أكدت الجمعية الوطنية للتغيير، رفضها التام للمسيرات نحو ميدان العباسية التي أطلقت الدعوة إليها جماعة الإخوان المسلمين وأطراف أخرى تحت اسم "الزحف"، وأعلنت حركات سياسية عديدة مشاركتها فيها اليوم الجمعة.
واعتبرت أن مثل هذا الأمر يعد تطورًا خطيرًا يلوح في الأفق بدعوة "عناصر مشبوهة" من هذه الأطراف إلى تسيير حشود جماهيرية الجمعة إلى منطقة وزارة الدفاع.
وأشارت "الجمعية الوطنية للتغيير" مساء أمس الخميس، إلى اهتمامها بالتأكيد على أن هذا التوجه يهدد المصلحة الوطنية، ويضر بالثورة والشعب، ولا يفيد سوى أعداء الوطن، وهو يمثل مغامرة انتحارية لابد من إيقافها فورًا، والتوجه إلى ميدان التحرير، للتعبير السلمي المشروع عن الرأي.
واتهمت الجمعية الوطنية في بيان أصدرته مساء الخميس، أطرافًا على رأسها جماعة الإخوان المسلمين بأنها وجدت في هذه الأحداث فرصة مواتية لاستغلالها في صراعها مع المجلس العسكري، حول مناطق النفوذ، ومساحة السلطة، ولاستكمال سعيها للاستحواذ على كل مفاتيح الحكم في البلاد.
واعتبرت الجمعية دعوة الجماعة لهذه المليونية أساسًا للتهرب من التزاماتها فيما يخص تكوين "الجمعية التأسيسية" الجديدة للدستور، وذلك بعد أن وافقت على المعايير الستة لانتخاب هذه الجمعية من كافة قوى المجتمع، ومن غير أعضاء البرلمان الذين لا يحق لهم المشاركة في كتابة الدستور، طبقًا لحكم محكمة القضاء الإداري.
وأضاف البيان، أن الإخوان كانوا قد وافقوا على هذه المعايير الستة في اجتماع ضمهم مع الأحزاب والقوى السياسية بالمجلس العسكري، يوم 28 أبريل المنصرم، ثم عادوا وتنصلوا -كعادتهم - من موافقتهم ، بل وأوعزوا إلى اللجنة التشريعية بمجلس الشعب، بالاعتراض على ما سبق أن وافقوا عليه من معايير وضمانات، وذلك بالتوازي مع تصعيد حربهم المعلنة ضد وزارة الجنزوري، الذي طالما دافعت عنه الجماعة في الأمس القريب، مما يدخلنا في دوامة جديدة دون مبرر.
ووصفت الجمعية في بيانها تلك الأطراف بأنها تمارس أسلوب المراوغة، لتحاول تغطية مواقفها هذه بادعاء رفض المادة (28)، والتي روجت للموافقة عليها ضمن تعديلات المواد الدستورية المستفتى عليها في 19 مارس 2011، في الوقت الذي اعترضت عليها القوى الثورية من خلال رفض مبدأ التعديلات الدستورية من أساسه.
وأضافت الجمعية، أنها إذ تدعو لإيقاف نزيف الدم المجاني، الذي لا يعود بأية فائدة على الثورة والبلاد، فإنها تطالب بتحقيق سريع، ومستقل ومحاكمة فورية وشفافة، للمجرمين المسئولين عن جريمة العباسية الجديدة، وحتى لا تنتهي القضية إلى لا شيء، على نحو ما انتهت إليه التحقيقات في وقائع ماسبيرو، ومحمد محمود، وقصر العيني، وبورسعيد وغيرها من الجرائم.
كما شددت الجمعية الوطنية للتغيير على الضرورة القصوى لإجراء انتخابات الرئاسة في موعدها المقرر حتى يتم نقل السلطة من المجلس العسكري إلى رئيس مدني منتخب في أسرع وقت ممكن ، وعلى ضرورة إقرار معايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية الجديدة دون تعويق أو مماطلة، وبما يسمح بصياغة دستور ديمقراطي، يُعبر عن التوافق المجتمعي القائم على مباديء ثورة 25 يناير حتى تجتاز مصر المتاهة الراهنة بسلام.
ونوهت الجمعية إلى أنها طالما حذرت من استدراج المتظاهرين إلى موقع "وزارة الدفاع" بالعباسية، لأن هذا التصرف يفتح الباب أمام مصادمات دامية، يخرج منها الثوار كل مرّة بخسائر فادحة، دون أي رصيد إيجابي، وخاصة على صعيد الرأي العام، الذي لا يجد مبررًا مقبولاً لترك ميدان التحرير والتوجه إلى العباسية.
وأضافت أنه فضلاً عن ما تقدم فإن السبب الأساسي لهذا التحرك أخيرًا كان سببًا واهيًا، ألا وهو محاولة فرض قبول ترشيح شخص بعينه بالقوة، عقب استبعاده من قائمة المرشحين، وهو أمر لم يكن يستدعي أن يُدفع مقابله كل هذا الثمن الباهظ، في تكرار مأساوي لما حدث في مذبحة محمد محمود، حين حرضّ هذا الشخص نفسه جماهير الشباب ثم تخلى عنهم، وتركهم يواجهون -بصدورهم العارية- آلة القتل العمياء!
وتابعت الجمعية بقولها "يطالب هؤلاء الآن بعزل" اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، التي استبعدت بعض مرشحيهم، علمًا بأن هذه اللجنة مشكلة على نفس أسس تشكيل اللجنة العليا للإشراف على الانتخابات البرلمانية، وذلك رغم الاعتراض المبدئي من القوى الثورية، التي رأت منذ البداية عدم صلاحية هذه اللجان لأداء مهمتها، نظرًا لكونها مجرد لجان إدارية غير مستقلة، ومن ثم لا تحوز الثقة العامة الواجب توافرها لمن يتولى مثل هذه المهام القومية الجسيمة".