ما هى أوجه التشابه بين عمر سليمان وخيرت الشاطر وحازم أبو إسماعيل، غير أن الثلاثة طبعا صدر قرار باستبعادهم من سباق الرئاسة؟ قد تصادر من البداية وتقول كيف تقارن بين عمر سليمان بكل ما ينسب له من اتهامات، وبين رجل قضى سنوات كثيرة من عمره فى سجون مبارك كالشاطر، وثالث لا نعرف له تاريخ نضالى معتبر قبل الثورة، وللحق أيضا لا نعرف عنه ما يشين سياسيا أو أخلاقيا قبل الثورة أيضا.
لكن وجه المقارنة هنا بين دولة رأسها عمر سليمان وأخرى رأسها خيرت الشاطر وثالثة رأسها حازم أبوإسماعيل، دولة الجنرال ودولة رجل الأعمال المتشيخ، ودولة الشيخ الداعية.
من قلب جهاز مبارك الأمنى وعالمه السرى خرج عمر سليمان، لا تستطيع أن تنفى عنه أنه كان رجل مبارك بامتياز، حتى فى الأيام القليلة التى قضاها إلى جواره فى الحكم كنائب للرئيس أثبت أن ولاءه له أعمق من أى شىء آخر عكس رفاقه فى القوات المسلحة الذين تركوا الباب مواربا دائما للقفز فى سفينة الثورة قبل أن تبدأ الإبحار، لا يمكن أن تدعى للحظة أن دولة الجنرال ستختلف عن دولة مبارك، ربما كانت أسوأ، فالرجل الذى لا يؤمن بالديمقراطية، ويحترف الحلول الأمنية، ويدمن العمل السرى بغموضه المكثف وأخلاقياته المنهارة.
ومن قلب العمل السرى أيضا خرج خيرت الشاطر.. هو رجل التنظيم والتخابر والمال داخل جماعته، هو رجل أعمال إذن يملك قرار تنظيم يتحرك ككتلة واحدة، يملك البيعة التى تجعل أمره نافذا، والموازنة التى تجعل ما يريد ممولا، وثقافة العمل السرى ذاتها بذات غموضها وأخلاقياتها غير المعلنة، إيمانه بالديمقراطية محل شك كبير، وقناعته بالآخر متباينة، ليس وجها إخوانيا متورطا فى حوارات مع باقى القوى السياسية ومكونات المجتمع، أول تحرك انتخابى فعله زار كبار السلفيين، وتحدث عن هيئة لأهل الحل والعقد، بمعنى أنه يسعى لامتلاك «السلطة والمال والفتوى» فى آن واحد على مستوى الوطن كما يمتلكها نظريا داخل التنظيم.
لكن من أى إطار سياسى جاء حازم أبوإسماعيل، من داخل «تيار القنوات الدينية»، كان للرجل تجربة وحيدة فى انتخابات مجلس الشعب انتهت بإسقاطه فانسحب فى هدوء، لم يهدد ولم يتوعد ولم يحرك أنصاره فى اتجاه لجان الفرز، وغاب لسنوات بدا فيها ليس أكثر من داعية نموذجى للإسلام الشكلى، الذى يعتبر أن الوقوف دقيقة حدادا ليست من الإسلام، واحترام السلام الجمهورى أيضا، لا يملك أبوإسماعيل بعيدا عن خطابه الدينى أى مزايا أخرى، لا خبرات إدارية ومالية وسياسية كالشاطر، ولا ثقافة الدولة كسليمان، وهو شكل من الفراغ السياسى يجعل الاستنجاد بالنص الدينى هو الحل دائما، وربما ينتهى إلى الرفض العملى لتحديد مدد الرئاسة بحجة أن الإسلام لا يوجد فيه ولى أمر سابق، والبيعة لا تنقضى إلا بالموت.
مسارات الثلاثة إذن «الشاطر وسليمان وحازم» لا تنتهى إلا عند محطة الديكتاتور، تستطيع أن تقول إن كلا منهم صاحب الصوت الأكثر تطرفا فى معسكره، تتغير خطاباتهم وتتغير مسارات تحركاتهم لكن النتيجة واحدة وتصب فى خانة الاستبداد.
هؤلاء ثلاثة غادروا السباق بالقانون.. والمريح أن أحدا لا يستطيع أن يزايد على اللجنة ويتهمها بمحاباة هذا المعسكر لحساب ذلك، لكن الأرجح أنها إرادة قدرية أرادت لمصر أن تبقى على وسطيتها، وأن تتخلص من فراعينها الجدد المتحصنين بالخوذة والمتسترين بالعمامة.