أكد محمد عمرو وزير الخارجية أن ثورة يناير أسفرت عن تغييرات جذرية - لا رجعة فيها - في مختلف مناحي الحياة المصرية وعززت قدرة مصر على الاضطلاع بدورها التاريخي على صعيد السياسة الخارجية، بما في ذلك دورها في مختلف المحافل الدولية وفي مقدمتها حركة عدم الإنحياز، التي تشرف مصر برئاستها منذ يوليو 2009 ، وحظت بدعمها في خطاها نحو مستقبل مشرق واثق يقوم على الحرية والمساواة والعدالة. وعبر الوزير - في كلمة مصر أمام الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري لمكتب تنسيق حركة عدم الإنحياز المنعقد حاليا في شرم الشيخ - عن سعادته بأن يكون هذا المؤتمر الهام أول حدث دولي رفيع المستوى يقام على أرض مصر بعد ثورة 25 يناير المجيدة، والتي خرجت فيها جماهير شعبها - وفي طليعتهم الشباب - مطالبة بالتغيير السلمي من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وكان للجماهير ما أرادت .. واستطاعت أن تفرض كلمتها، حيث وقفت قواتها المسلحة إلى جانبها، على نحو اتسق مع مبادىء هذه المؤسسة الوطنية العريقة.
وفند الوزير ما يردده البعض من تشكيك في مبررات استمرار حركة عدم الانحياز بعد انتهاء الحرب الباردة، مشيرا إلى أن احتفالية الذكرى الخمسين لتأسيس الحركة التي عقدت في بالي بأندونيسيا في مايو الماضي أعادت إلى الأذهان أن إنشاء الحركة غير إلى حد كبير من بنية النظام الدولي في أعقاب الحرب العالمية الثانية ، وأعاد التوازن إلى موازين القوى العالمية ، كما أكدت السنوات الأخيرة أن الحركة ما زالت لاعبا دوليا مؤثرا في المحافل الدولية، وخاصة في الأممالمتحدة، ولعل خير تعبير عن تنامي وازدهار الحركة ارتفاع عدد أعضائها باضطراد ليصل إلى 120 دولة يجمع بينها العديد من الرؤى المتماثلة في التعامل مع التحديات المشتركة.
كما أكد الوزير أن مصر سعت، خلال رئاستها للحركة في السنوات الثلاث الماضية، إلى تنسيق وتفعيل ذلك الدور وتحويل تلك الرؤى إلى واقع عملي. وأكد محمد عمرو وزير الخارجية حرص مصر على توجيه جهودها نحو التنفيذ الفعال لما ورد في وثيقة وإعلان قمة شرم الشيخ ، وذلك بالتنسيق مع ترويكا حركة عدم الانحياز ورؤساء مجموعات العمل المختلفة سواء من خلال مكتب تنسيق الحركة في نيويورك أو من خلال فروع الحركة في كل من جنيف وفيينا وباريس ولاهاي وغيرها، بالإضافة إلى الاستمرار في التعاون والتنسيق مع مجموعة ال77 والصين في إطار لجنة التنسيق المشتركة.
ودعا الوزير إلى البناء على الدور المحوري الذي اضطلعت به الحركة في إنشاء عدد من الأجهزة الهامة في إطار الأممالمتحدة كمجلس حقوق الإنسان ولجنة بناء السلام، ومؤخرا جهاز الأممالمتحدة للمرأة. واقترح أن تنظر الدول الأعضاء في الحركة في التقدم بمبادرة جديدة لإنشاء جهاز تابع للأمم المتحدة يخصص لموضوعات الشباب على غرار منظمة الأممالمتحدة للمرأة ، بحيث يكون معنيا بالتعامل مع التحديات التي يواجهها الشباب في عالمنا اليوم.
وأكد الوزير فى كلمته أن هذا الإصلاح لن يتحقق إلا من خلال توسيع وإصلاح مجلس الأمن وجعله أكثر تمثيلا وديمقراطية وشفافية ، وكذا تفعيل دور الجمعية العامة ، بالإضافة إلى تعزيز دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي في إطار من التوازن الدقيق الذي حدده الميثاق بين اختصاصات الأجهزة الرئيسية للمنظمة.
وطالب الوزير فى كلمته سكرتارية الأممالمتحدة، والدول الثلاث المودع لديها معاهدة منع الانتشار النووي ، والميسر المعني بالإعداد لهذا المؤتمر، بالاضطلاع بمسئولياتهم لعقد هذا المؤتمر وفقا لما اتفق عليه خلال مؤتمر عام 2010. وأكد عمرو أن حركة عدم الانحياز مستمرة في العمل على تحقيق أهدافها في كل من المؤتمر الخاص بمعاهدة الإتجار في الأسلحة التقليدية ، الذي يعقد في شهر يوليو من هذا العام ، ومؤتمر المراجعة الثاني لبرنامج عمل الأممالمتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع في الأسلحة الصغيرة والخفيفة في أغسطس من هذا العام، وفي غيرها من الاجتماعات الهامة حول هذه القضايا الحيوية.
وأكد محمد عمرو وزير الخارجية التزام حركة عدم الانحياز منذ تأسيسها بدعم ومساندة حق الشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله التاريخي لاستعادة وممارسة كافة حقوقه غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقه الأصيل في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة. وشدد الوزير فى كلمته على أهمية استمرار دعم الحركة لجهود الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، حيث وصل عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين إلى 134 دولة، من بينهم 12 دولة اعترفت بها خلال الرئاسة المصرية للحركة.
كما أكد أهمية أن يحظى الطلب الفلسطيني للانضمام كعضو كامل إلى منظمة الأممالمتحدة برعاية الدول الأعضاء والمراقبين في الحركة، سواء في الجمعية العامة أو في مجلس الأمن .. داعيا باقي الدول التي لم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية للقيام بذلك دعما لمساعي تحقيق سلام عادل ودائم في منطقة الشرق الأوسط على أساس المقررات الدولية ذات الصلة.
وشدد أيضا على المسئولية الخاصة لمجلس الأمن والرباعية الدولية في هذه المرحلة التاريخية من خلال الدفع نحو استئناف المفاوضات المباشرة، وتحديد إطار زمني واضح لانتهائها وإعلان إقامة الدولة الفلسطينية، مع اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بالوقف الفوري لسياسة الاستيطان غير الشرعية التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية لتغيير الوضع على الأرض على نحو يتناقض مع الأسس الرئيسية لعملية السلام.
وقال عمرو "إن مصر تدعو جميع أعضاء الحركة للتضامن مع المطالب العادلة للأسرى والمحتجزين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، خاصة في ظل الظروف غير الإنسانية التي يعيشون فيها والتي دفعت بعضهم للاضراب عن الطعام في الآونة الأخيرة".