أكد المفكر القدير حسن حنفى، أن مصر تعيش حالة صراع الكل مع الكل ولا أحد يقوم بالدفاع عن ثورة 25 يناير، التى قادها الشباب ، فكل طرف يلعب لصالحه ، ونحن الآن نتكلم ضد بعضنا البعض أكثر مما نتكلم ضد إسرائيل ، مشيرا إلى أن هذا من سمات المجتمع المتخلف . وقال إن مصر لن تستقر إلا بعد أن يحدث هذا الجدل الاجتماعى فالثورة الفرنسية لم تستقر إلا بعد 20 عام ، مشيرا إلى أنه بطبيعة الحال ستحدث صدامات هنا وهناك لأن هذا متوقع، أما الخطورة فتكمن فى العنف ، وبالتالى يمكن للجيش أن يتدخل بانقلاب لحماية الأمن القومى.
جاء ذلك خلال اللقاء الذى نظمته هيئة الكتاب برئاسة دكتور أحمد مجاهد أمس، حول التراث والتجديد ومسيرته خلال نصف قرن ، وأداره دكتور أنور مغيث .
وقال حنفى فى يناير 2011 حدثت هزة عنيفة فى تاريخ مصر ، تعادل ثورة 19 ولكن التجارب الحية هى التى دفعت الشباب للخروج وإن لم نكن ساهمنا فى إيجاد الفكر الثورى قبل الثورة، إلا إننا يجب علينا أن نحميها بعد حدوثها حيث استغلها أناس آخرون.
وقال "إن ثورة 25 يناير قادها الشباب وحصد نتائجها آخرون كالحركة الإسلامية أو الفلول، ولكن أين الشباب الذين ضحوا بأنفسهم على مدار أكثر من عام، مشيرا إلى أن الثورة تقع دائما لتغيير النظام السياسى أو تغيير الملك أو تغيير النظام الاقتصادى أو الرأسمالى أو الاقطاعى أو تغيير النظام الاجتماعى، وفى ثورة يناير الشعب يريد تغيير النظام ولكن هذا لا يكفى ، فقد أسقطنا النظام فى مصر، ولكن هل قضى عليه من النفس والعقل والروح أم انه يعود فى أشكال أخرى ، هناك شئ فى الموروث والوعى الثقافى فى حاجة إلى إعادة نظر" .
وتابع قائلا "وجدت أننى كمثقف أعيش فى سجن ذى أضلاع ثلاث اسمه حصار الزمن، ماض ولى لكنه مازال يعيش بداخلى ، ومستقبل اقفز إليه دون أن أتمثل شروطه ليبرالية ديمقراطية اشتراكية تعددية ، وحاضر يتفتت على الموروث الثقافى، ودون ان اعرف فى اى لحظة من التاريخ اعيش لا استطيع أن افكر ، هل انا فى عصر التنوير أم الإصلاح أم الثورة المضادة ام الإحياء الدينى ومن هنا نشأ مشروع التراث والتجديد ليفك حصار الزمن" .
وتساءل "وكيف اعيد بناء القديم الماضى بحيث يكون عاملا ايجابيا ليساهم فى تطوير حضارى ؟ وقال فى علم أصول الدين كنا المنتصرون على الأرض ولابد من إعادة صياغة التوحيد (علم الكلام) الذى يتغير بتغير الظروف والأحوال فعند استصدار حكما مثلا، فالأساس هو الكتاب ثم السنة ثم الإجماع ثم القياس ثم الاجتهاد، يمكن ان يتغير ذلك واذهب مباشرة الى الاجتهاد ، حيث أن أهم ما فى علم القرآن أسباب النزول والسؤال والجواب فالاحكام تتغير طبقا للزمان والمكان" .
وأضاف: "بالنسبة للمستقبل هناك مصدران للثقافة ، مصدر يأتى من الماضى ومصدر من المستقبل الغرب، ولكن المدة طالت بينى وبين الغرب ، وأنا أريد أن أحول هذا الإحساس بالدونية أمام الآخر فأنا كمصرى وعربى استطيع أن أكون مناظرا وليس دارسا ومؤلفا وليس مترجما ولذلك انشأ (علم الاستغراب)" .
وعن الحاضر قال حنفى "التنظير المباشر فى الواقع وهنا لا اتعامل مع نص، بل أحول الواقع الى نص وأغير اللغة وأغير مستوى التحليل واعتمد على التجارب الحية" .
وحول مستقبل الثقافة فى مصر قال حنفي، أن الرواد أرادوا جعل الثقافة فى مصر نموذجا للثقافة الغربية، ولكنى ارى انه لا يجب ان ننبهر مثلا باحمد لطفى السيد او طه حسين أو غيرهم، رغم مكانتهم لانهم بطريقة ما هم السبب فى الحركة السلفية لأنه لم يوجد فيهم من قدم مشروعا للثقافة يجمع بين القديم والجديد.