مرت أمس الخميس، الذكرى الثانية لمجزرة "أسطول الحرية" التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق عشرات المتضامنين من شتى أنحاء العالم، جاءوا لكسر الحصار عن قطاع غزة، بهدوء دون أن يذكرها أحد باستثناء احتفاليات محدودة لإحياء الذكرى في فلسطين، وتصريحات لوزير الزراعة في حكومة حماس المقالة.
المجزرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في 31 مايو لعام 2010، بحق المتضامنين مع الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة، لا زالت حاضرة في قلوب وعقول كل الفلسطينيين، فالاحتلال الإسرائيلي لم يتوقف يومًا عن ارتكاب أبشع الجرائم والمجازر بحق شعبنا الفلسطيني، وهذه المجزرة لا تختلف عن مجزرة "دير ياسين"، و"تل الزعتر"، و"كفر قاسم".
ففي مثل هذا اليوم، هاجمت قوات "الكوماندوز" الإسرائيلية سفينة "مرمرة" التركية في عرض البحر قبالة شواطئ غزة، حيث كانت تضم السفينة مئات المتضامنين من شتى أنحاء العالم جاؤوا لكسر الحصار عن قطاع غزة، فمنعتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي وهاجمتهم في عرض البحر بنيران أسلحتها، وقتلت تسعة متضامنين أتراك وأصابت العشرات، واحتجزت كل ركاب السفينة في مراكز توقيف لتفرج عنهم لاحقًا بعد أن صُدم العالم أجمع ببشاعة المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق متضامنين مسالمين.
إن شعب فلسطين لن ينسى يومًا أن هناك أحرارًا من العالم أجمع سلكوا كل طريق ووسيلة من أجل التضامن مع الرازحين تحت الاحتلال والحصار الإسرائيلي الغاشم، جاؤوا يساندونه في نضاله ضد المحتل لنيل حقوقه المشروعة بالحرية والعودة والاستقلال وبناء دولته الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس العربية، جاؤوا لكي يفضحوا جرائم الاحتلال الإسرائيلي ويثبتوا لدولهم وحكوماتهم أن هذا المحتل الذي يدعي أنه أساس الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط، ما هو إلا كيان عنصري تجرد من كل معاني الأخلاق والإنسانية، وأنه قد حان الوقت ليكتشف العالم أجمع زيف وكذب إعلامهم المضلل الذي يحاول أن يساوي بين الجلاد والضحية.
ولازالت قضية مجزرة أسطول الحرية "مافي مرمرة" تشهد تحركات ساخنة بين الاحتلال وتركيا حتى الوقت الحاضر. فقد رفضت تركيا قبل حوالي أسبوع اقتراحًا إسرائيليًا بدفع 6 ملايين دولار لعائلات القتلى والمصابين الأتراك الذين كانوا على متن السفينة، استنادًا إلى الدعاوى المقدمة ضد الجيش الإسرائيلي.
وفي الوقت الذي قدمت فيها إسرائيل هذا الاقتراح لتركيا قامت النيابة التركية بشكل رسمي بتقديم لوائح اتهام إلى المحكمة العليا في اسطنبول، ضد عدد من كبار الضباط السابقين في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في إطار مشاركتهم في عملية اقتحام السفينة التركية "مرمرة" وقتل تسعة متضامنين أتراك خلالها.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، فإن اللائحة استهدفت عدة شخصيات إسرائيلية تعتبرها مسئولة بشكل مباشر عن أحداث مرمرة، في مقدمتهم رئيس الأركان الإسرائيلي السابق غابي أشكنازي، كما تضمنت قائد سلاح البحرية السابق العيزر ماروم، ورئيس هيئة الاستخبارات السابق عاموس يادلين.
ورداً على تقديم تركيا لوائح اتهام بحق كبار ضباط جيش الاحتلال، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي- افيغدور ليبرمان، دول الاتحاد الأوروبي عدم التعاون مع ما أسماه "الاستفزاز التركي ضد إسرائيل" بما يتعلق بلوائح الاتهام المقدمة ضد ضباط الجيش الإسرائيلي بتهمة ارتكاب مذبحة في سفينة مرمرة.
مجزرة "مافي مرمرة" جدير بالذكر، أن مجزرة أسطول الحرية وقعت بعد أن قامت قوات الاحتلال الإسرائيلية بعملية عسكرية أطلقت عليها عملية "نسيم البحر" أو عملية "رياح السماء"، مستهدفةً بها نشطاء سلام على متن قوارب تابعة لأسطول الحرية، حيث اقتحمت قوات خاصة تابعة للبحرية الإسرائيلية كبرى سفن القافلة "مافي مرمرة" التي تحمل 581 متضامنًا من حركة "غزة الحرة" -معظمهم من الأتراك- داخل المياه الدولية، ونفذت هذه العملية باستخدام الرصاص الحي والغاز، أسفرت عن مقتل 9 متضامنين أجانب إضافة إلى إصابة العشرات.
أسطول الحرية ويشار إلى أن أسطول الحرية هو مجموعة من ست سفن، تضم ثلاث سفن تركية، وسفينتين من بريطانيا، بالإضافة إلى سفينة مشتركة بين كل من اليونان وأيرلندا والجزائر والكويت، تحمل على متنها مواد إغاثة ومساعدات إنسانية، بالإضافة إلى نحو 750 ناشطًا حقوقيًا وسياسيًا، بينهم صحفيون يمثلون وسائل إعلام دولية.
وقد قامت جمعيات وأشخاص معارضين للحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ العام 2007، ومتعاطفين مع شعبه بتجهيز القافلة وتسييرها، وفي مقدمة المنظمين لرحلة أسطول الحرية مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية.
وانطلق أسطول السفن من موانئ لدول مختلفة في جنوب أوروبا وتركيا، وكانت نقطة التقائها قبالة مدينة ليماسول في جنوب قبرص، قبل أن تتوجه إلى القطاع مباشرة. انطلق الأسطول باتجاه قطاع غزة في 29 مايو 2010، محملاً بعشرة آلاف طن من التجهيزات والمساعدات، والمئات من الناشطين الساعين لكسر الحصار، الذي قد بلغ عامه الثالث على التوالي.
المجزرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في 31 مايو لعام 2010، بحق المتضامنين مع الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة