أثار إعلان وزارة الثقافة يوم الخميس الماضى بشأن اعتزام الوزارة التعاقد مع دور نشر أوروبية لترجمة أعمال الروائيين الإسرائيليين عوز وجروسمان، ردود فعل متباينة فى الوسط الثقافى. الأمر الذى اعتبره بعض المثقفين خطوة أخرى من جملة التنازلات المصرية فى سبيل دعم المرشح المصرى فاروق حسنى وزير الثقافة للحصول على منصب مدير عام منظمة اليونسكو. وطرح سؤال حول اختيار هذا التوقيت نفسه على الوسط الثقافى، فى ظل معارضة إسرائيلية سابقة لترشيح الوزير فاروق حسنى الذى يرى البعض أنه قدم جملة من التنازلات والاعتذارات المتكررة للوصول للمنصب. المترجم والشاعر رفعت سلام تساءل عن اختيار هذا التوقيت للقيام بهذه الترجمات، وقال: «هذا أول ثمن تدفعه الثقافة المصرية لترشيح فاروق حسنى لمنصب اليونسكو. وأول تنازل تقدمه الدولة المصرية إلى إسرائيل بموجب صفقة عقدت فى القاهرة بين الحكومة المصرية ورئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو التى تنص على مقابل مصرى لصالح إسرائيل إزاء إعلان عدم معارضتها الرسمية لترشيح وزير الثقافة المصرى للحصول على هذا المنصب». وأضاف إن هذا التنازل هو واحد من جملة التنازلات التى قدمتها الدولة المصرية لإسرائيل وليس الأول من نوعه لافتا إلى الاعتقاد أنه سيؤثر على الوضع الثقافى المصرى، وعلى وضع مصر السياسى فى المنطقة. وتابع سلام: «ترجمة الكتب العبرية فكرة موجودة من قبل، لكن لماذا الآن بالتحديد؟ بعد رسالة الاعتذار التى قدمها المرشح المصرى لليهود وبعد موقف إسرائيل من حسنى وبعدما زار رئيس الوزراء الإسرائيلى القاهرة مؤخرا، والصفقة الحكومية التى تمت، فكل هذه الملابسات حسبما أشار سلام تنزع عن هذا الموقف الصفة الثقافية وتحيله إلى مجرد مقايضة يستخدم فيها المثقفون المصريون من أجل موقف حكومى. وتساءل الأديب فتحى إمبابى عن الفرق بين ترجمة الكتب العبرية عن طريق دور نشر إسرائيلية أو عبر التعاقد مع دور نشر أوروبية رغم أن حقوق النشر فى النهاية كلها إسرائيلية! وقال: «ليس هناك مجال للضحك علينا نحن نعرف رأى المؤسسة الرسمية جيدا فى تلك المسألة» مشيرا إلى أن مسألة التعرف على الآداب العبرية «موضوع مهم جدا» فى ظل الحروب المرعبة التى تجتاح العالم. كما أنها تتيح التعرف على المجتمع الإسرائيلى من الداخل ولكن يجب أن تتم بشفافية بدلا من هذا «اللف والدوران» فإسرائيل لها سفارة على الأراضى المصرية ومبرم معها اتفاقية سلام مشيرا إلى أن ذلك تحايل على مشاعر المصريين وله علاقة قوية بالترشيح لليونسكو. «إنها مأساة» أن تتحول الدرجة من حرق الكتب العبرية إلى طبعها وترويجها فى سبيل منصب اليونسكو، هكذا قال الروائى سعيد الكفراوى بصوت يملؤه الحزن والفزع، وأضاف: «الهدف معروف وهو الرضا السامى من الصهيونية العالمية على وزير الثقافة المصرى»، لافتا إلى أنه «من قديم والجهة الرسمية المصرية المسماة وزارة الثقافة ضد التطبيع الثقافى فلماذا يحدث هذا الآن؟». وأكد الكفراوى أنه من غير شك ثمة دور نشر كثيرة عربية قامت بترجمة أعمال كثيرة يهودية، مثل كتب «العاشق» و«الرياح الصفراء» وأعمال يآيد ديان والكاتب الإسرائيلى المتعاطف مع فلسطين ديفيد جونسون وكلها صدرت عن دور نشر خاصة، وفيما نرى وزير الثقافة والكلام للكفراوى يرفع شعار الرفض المطلق للتطبيع ولأى تعامل مع الثقافة العبرية نجده الآن فى سبيل منصب تنهار معه السدود وتضيع الأسئلة. ويقول: «أنا لست ضد الثقافات المحترمة سواء كتبتها عقول إسرائيلية أو عالمية أو مصرية بل مع ما أنتجه الكتاب اليهود فى الثقافات الأخرى ضد القمع والنازية ومعسكرات الاعتقال، ولكن أن يأتى التطبيع من جهة رسمية ومن أجل منصب فأنا ضد هذا الموقف». الشاعر شعبان يوسف قال بغض النظر عن ترشيح وزير الثقافة للحصول على اليونسكو من عدمه «ترجمة أى أدب «إسرائيلى برازيلى أمريكى» يخرج عن حسبة التطبيع الثقافى. وأن هذه الخطوة نحن فى حاجة إليها بشرط أن تكون الكتب المترجمة جيدة وإن كانت مضادة للوعى الحقيقى فيجب أن ترفق بتعقيبات أو مقدمات، كما يجب ألا نتعامل مع تلك المسألة على أنها فيروس قومى.