أثار فيلم «ملك الرمال» الذى أخرجه السورى نجدت أنزور عن مؤسس المملكة العربية السعودية عبدالعزيز آل سعود جدلا واسعا بمجرد الإعلان عن قرب طرحه فى دور عرض أمريكية وأوروبية. ويروى الفيلم، الذى شارك فى إنتاجه أنزور نفسه بمشاركة شركة غربية لم يكشف عن اسمها، تفاصيل تأسيس السعودية وعلاقة الملك الراحل مع قائدى حملاته العسكرية فيصل الدويش وبن بجاد.
ويبدو أن الفيلم، الناطق باللغة الانجليزية، لن يمر مرور الكرام خاصة أنها المرة الأولى التى يتناول فيها عملا فنيا الملك السعودى، ويزيد من حالة الجدل كونه تم تصويره على نحو «شبه سرى»، كما أنه لا يحظى بمباركة السلطات السعودية.
ولم يخف السورى نجدت أنزور أن العمل، الذى يشارك فيه ممثلون من إيطاليا وإنجلترا وتركيا وسوريا ولبنان، لن يكتفى بالجانب الإيجابى فى حياة مؤسس المملكة، كما اعتادت كتب التاريخ التى تناولت سيرته الذاتية أن تفعل، وقال: «الغموض اكتنف هذه الشخصية ولم يظهر منها سوى الجوانب الإيجابية كعادة العرب فى إخفاء الحقائق وتجميلها». وعاد المخرج السورى ليقول إنه «وجد فى سيرة الملك المؤسس كل عناصر الدراما المشوّقة التى يمكن البناء عليها وإظهارها بشكل فنى يمكن أن يلاقى صدى كبيرا لدى عرضها على الشاشة فى كل أنحاء العالم».
ودافع المخرج السورى عن حائط السرية الذى فرض على العمل حتى يخرج إلى النور، مشيرا إلى أن موضوع الفيلم ذو حساسية عالية، وخشينا من محاولات إيقاف إنتاجه، ومن هنا فضلنا إخضاع العمل للسرية المطبقة حتى يتم الانتهاء من الإنتاج والتصوير ويصبح الفيلم واقعا.
وعلى الرغم من أن المخرج السورى لم يربط بشكل مباشر بين توقيت خروج الفيلم للنور والأزمة القائمة بين دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، والنظام السورى نتيجة دعم تلك الدولة للثورة فى بلاده، إلا أنه اكتفى بالقول، فى تصريحات لوكالة أنباء أمريكية: «إن فكرة الفيلم استوحيت من وقائع ما يحدث اليوم فى العالم العربى، من إعادة تقسيم للمنطقة وكأننا فى سايكس بيكو جديدة». واتهم المخرج السورى دول الخليج، خاصة السعودية، بحسب قوله بلعب دور فى ذلك بشكل يؤثّر على وجودنا «كعرب وكأحرار ويتداخل مع الفن بشكل سلبى، وكأن الإبداع أصبح يُشترى بالمال ويُقيّم على أساس الولاء».
كما كشف المخرج السورى أنه تلقى تهديدات بمقاضاته بتهمة التشهير والإساءة لشخصية وعائلة ملكية من قبل شركة محاماة بريطانية متخصصة فى قانون الإعلام، مشيرا إلى أن الشركة قالت إنها تمثل حكومة المملكة العربية السعودية.
وتلقى أيضا الممثل الإيطالى فابيو تستى، الذى يلعب دور الملك عبدالعزيز فى كهولته، التهديد نفسه برفع دعوى جنائية ضده فى إيطاليا.
ورغم تلك التهديدات فقد بدا أنزور متحمسا لعرض الفيلم فى هذا التوقيت، وقال إن الشهر المقبل سيشهد العرض الأول لفيلم «ملك الرمال» بمهرجانات سينمائية عالمية ودور عرض فى الولاياتالمتحدة وأوروبا وآسيا وبعض الدول العربية.
ومنذ الإعلان عن إنتاج الفيلم والغموض حوله لا يتوقف حتى إن إسم شركة الإنتاج ما زال مجهولا حتى الآن، مما ترك الباب مفتوحا للتكهنات عمن يقف خلف المشروع، ولا يحمل الملصق اسم الدعائى واسم الشركة المنتجة كذلك.
ويشير التكتم الكبير الذى يصاحب الفيلم وطريقة تقديم ملصقه أن الفيلم لن يكون إيجابيا عن شخص الملك الراحل بكل تأكيد، حيث يرى البعض أن توقيت الحديث ليس بعيدا عن موقف دول الخليج من النظام السورى.
ويعد الملك عبدالعزيز آل سعود واحدا من أكثر شخصيات القرن العشرين إثارة للجدل إذا استطاع استعادة ملك أجداده بعد مواجهات مصيرية مع منافسيه من آل رشيد فى نجد وتمكن من إسقاط حكم الأشراف فى الحجاز مما فتح الباب لتوحيد مملكة الحجاز مع سلطنة نجد وتأسيس المملكة العربية السعودية الحديثة.
وتم اكتشاف النفط فى عهده مما جعل السعودية واحدة من أكثر الدول ثراء ومكنها من التحكم بشكل كبير بأسعار وإمدادات أهم مصدر للطاقة، وقد مهد الملك عبدالعزيز الطريق لجعل السعودية قوة إقليمية مؤثرة على الرغم من أن حكمه وحكم أبنائه من بعده شهد الكثير من الصراعات مع دول الجوار.
وحكم أبناء الملك عبدالعزيز آل سعود مملكتهم من بعده بالتتابع: سعود وفيصل وخالد وفهد والعاهل السعودى الحالى الملك عبدالله بن عبدالعزيز.