«ارتدى نظارته الفخمة كالعادة وبدا فى حالة من اللامبالاة.. آثار السن ظهرت عليه هذه المرة، أكثر من المرات السابقة.. مع فقدانه للكثير من وزنه.. لم يكن متفاعلا مع من حوله ولم تبد على وجهه أية مشاعر»، هكذا ظهر حسنى مبارك، الرئيس المخلوع أمس، فى جلسة النطق بالحكم فى قضية قتل المتظاهرين، بحسب تحليل الدكتور محمد المهدى، أستاذ الطب النفسى. وقال المهدى ل«الشروق» إن «مشاعر الحزن بدأت تظهر على مبارك فى وسط الجلسة، وآخرها، بعد سماع مقدمة الحكم، التى نزلت عليه وكأنها أصابت تاريخه فى مقتل وأدانت فترة حكمه، وظهرت على وجهه علامات الاكتئاب التى ترجمها نزول طرفى شفتيه للأسفل».
«كان طوال الوقت فى حالة سكون دائم لا يتحرك كثيرا يمسح وجهه وهذه الحركة لا تحدث إلا عندما يكون الإنسان قلقا ومتوترا»، هكذا أضاف المهدى.
وانتقل لوصف حالة جمال وعلاء داخل القفص، قائلا «كانا كالعادة يحاولان إخفاء والدهما عن الكاميرات، ووقت الحكم لم تظهر عليهما أى استجابة سوى نظرة حزن ممتزجة باللامبالاة، ولم تظهر عليهما آثار المفاجأة من الحكم على والدهما ولا الفرحة ببراءتهما».
«علاء» كما وصفه المهدى «بدا عليه القلق من الحركة الكثيرة»، أما جمال «فبدا فى بداية الجلسة متعاليا متعجرفا، لكن حركات جسده وتشبيكه ليديه أظهرت قلقه الداخلى، ردة فعلهما على الحكم على والدهما والحكم ببراءتهما كانت واحدة». أما العادلى «فعند دخوله لقاعة المحكمة كان فى حالة ثقة عالية فى نفسه بدت فى مشيته الرياضية، وحين جلس بدا على وجهه علامات التفكير العميق الذى لم يظهر عليه قبل ذلك» يقول المهدى. «حبيب بطبيعته رجل متمرس فى العمل الأمنى وتعوّد أن يكون متماسكا يخفى مشاعره وانفعالاته، والعلامة الوحيدة التى أظهرت قلقه هو أنه كان يرمش كثيرا، ومع ذلك لم تظهر عليه المفاجأة بالحكم، وذلك ربما لأنه كان يعرفه مسبقا أو لأنه أخف مما كان يتوقعه». إسماعيل الشاعر بدا على وجهه الحزن العميق فى بداية الجلسة، ولكن عند النطق بالحكم لم تظهر عليه علامات الفرحة التى كان من المتوقع أن تظهر عليه، فى حين بدت علامات السعادة على كل من عمر الفرماوى وأسامة المراسى بمجرد سماعهما حكم براءتهما. المهدى أشار فى تحليله كذلك إلى مقدمة المستشار أحمد رفعت وقال «المقدمة أوحت فى البداية أنه ستكون هناك إدانة كبيرة جدا للمتهمين، لأنه تحدث فيها عن الظلام الحالك الذى عاشه المصريون فى ال30 عاما الماضية، وأعلت من قيمة الثورة، وأعطتها مشروعية، وأعلت من قيمة المصريين الذين شاركوا فيها، كما أنها وصمت النظام السابق بكل أوصاف الظلم والفساد والبغى». إلا أن تلك المقدمة بكل ما حوته من إدانة وعبارة «ماضى أسود أسود أسود عمره 30 عاما»، لم تنم عما شمله الحكم بحسب المهدى، الذى أكد أن «الحكم لم يكن متناغما مع هذه المقدمة، فهو أطاح برأس النظام مبارك والعادلى، لكنه حمل البراءة لجسد النظام ممثلا فى أبناء مبارك ومساعديه، وهو نفس ما حدث بعد الثورة التى أطاحت برأس النظام، ليظل النظام نفسه».