تحولت أزمة «تأسيسية الدستور» إلى ما يشبه «كرة الثلج» المندفعة، والتى يزداد حجمها، كلما مر الوقت. ورغم الجهود الحثيثة التى يبذلها أطراف الأزمة لاحتواء الموقف، مازالت الانسحابات تتوالى من تشكيل الجمعية المنوط بها صياغة الدستور الجديد للبلاد. الأزهر الشريف، والذى كان آخر المنسحبين من التشكيل، قال فى بيان صدر عن مجمع البحوث الإسلامية، أمس، إن «مشاركة الأزهر (فى اللجنة التأسيسية)، هى تهميش لدوره فى قضية وطنية محورية، وهى إعداد مشروع الدستور»، معلنا «الأزهر الشريف يعتذر عن المشاركة».
ويأتى هذا فى ظل تردد أنباء عن إعلان الكنيسة المصرية عن انسحابها من تشكيل اللجنة (وهو ما لم يؤكده وكيل المقر الباباوى فى اتصال مع «الشروق»). وفى لقاء يعد الثانى خلال 72 ساعة، التقى، أمس، المشير حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ورؤساء الأحزاب والقوى السياسية الممثلين فى مجلس الشعب، وذلك فى محاولة جديدة للوصول لأنسب الحلول لأزمة الجمعية.
وفى بداية اللقاء، ذكر المشير الحضور ب«خريطة الطريق الانتقالية» التى وضعها العسكرى، منذ توليه المسئولية، مشددا على أن «بناء الدستور المصرى الجديد من أهم مراحل الخريطة.. ويجب أن يكون بأيدى الشعب على مختلف طوائفه، لأنه هو الذى سيبقى لفترة طويلة، يحكم الطريق المصرى فى الداخل والخارج.
وواصلت جماعة الإخوان المسلمين جهودها للتهدئة ومحاولاتها لاحتواء الأزمة، خاصة فيما يتعلق بصدامها مع المجلس العسكرى، وقررت فى سبيل ذلك أرجاء كل الخطوات التصعيدية التى كانت تنوى اتخاذها، وفق القرار الذى اتخذه مجلس شورى الجماعة فى انعقاده الثلاثاء الماضى، وذلك لإتاحة المزيد من الوقت للمشاورات المكثفة مع المجلس العسكرى»، حول الملفات العالقة بينهما. وتراجعت الجماعة عن تنظيم مظاهرة مليونية فى ميدان التحرير، كان مقررا لها اليوم، وذلك فى أعقاب لقاء كشفت عنه مصادر من داخل الجماعة، ضم «المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للإخوان، والدكتور محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة، وقيادات من المجلس العسكرى».
وأضافت المصادر مشترطة عدم كشف هويتها أن «هناك مشاورات ولقاءات مكثفة لاحتواء التصعيد المتبادل بين الطرفين، لعدم قدرة أى طرف على تحمل تكلفة التصعيد والمواجهة بين الطرفين».
على الصعيد نفسه، اختلف المنسحبون من عضوية اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، حول إمكانية التفاوض مع اللجنة المنبثقة عن اللجنة التأسيسية المختصة بالتحاور معهم لإقناعهم بالعودة.
فبينما أبدى استعداده للتفاوض «ليخرج الدستور معبرا عن جميع الأطياف» ذهب فريق آخر إلى أن «البرلمان باطل، وإجراءاته باطلة»، رافضين العودة مجددا إلى اللجنة المشكلة بمعرفته.
إلى ذلك ثار جدل بين قانونيين وفقهاء دستوريين حول «الشرعية القانونية والسياسية لتشكيل الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع الدستور الجديد، بعد انسحاب عدد من أعضائها».
فى حين أكد بعض رجال القانون أن انسحاب الأعضاء «يستلزم إعادة تنظيم جلسة مشتركة من مجلسى الشعب والشورى لانتخاب الأعضاء المكملين للجمعية»، ذهب آخرون، إلى التأكيد على «بطلان تشكيل الجمعية التأسيسية»، وقال فريق ثالث إن «حل الأزمة يستلزم إصدار المجلس العسكرى إعلان دستورى جديد يضم معايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية».