محافظ دمياط يقود حملة لرصد المخالفات وتحقيق الانضباط بطريق محور السيالة    تراجع الدواجن اليوم.. ما توقعات اسعار الفراخ غدًا الاثنين؟    نائب رئيس شركة السكري: ننتج نصف مليون أوقية ذهب نصدرها لسويسرا وقيمتها تودع بالدولار في مصر    بوتين خلال لقائه مع لوكاشينكو: حكومتا روسيا وبيلاروس تعملان بتعاون وثيق للغاية    مسئول أمريكي: خفر السواحل الأمريكي يلاحق ناقلة نفط تساعد فنزويلا على الالتفاف على العقوبات    سفيان رحيمي يهدر أول ركلة جزاء في أمم إفريقيا 2025    «درب شكمبة» يعيد كتابة تاريخ المسرح المصري على خشبة الساحة    محمد إمام يحاول احتواء أزمة فيلم الست بعد جدل تصريحات محمد صبحي    هايدينهايم ضد بايرن ميونخ.. البافاري بطل الشتاء في الدوري الألماني    نواف سلام: نزع سلاح حزب الله جنوب نهر الليطاني بات على بعد أيام    جامعة العاصمة تنظم معرضا متكاملا بالتعاون مع محافظة القاهرة    أستون فيلا يهزم مانشستر يونايتد بثنائية مثيرة في الدوري الإنجليزي    الحكم الثانى.. تأييد حبس هدير عبد الرزاق سنة بتهمة دهس شخص فى الجيزة    بعد حادث تريلا المريوطية.. كيف تحصل على تعويض حال تعرض سيارتك للحريق؟    وزير خارجية أنجولا: لا ينبغي النظر إلى القارة الإفريقية من زاوية الصراعات فقط    زوج ريهام عبد الغفور يساندها فى عرض فيلم خريطة رأس السنة    التواء في القدم، المهن التمثيلية تكشف تفاصيل الحالة الصحية ل إدوارد    مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة ينظم عرضا خاصا لفيلم فلسطين 36    أسباب قلة الوزن عند الأطفال الرياضيين    مجلس الشيوخ يوافق على تعديلات قانون الكهرباء لضبط المال العام    مدير تعليم القاهرة تكرم الطلاب ذوي الهمم بمدرسة الفسطاط    حقيقة توقيع يوسف بلعمري مع الأهلي 3 مواسم ونصف.. مصدر يكشف    الأهلي يفوز على إنبي بثلاثية في دوري السيدات    ضبط طرفي مشاجرة بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    وكيل الأزهر يلقي محاضرة لعلماء ماليزيا حول "منهج التعامل مع الشبهات"| صور    الجيزة توضح حقيقة نزع ملكية عقارات بطريق الإخلاص    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال التاريخي وسط القاهرة بعلامة تاج العالمية    على أنغام الربابة.. نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك| صور    مفتي الجمهورية: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية التي تستهدف الدين واللغة والوطن    تشكيل مانشستر يونايتد لمواجهة أستون فيلا في البريميرليج    الصحة: إغلاق 11 مركزًا خاصًا للنساء والتوليد ب 5 محافظات لمخالفتها المعايير الطبية    القيمة السوقية لمنتخبات أفريقيا في كان 2025    رئيس الإمارات يبحث مع نظيره الفرنسي تعزيز العلاقات    أمن الجيزة يفحص فيديو اقتحام عدد من الخيول فناء مدرسة بمنطقة بولاق    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    إحالة أوراق قاتل زوجته أمام أبنائه إلى المفتي بالبحيرة    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    فيديو | الجمهور يتجمع حول محمد إمام إثناء تصوير "الكينج"    الداخلية تكشف حقيقة فيديو محاولة سرقة شخص بالسيدة زينب: خلافات عائلية السبب    لماذا نشتهى الطعام أكثر في الشتاء؟    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    27 سفينة بضائع إجمالي حركة السفن بميناء دمياط اليوم    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخرين في بورسعيد إثر حادث تصادم بين سيارتين    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    محافظ أسيوط يعلن عن استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف ورعاية الموهوبين رياضيًا    فضل العمرة فى شهر رجب.. دار الإفتاء توضح    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    شهر رجب.. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    كورتوا: حمل شارة قيادة ريال مدريد كان حلما.. ومن الصعب إيقاف مبابي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفاشيون المصريون الجدد
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 04 - 2012

وضع أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، أسسا بسيطة لما يجب أن يكون عليه نظام الحكم الحديث. وقال فى أول خطبة له بعد وفاة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام «أما بعد: أيها الناس، فإننى قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينونى، وإن أسأت فقومونى». ويشير ما ذكره الصديق أبو بكر إلى أن الحاكم سواء كان رئيسا أو ملكا أو حتى خليفة، ما هو إلا خادم أو موظف عند بقية الشعب. وأكد أبو بكر أن مصدر شرعية حكمه يستمد من رضاء الشعب عليه، وأن جموع الشعب هى مصدر سلطته الوحيد.

وفى العصور الحديثة عانت الكثير من الدول التى أصبحت تتمتع بنظام ديمقراطى حر بمراحل من الفوضى والعنف والقتل والترهيب من أجل أن تستمتع شعوبها بحق سياسى بسيط وهو اختيار من يحكمهم من خلال «انتخابات حرة عادلة متكررة».

فى المجتمعات المتقدمة لا تعترض إلا القلة على من تأتى به الانتخابات طالما كانت حرة وعادلة. إلا أن مصر لا تنتمى بعد لتلك المجموعة من الدول. فهناك فئة ليست بالقليلة ممن لا يرضيهم مبدأ المساواة بين كل المواطنين فى الصوت الانتخابى.

«معادلة صوت لكل مواطن» التى تمنح كل المصريين من الفقراء والمهمشين وأفراد الطبقات الدنيا والوسطى والعليا حقوقا متساوية فى التصويت، لا تلقى استحسانا عند من يتصورون أنهم أكثر إنسانية وأكثر تحضرا وأكثر نظافة وأكثر تعلما من بقية جموع المصريين. وللأسف هناك الكثير من المصريين ينتمون لهذه الفئة التى لا يرضيها أن يختار «الشعب الجاهل» حكامه، وهم يرون أن «الشعب الجوعان» يجب أن يهتم «بأكل عيشه» وليس بالعملية السياسية والانتخابات. تحبذ هذه الفئة أن يطلق عليها مصطلح «الصفوة القديمة»، إلا أننى أطلق عليهم «الفاشيون الجدد».

ويعد حاكم ايطاليا السابق بينيتو موسولينى هو أهم رموز الفاشية الكلاسيكية التى اندثرت فى العالم من حولنا. ويتفق الفاشيون المصريون مع موسولينى فى إنكار أن إرادة الشعب ليست وسيلة الحكم، وإنما الوسيلة هى القوة التى تفرض القانون. ويريد الفاشيون المصريون أن تمنح السلطة التنفيذية أفضلية كبيرة على حساب السلطات الأخرى، تماما كما سعى موسولينى ونجح فى تركيز كل السلطات فى يده عندما أصبح رئيس وزراء ايطاليا.

الفاشيون المصريون خدموا النظام السابق وتسلموا وظائف تنفيذية وقضائية وتشريعية عليا فى الحكومة بناء على درجة ولائهم لرأس النظام. لم يعترض الفاشيون الجدد على نظام الحكم الاستبدادى فى مصر، ولم يعترضوا على التنكيل بالمعارضين السياسيين، ولم يمانعوا فى انتهاك حقوق أساسية للمواطنين، ووافقوا على تزوير الانتخابات وعلى الزواج غير الشرعى بين المال والسياسة.

يعتبر الفاشيون المصريون من لم يوافق على انتهاكات العهد السابق على أنهم دونهم قدرا. وهم يرون الجميع أدنى درجة أو درجات منهم، ويؤمنون خطأ بسموهم الخاص، ولا يؤمنون بالمساواة بين الأفراد، كما يؤمنون أنهم وطبقتهم المميزة فقط يقدرون على تحمل المسئولية وقيادة الدولة والشعب.

وهم يرون أن الدولة التى يتبوأون فيها أعلى المناصب هى كائن فوق الجميع، ولا يمانعون فى إلغاء الحريات الفردية كى لا تهدد تماسك الدولة.

ويريد الفاشيون المصريون الجدد عودة تركيز السلطة فى يد طبقتهم المميزة، وكل أمالهم منصبة الآن دون استحياء على دولة جديدة يرأسها اللواء عمر سليمان. ويمثل اللواء سليمان لهم حبل نجاة وحلا وحيدا لكل مشكلاتهم التى ابتلوا بها بعد قيام ثورة 25 يناير. يرون فى اللواء سليمان رجلا قويا يستطيع أن يعيد الأمور لنصابها، فهو رجل المخابرات الذى يستطيع أن «يلم البلد». وهو الرجل القوى الذى يؤمن بهم وبدوائرهم التى أصبح هو شخصيا خلال السنوات العشرين الماضية من أهم رموزها.

إلا أنه من المحزن أن الفاشيين المصريين لا يشبهون الفاشيين الأوروبيين فيما تمتعوا به من صفات قليلة جيدة. فاشيو مصر لا يهتمون على العكس من نظرائهم الأوربيون ببناء دولة قوية. أنهم يهتمون فقط بمزايا ونجاحات شخصية أو فئوية ضيقة. فاشيو مصر لا يريدون دولة مصرية ذات نفوذ وتطلعات خارجية، ولا يريدون أن يدفعوا بقية المجتمع للأمام، كما فعل نظراؤهم الأوروبيون، والسبب أنهم لا يثقون فى قدرات الشعب ولا الجيش المصرى.

يعرف علم الاجتماع السياسى مصطلح الصفوة بصفة عامة على أنه جماعة من ذوى النفوذ والسلطة الذين يمتلكون مقاليد القوة فى الجهاز السياسى والإدارى فى الدولة نتيجة قربهم وخدمتهم لدوائر صنع القرار. وفى الدول المتقدمة تصبح الصفوة مثل القاطرة التى تقود بقية المجتمع للأمام عن طريق تحسين معيشة الجميع، وتحسين مدارس الجميع ومستشفيات الجميع.

إلا أن الصفوة الفاشية فى مصر، لم يكن لديها نية ولا مقدرة على قيادة المجتمع كله للأمام. ارتضت هذه الفئة أن تجد لنفسها مدارس ومستشفيات وخدمات مميزة بمعاييرهم، وتجاهلوا بقية المصريين.

أما علاقة الفاشيين المصريين الجدد بالخارج وخاصة الغرب فتثير الاشمئزاز والشفقة معا. فمن ناحية ينظرون للغرب بانبهار ويقدسون أسيادهم الأوروبيين والأمريكيين، ويعبرون دوما عن انبهارهم بهم وبفنونهم وبما تنتجه للبشرية من تكنولوجيا ونمط حياة وإتيكيت. إلا أنهم يختارون ألا يحترموا القيم المجتمعية التى أدت لقوة وتطور هذه المجتمعات. قيم مثل المساواة والحرية والعدالة والكرامة لا تساوى لديهم الكثير ماداموا هم فقط فى منأى عن انتهاكات الأجهزة الأمنية وأجهزة المخابرات.

لذا لم تشكل الكثير من الأمراض المصرية المستعصية قلقا حقيقيا للفاشيين، فهم تجاهلوا على سبيل المثال بقاء نحو 21 مليون مواطن مصرى أميين لا يقدرون على القراءة والكتابة خلال العقود الماضية.

الانتخابات الرئاسية القادمة تمثل اختبارا مهما للمجتمع المصرى. نزول اللواء عمر سليمان المعركة الانتخابية يتيح فرصة للشعب المصرى ليثبت أن الفاشية مازالت سائدة فى صفوفه، أو أن هذا الشعب يحمل فى طياته بذور الإيمان بالحرية والعدالة والكرامة لجميع المصريين على قدر المساواة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.