تحديات كبرى وعلامات استفهام عديدة تواجه «لجنة التراث» المعروفة داخل مبنى ماسبيرو باسم «لجنة إنقاذ الأبيض والأسود»، وتسعى إلى حماية تراث ماسبيرو من أعمال تليفزيونية وإذاعية نادرة من التلف والسرقات. أول هذه التحديات ما أعلنه حاتم هيكل رئيس الإدارة المركزية لمكتبات التليفزيون السابق الذى أكد أن «حاميها حراميها»، مؤكدا أنه سعى جاهدا لإقصاء الموظفين الذى يشك فى نزاهتهم إلا أنه كان يفاجأ بتمسك أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق بهم بل وترقيتهم.
وقال هيكل: أخبرت لجنة التراث بهذه الحقيقة حينما استدعونى مرتين للاستفادة من خبرتى، وقدمت لهم نحو 60 ملفا تحتوى على كل أعمال التراث الموجودة بالمكتبات التى تقدر ب70 ألف شريط تحتوى على حفلات نادرة لكبار فنانينا أمثال عبدالوهاب وأم كلثوم وحفلات ليالى أضواء المدينة بخلاف مباريات قديمة أبيض وأسود ومسرحيات وأفلام ومسلسلات وبرامج نادرة للغاية تتضمن لقاءات مع أهم رموزنا أمثال العقاد وتوفيق الحكيم وغيرهما.
واستطرد قائلا: وفى إطار سياسة التهدئة التى يتبعها المسئولون فى مبنى ماسبيرو كانت النتيجة أنه لا يوجد هناك من يحاسب أحد فى المبنى إضافة إلى أن التكنولوجيا الحديثة صعبت من مهمة رجال الأمن فى الحفاظ على كنوز ماسبيرو، حيث يمكن سرقتها عبر فلاشة صغيرة يتم وضعها بالجيب إلى جانب أن هناك واقعة معروفة حينما تخلّى رجال الأمن أنفسهم عن أماكنهم مطالبة بحقوقهم المادية مما يسهل أكثر من السرقات.
وقال: وهناك تحدٍ آخر، فمكتبات التليفزيون تضم حوالى 300 ألف شريط، وهو ما يصعب فحصها فربما نجد علبة مكتوب عليها اسم عمل ثم نجد أن الشريط بداخلها فارغ بعد أن تم استبداله حتى لا يتم فضح أمر أمناء المكتبات!
من ناحيتها أكدت الإعلامية سهير الأتربى رئيس لجنة التراث أنها أخذت على عاتقها استكمال مشروع إنقاذ كنوز ماسبيرو مهما كانت المعوقات، قائلة: لقد شاهدت بنفسى الحال الذى آلت إليه مكتبات التليفزيون وانزعجت بشدة، وأنا أرى القمامة تحيط بالمكتبات إضافة إلى تخاذل العاملين بها رغم عددهم الكبير الذى يتعدى 75 موظفا إلى جانب تعنت بعض القطاعات بالمبنى، ورفضهم مدّ يد المساعدة لإنقاذ مواد برامجية لا يمكن تعويضها بأى حال من الأحوال.
وأضافت: لقد اتفقت مع الهيئة العربية لتصنيع السيارات التابعة للقوات المسلحة أن يقوموا ببناء نسخة مطابقة لمكتبة هيئة الإذاعة البريطانية «bbc»، ووجدت تجاوبا ونجحت فى الحصول على قاعة كبيرة بمبنى التليفزيون رغم معارضة قطاع الهندسة الإذاعية التى يستخدمها مخزنا ورفضت عمل مكتبة للتراث بالمقطم بقاعة تابعة لقطاع الهندسة الإذاعية وأصررت على أن تكون فى حضن مبنى التليفزيون فلقد فوجئت بكارثة كبرى حينما علمت أن هناك مئات الأشرطة التى تحمل أعمالا قيمة نادرة مخزنة ب«شقتين إيجار» بمدينة 6 أكتوبر دون ضابط أو رابط وشرائط أخرى موجودة بمعهد الإذاعة والتليفزيون بوسط البلد بخلاف شرائط موجودة بمدينة الإنتاج الإعلامى وأخرى بالقنوات الإقليمية ولا أحد يقدر قيمة هذه الشرائط وخطورة هذا الهدر بل هناك من يستغل هذا الوضع لسرقة ما يريد ولدى معلومات أن بعض الرجال المقربين لأنس الفقى وزير الإعلام الأسبق والمحبوس حاليا استغلوا قربهم منه، واستولوا على أعمال نادرة قاموا بالاستفادة منها بعد أن خرجوا من مبنى التليفزيون، وعملوا بقنوات خاصة.
وقالت: أنتظر تحقيق الخطوة الأولى بتوفير مكان آمن جيد التهوية، وأن ننتهى من عمل المكتبة ثم تأتى مرحلة الجرد، وهى أخطر المراحل للوقوف على الحقيقة كاملة ومعرفة ما تم هدره وما يمكن إنقاذه ونقله على وسائط أحدث.
وتؤكد الإعلامية فاطمة فؤاد أحد أعضاء لجنة التراث أنها صاحبة اكتشاف الشرائط النادرة الموجودة فى 6 أكتوبر وقالت: حينما كنت أقدم برنامجا أبيض وأسود وفيه أقوم بعرض مسلسلات قديمة كنت أعانى بشدة حيث كنت أجد بعض حلقات المسلسل وأظل أبحث عن البعض الآخر إلا أن علمت بوجود هاتين الشقتين وحدثت لى صاعقة كبرى حينما وجدت هذا الكم الهائل من الشرائط ملقاة فى كل مكان ولذا تحمست بشدة بالتواجد فى هذه اللجنة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فلقد تلقيت اتصالا هاتفيا من قبل المخرجة إنعام محمد على تؤكد لى أن هناك حلقات ناقصة لبعض أعمالها الرائعة وعليه يتم حاليا فحص الشرائط ولكن تواجهنا صعوبة كبيرة حيث إن الماكينات التى تفحص هذه النوعية القديمة من الشرائط من نوعية «وان اتش وتو اتش» غير متوافرة بالأسواق فلقد توقف صنعها منذ سنوات طويلة، فلا يوجد سوى ماكينتين فقط بالتليفزيون، وهناك نحو 40 ألف شريط، وهو ما يزيد من مهمتنا صعوبة.
وبمواجهتها بما أكده حاتم هيكل أن حاميها حراميها فكيف يمكن التأكد أنه تم فحص الشرائط بأمانة، فقالت: لقد لجأنا إلى حيلة فحص الشرائط بشكل عشوائى، وقمنا بمطابقة محتواه بما تضمنه التقارير التى سلمها أمناء المكتبات، وفى الحقيقة لم نجد مخالفة واحدة، وهو ما يجعلنا مطمئنين لطريقة العمل.
من جانبه أكد الإذاعى وجدى الحكيم أحد أعضاء اللجنة: شددنا على ضرورة وجود آلية لملاحقة القنوات التى تسرق كنوز ماسبيرو بهذا الشكل الغريب فلقد وصلت بهم الجرأة لسرقة الأعمال من شاشة التليفزيون المصرى وحجب شعار القناة بالطرق الحديثة.
وقال: المشروع ليس خاصا بالتليفزيون فقط بل هو مشروع قومى لإنقاذ كنوز مبنى التليفزيون الإذاعية والتليفزيونية، فالإذاعة تمتلك أعمالا لن تتكرر، وأشعر بحزن شديد حينما أتذكر واقعة مسح شرائط الإذاعة أثناء نكسة 67 حينما نفدت الشرائط الإذاعية وتعذر إحضار شرائط جديدة فلجأ البعض لمسح الشرائط وتسجيل أعمال جديدة عليها فهذا لا يمكن أن يتكرر، كما أنه لا يمكن أن نحتمل فكرة تعرض هذه الأعمال للتلف والفساد بسبب سوء الاستخدام والحفظ، وأؤكد أن جميع أعضاء اللجنة ستكون أسعد حالا إذا ساهمنا فى إنقاذ هذه المواد النادرة التى تسعى القنوات الخاصة عربية ومصرية فى الاستفادة منها والتربح من ورائها، وأصحاب هذه المواد لا يعلمون عنها شيئا.