرأة بيانا، للتحذير من محاولة أعضاء بمجلس الشعب إصدار قانون يقنن ختان الإناث فى المستشفيات، بالمخالفة للمادة 242 من قانون العقوبات، التى تعاقب كل من يمارسه بالحبس والغرامة.
وأوضح البيان أن القانون استند إلى مواقف الهيئات الوطنية الطبية والدينية والقانونية، تؤكد أن ختان الإناث قطع لأعضاء سليمة من جسد المرأة، مما يفقدها الكثير من الوظائف الحيوية طوال حياتها، وأنه ليس ممارسة طبية، ولا يدرس فى أى كلية طب.
وأشار البيان إلى أن القانون لا يعود إلى النظام السابق، وإنما يستند إلى قرار وزير الصحة لعام 1959 بمنع إجرائه فى المستشفيات، وتوالى القرارات بعد ذلك بمنع الأطباء أو غيرهم من ممارسته، وأن من واجب برلمان الثورة الحفاظ على حقوق المصريين فى الكرامة الإنسانية، لاسيما كرامة الطفلة وحمايتها، وتقديم المعلومات العلمية والتاريخية والدينية الصحيحة عن حقيقة هذه العادة.
اهتمام مجلس الشعب بهذا القانون وغيره من قوانين الأسرة الآن، فى رأى المحلل السياسى نبيل عبدالفتاح، يتعلق بمحاولة أصحاب التيار الدينى المتشدد السيطرة على المجتمع والدولة، عبر إعادة النظر فى تشريعات أعطت بعض الحقوق للمرأة استنادا للشريعة الإسلامية والاتفاقية الدولية لمنع التمييز ضد المرأة التى صدقت عليها مصر، بغض النظر عن تحفظها على بعض بنودها، بل إن النخبة والدولة المصرية لعبت دورا فى إعداد الاتفاقية على المستوى العالمى.
ويلفت نبيل النظر إلى أن محاولة هذا التيار اسناد هذه القوانين لسوزان مبارك يهدف لإيجاد كراهية اضافية لهذه القوانين، بالإضافة إلى استنادهم إلى فقه دينى كان يعبر عن مجموعة مصالح سياسية واجتماعية وذكورية، ليعصفوا بكل الدور الإصلاحى الذى لعبته النخبة المصرية، وبكفاح المرأة المصرية، فى الوقت الذى لا يتحدثون فيه عن حقوق المرأة الصحية والرعاية الاجتماعية للسيدات الفقيرات والأميات والمعيلات لأسرهن.
على شاشة التليفزيون الأمريكى
تمارس عادة الختان فى 26 دولة أغلبها فى أفريقيا، فى الوقت الذى لا تعرفها دول إسلامية مثل السعودية وإيران، والمشرق العربى ودول الاتحاد المغاربى.
وتعود أول دعوة طبية للتخلى عنها فى مصر إلى على باشا إبراهيم أحد رواد الطب فى مصر عام 1928، وطوال القرن العشرين، استمرت الجهود الطوعية ضد الختان.
وفى عام 1994، استضافت مصر مؤتمر الأممالمتحدة للصحة والسكان، حين صرح الرئيس السابق حسنى مبارك فى مقابلة له مع قناة تليفزيونية أمريكية أن الختان عادة اختفت من مصر تقريبا.
وعلى الفور، وبالتزامن مع فاعليات المؤتمر، الذى حضره المئات من المسئولين والنشطاء والمختصين من جميع أنحاء العالم، بثت قناة سى إن إن الإخبارية الأمريكية، فليما وثائقيا لعملية ختان فتاة مصرية على يد حلاق صحة.
انقسم المصريون، ما بين مندد بالقناة الأمريكية معتبرا الفيلم وتوقيت بثه مؤامرة تهدف لإحراج مصر، بينما اعتبره آخرون فرصة لإجراءات إصلاحات اجتماعية حان وقتها.
المعركة بين مؤيدى إجراء الختان والمعارضين لم تكن بين من هم خارج الحكومة، وبين المنظمات غير الحكومية وقتها، بل كان الصراع ولا يزال داخل الحكومة نفسها.
ظهر هذا فى القرارات المتضاربة التى أصدرها وزراء الصحة فيما بعد، فبعد عامين فقط من ضجة السى إن إن 1994، أصدر وزير الصحة إسماعيل سلام قرارا بمنع ممارسة ختان الإناث فى المنشآت الطبية العامة والخاصة.
لكن الضغوط وضعت ثغرة فى القرار تستثنى الحالات التى يحددها رئيس قسم أمراض النساء بالمستشفى، لتكون المبرر لإجراء الختان داخل المستشفيات.
ورغم هذا طعن على هذا القرار بعض القوى الدينية أمام محكمة القضاء الإدارى، التى ألغت القرار فى أول درجة.
وأمام الإدارية العليا طعن الوزير على الحكم، واستطاع محاميه المرشح الحالى للرئاسة محمد سليم العوا أن يلغى الحكم السابق، ويؤيد قرار الوزير بحكم المحكمة، استنادا إلى دراسة طبية وشرعية.
ورغم تبنى المجلس القومى للطفولة والأمومة منذ 2003 لمناهضة هذه العادة، ظل بعض العاملين فيه مؤيدين للممارسة، ولم يستطع المجلس استصدار قانون بتجريمه إلا بعد وفاة الطفلة بدور، ابنة المنيا فى 2007.
وفى 2008 تم تعديل قانون الطفل وأدرجت مادة بقانون العقوبات تجرم لأول مرة بنص صريح ختان الإناث. المادة تعاقب بالغرامة أو الحبس من يمارسه، سواء كان من الأطباء أو غيرهم.
بطريقة شعبية «مؤذية وضارة»
عندما اشتد الصراع الفقهى حول الختان، طلبت الدولة رأى المؤسستين الدينيتين الأزهر والكنيسة، باعتبارهما مرجعا دينيا للمصريين.
وكان شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوى قد أفتى أنه بالنسبة للنساء «لا يوجد نص شرعى صحيح يحتج به على ختانهن»، معتبرا أنه مجرد «عادة انتشرت فى مصر من جيل لآخر، وتوشك أن تنقرض بين جميع الطبقات، لا سيما طبقات المثقفين».
وفى العام 2007، صدرت فتوى من دار الإفتاء، وأخرى من مجمع البحوث الإسلامية.
وبيان دار الإفتاء اعتبر ختان الإناث «من قبيل العادات وليست من الشعائر»، وأنها تمارس شعبيا بطريقة مؤذية وضارة، ما يجعلها فى منزلة «الحرام شرعا».
أما مجمع البحوث الإسلامية، فقد «أجمع أعضاؤه» على أنه «ليس هناك أصل من أصول التشريع الإسلامى أو أحكامه الجزئية يجعل من هذه العادة أمرا مطلوبا بأى وجه من أوجه الطلب».
ومن خارج المؤسسة الرسمية، اعتبر الدكتور يوسف القرضاوى، أن الختان مباح أن «المباحات يمكن أن تمنع إذا ترتب على استعمالها ضرر، بناء على قاعدة لا ضرر ولا ضرار».
العفة تنبع من القلب يرى كثير من رجال الكنيسة الأرثوذكسية أن الختان عادة اجتماعية ليس لها سند من الدين المسيحى.
وفى بحث قدمه الأنبا هدرا أسقف أسوان ورئيس دير الأنبا باخوميوس بإدفو، بعنوان الكنيسة وختان الإناث، قال إن هذه العادة «لا صلة لها بالعفة أو الطهارة أو أى مفهوم روحى أو سند من الكتاب المقدس أو أقوال الآباء».
وتابع الأنبا هدرا أن «عادة ختان الإناث مرفوضة فى المسيحية لأن حياة الطهارة والعفة والتقوى للإنسان المتدين تنبع من قلبه النقى ولا تفرض عليه بعملية تشوه ما صنعه الله بحكمة تفوق فهم البشر، لأن على الإنسان أن يصون جسده ويحفظه ويرعاه بحكمة». وأضاف فى حكمه النهائى أنه أمام هذه العظمة الإلهية (فى خلق الإنسان على أكمل وجه وصورة)، فإن «ختان الإناث ضد إرادة الله، بل تجاسر وتعد على المشيئة الإلهية فى خلق كل عضو فى جسد الإنسان».