«العلمانية» اللفظ الأكثر جدلا فى مصر، أصبح متداولا بعد أن كان محظورا فى كلام الناس، وبين المثقفين. الكل كان يبتعد عنه، يحاول التملص منه، وكأنه كلمة «حرام». بعد ثورة 25 يناير التى جعلت المحظور «متاحا». و«غالبا»، أصبحت العلمانية ملء السمع والبصر، الكل يتحدث عنها، حتى المعارضون، كنوع من التشويه، أو محاولة منهم لتصدير رؤية مغايرة لها، تفقدها معناها الأصلى والمهم، أقاموا لها ندوة فى المجلس الأعلى للثقافة كأول نشاط للجنة الفلسفة التى يرأسها د. حسن حنفى، الذى يرى أن «العلمانية» هى التطور الزمنى لكل عصر من أجل التقدم العلمى والاجتماعى والسياسى. بل زاد حنفى من رؤيته، المختلفة تماما عن المؤسسين لها فى مصر، بقوله: «العلمانية منهج للدفاع عن الحرية والحقيقة والكرامة، وهذا يثبت أن الإسلام منهج علمانى وليس دينى أو عقائدى؛ لأن الدين يحمل قوانين والتزامات بينما الإسلام منهج معرفى ونظام اجتماعى وهذا ما تريده العلمانية». وبالطبع، ما قاله د. حنفى، لا علاقة له ب«العلمانية» التى نفهمها من د. مراد وهبة، الذى يعرفها باعتباره «التفكير النسبى فيما هو نسبى وليس بما هو مطلق». أما فى الوقت الذى كانت العلمانية مضطهدة، كان المبشرون بها، وعلى رأسهم د. مراد وهبة يقيم مؤتمرات تحت عنوان «تأسيس العلمانية فى مصر». وتجربة د. مراد وهبة الفيلسوف الكبير مع العلمانية، تستحق أن تحكى من أنه كيف ناضل لفرض هذه «الكلمة» على سمع القارئ العربى.
ويعقد اليوم الجمعة منتدى ابن رشد للتنوير مؤتمره السنوى السابع لتأسيس العلمانية، وموضوع هذا العام، هو الأصولية، وذلك فى مقر حزب التجمع بوسط البلد، فى الواحدة ظهرا. د.مراد وهبة، قال إن هذه هى الندوة السابعة من ندوات مؤتمر تأسيس العلمانية، موضحا أن الغاية منها، هو إحداث تراكم معرفى يسمح مع الوقت بتغير الذهنية المصرية من ذهنية تتوهم أنها قادرة على امتلاك الحقيقة المطلقة، وبالتالى قادرة على إقصاء الآخر الذى يقف على نقيض من حقيقتها المطلقة، إلى ذهنية تقر وتعترف بأن ليس فى إمكانها امتلاك الحقيقة المطلقة. وبالتالى تدخل فى حوار مع الآخر بهدف إثراء التفكير النسبى، وذلك بالكشف عن التناقضات غير المشروعية التى تنزلق إليها الذهنية الأصولية. ومن هنا فإن أية ذهنية أصولية هى عائق أمام التطور، فإن أردنا التطور فالعلمانية هى الوسيلة لممارسة هذه الإرادة.
وأضاف وهبة: وأظن أن هذه الندوة السابعة تأتى فى مقدمة الندوات السابقة بالرغم من تأخرها، وذلك لأنها تأتى فى مناخ أصولى مهيمن على البرلمان الراهن. وهنا تبزغ أزمة مصر ويبزغ السؤال الملح عند غالبية الشعب المصرى: مصر... إلى أين؟ والتحدى الذى يواجه هذه الندوة هو فى مدى قدرتها على الإجابة عن هذا السؤال».
ويحمل المؤتمر عناوين، تثير شهية الحوار والجدل مثل «العلمانية والأصولية.. الصدام القادم»، و«علمنة القانون وحقوق الإنسان» لمحمد ثابت، و«قراءة نقدية لمسار رباعية الديمقراطية فى إطار ثورة 25 يناير» للدكتورة منى أبوسنة أمينة عام منتدى ابن رشد للتنوير.