يشعر سكان العرب في مدينة عكا، بأنهم باتوا هدفًا للترحيل من المدينة القديمة التي تحتاج بيوتها إلى ترميم، بعدما بدأت شركات إسرائيلية ويهودية كبيرة شراء مبان من القيم على أملاك الغائبين، لإقامة فنادق سياحية فيها وسط مساكنهم، وقد اشتكى السكان العرب في عكا المحاطة بأسوار قديمة ومطلة على البحر المتوسط، من أنهم مهملون من قبل السلطات الإسرائيلية، سواء على صعيد تطوير الأحياء العربية للمدينة، أو رفع مستواهم المعيشي. كما يشعرون بالاستياء من منعهم من العيش في الأحياء اليهودية المتطورة التي باتت مصدرًا للتوتر بين العرب واليهود، ويقول أحمد عودة عضو بلدية عكا العربي: "إن الإسرائيليين تنبهوا في الآونة الأخيرة إلى مدينة عكا، خصوصًا بعد أن أعلنتها (منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم) اليونسكو مدينة تراث، فبدأت إسرائيل بالاستثمارات السياحية فيها وتسعى بخطى حثيثة لتهويدها".
ويضيف: "لأن إسرائيل تريد تهويد النقب والجليل فمن غير الممكن تهويد الجليل بينما عاصمته، أي مدينة عكا، غير مهودة"، ويشير عودة إلى أن "التهويد يجري في المدينة داخل السور وخارج السور وهم في سباق مع الزمن لتنظيفها من السكان العرب"، إلا أن الرجل يؤكد أن "عكا باتت تغلي مثل الموقد وتعيش تحت ضغط وقد ينفجر الوضع في أية دقيقة".
ويشير إلى أن "هناك نحو 250 عائلة تسكن في أحياء مختلطة مع اليهود، يقوم اليهود المتطرفون بمضايقتهم بشكل فظيع حتى يرحلوا"، موضحًا أن اليهود "رحّلوا خمس عائلات سكنوا حي أيرولا، بعد مواجهات عشية عيد الغفران في 2008"، وعند الجهة الشرقية من عكا وعلى أراضي قرية المنشية المهدمة، يجري على قدم وساق تشييد أبنية حديثة، ويقول عودة: "إن السلطات تنفذ مخططًا لإقامة 1500 وحدة سكنية لليهود فقط".
ويضيف: "حتى يمنعوا العرب من شراء شقق في هذه الأبنية، أعلنوا أن أول مجموعة مباني هي للجيش النظامي، والثانية لمجموعة تطلق على أنفسها اسم المحافظين على قدسية السبت (شومري شبت) والثالثة لليهود المتشددين (الحرديم)".
ويتابع: "إن الإسرائيليين أقاموا أيضًا أكبر مدرسة دينية في منطقة الشمال"، والعرب ليسوا وحدهم الذين يتحدثون عن التمييز ضدهم، فقد قال المحامي غيل غان مور، من جمعية حقوق المواطن في مجال الحق في المسكن: "نتحدث هنا عن حالة واضحة من التمييز الساقط على خلفية قومية ودينية، وانتهاك للحق في المساواة"، وطالب المحامي سلطة أراضي إسرائيل قبل عدة أيام بإلغاء فوز جمعيات يهودية في مناقصة أراض في عكا، بسبب تسويق حصري وتمييزي لصالح اليهود".
وقال إنه: "ليس لهذا التمييز أي مسوغ، لا سيما أن الحديث يدور عن أراض عامة بملكية الدولة، والتي يفترض فيها أن تخدم عموم السكان، من هم في أمس الحاجة لحلول سكنية"، وفي البلدة القديمة المحاطة بأسوار قديمة وتضم مباني من الفترة الصليبة والعثمانية ومن مختلف العصور التاريخية، أغلقت بوابات خان العمدان الذي بناه الوالي العثماني، أحمد باشا الجزار في 1785، وجلب أعمدته من قيسارية، أمام الجمهور بعد أن باعته شركة عميدار التابعة لأراضي إسرائيل لمستثمر يهودي لإقامة فندق فيه."
ويقول عضو البلدية، أحمد عودة: "إن الهجمة تكتمل داخل المدينة بتحويل الخان إلى فندق". ويضيف أنه بعد بيعه مباشرة "ادعت شركة عميدار أنها تريد ترميم حائط بيت فأصدرت أمرًا قضائيًا بإخلاء 12 عائلة عربية من بيوتها، ولم تحدد موعدًا لعودتهم"، ويتابع: "اتضح أنهم يريدون إلحاق هذه البيوت بفندق خان العمدان".
وفي بيته المجاور لخان العمدان، قال أحمد خطيب (56 عامًا): "نحن قلقون لأننا أمرنا من قبل المحكمة بمغادرة البيت بحجة الترميم، وطالبتنا الشركة بدفع نصف مبالغ الترميم التي قالوا عنها ربما تكون تكلفتها خمسة ملايين شيكل (حوالي 1.5 مليون دولار)".
وتابع الخطيب الذي يعمل حدادًا وأب لثلاثة أولاد: "أقمنا خيمة اعتصام مع كل الفعاليات السياسية وبعدها قرروا تجميد إخلائنا على أن يكون الإخلاء للعائلة التي يحتاج حائطها للترميم، وإعادتها خلال فترة زمنية محددة"، إلا أنه أشار إلى أن "أمر المحكمة بمغادرة بيوتنا لم يلغ". وليس بعيدًا عن بيت الخطيب في داخل البلدة القديمة وبين بيوت العرب، افتتح الأسبوع الماضي فندق لإسرائيلي شهير، يدعى اؤوري بوري، ويعتبره العرب عراب التهويد.
وقال بوري عن الفندق إنه: " قصر صليبي قديم، والطابق الأرضي فيه أصيل، وفيه حمام تركي عمره 400 عام".
وأضاف: "إن مساحة الفندق بلغ نحو 1500 متر مربع وجدرانه وسقفه مزينة بالرسوم الأصيلة القديمة والمكان مدهش"، موضحًا أن سعر الليلة فيه سيترواح بين 1200 وألفي شيكل (بين 325 و450 دولارًا) ولا مثيل له في العالم".
واعتبر عضو البلدية عودة، أن دخول بوري وشراء الفندق يشكل "ناقوس خطر بالنسبة للعرب في عكا، فلقد قام بشراء أملاك العرب في مدينة يافا من أملاك الغائين، بأسعار بخسة، وقام بترميمها أو إعادة بنائها وبيعها لليهود، وإقامة مشاريع يهودية مكان بيوت العرب".
وأكد أن بوري "اشترى الطابق الأرضي لفندقه ومساحته 240 مترًا مربعًا ب 150 ألف شيكل (نحو 39 ألف دولار) وبقيت البلدية تتستر على شرائه عشرة أشهر"، وتابع: "أمامنا معركة طويلة في عكا ولن تحل مشاكلنا فيها خلال يوم أو يومين، لكننا مصرون على البقاء والتطوير فيها ومستعدون لدفع الثمن".