«الانخفاض الشديد فى المبيعات خلال 2011»، كان أبرز ما واجهته شركة أوراسكوم للإسكان التعاونى فى عام الثورة، والتى بالرغم من أنها كانت تستهدف الشرائح منخفضة الدخل التى تعانى ارتفاع أسعار السكن، أحد أهم المحركات الرئيسية للاحتجاجات، إلا أن «تراجع مبيعات الشركة جاء مدفوعا بحالة الانفلات الأمنى التى جعلت الكثير من محدودى الدخل يترددون فى شراء عقارات على أطراف القاهرة»، تبعا لما قاله عمر الهيتمى، العضو المنتدب بالشركة، ل«الشروق» على هامش مؤتمر «نكست موف» العقارى، الذى يختتم أعماله اليوم. «مشروعاتنا السكنية تقوم على أساس توفير جميع الخدمات بشكل ذاتى ومن ضمنها الأمن، ولكن المشكلة أن الناس أصبحت تتخوف من الانتقال على الطرق السريعة فى ظل ما يشاع عن ارتكاب جرائم فى تلك الطرق، وهو ما دفع محدودى الدخل إلى الاتجاه للإيجار داخل القاهرة حتى تستقر الأوضاع» يقول الهيتمى، الذى أنشأت شركته مدينة سكنية لمحدودى الدخل «هرم سيتى»، ويتوقع أن تمتد أعمال التوسع فيها خلال الثلاث أو الأربع سنوات المقبلة.
وتسببت حالة عدم الاستقرار فى محافظة قنا خلال عام 2011 فى تضرر مشروع اوراسكوم السكنى «قنا جاردنز»، كما يضيف الهيتمى «لقد ظلت هذه المحافظة نحو خمسة أشهر بدون محافظ وهو ما عطل العديد من الإجراءات كالتى تتعلق بإصدار التراخيص الخاصة بالبنية الأساسية، إلى جانب ما تعرض له المشروع من التباطوء الشديد فى المبيعات بسبب تباطوء السوق بصفة عامة».
وتتراوح أسعار عقارات اوراسكوم ما بين 50 ألف جنيه و150 ألف جنيه، والتى قد تلائم تكلفتها قطاعا كبيرا من محدودى الدخل إلا أن الكثير من المواطنين أصبحوا اكثر ترددا فى شراء تلك العقارات بعد الثورة، ليس فقط بسبب الانفلات الأمنى، ولكن أيضا بسبب اعلان الحكومة عن طرح مليون وحدة من مساكن محدودى الدخل.
برأى الهيتمى «ليست المشكلة فى أن الحكومة تنافس القطاع الخاص، فالسوق به قوة طلب تفوق ما ستطرحه الحكومة من وحدات، ولكن المشكلة أن الحكومة أعلنت عن هذا المشروع منذ عدة أشهر ولم تعلن عن شروط الحصول على تلك الوحدات، وهو ما جعل العديدين من محدودى الدخل يؤجلون قرارات الشراء حتى يتم الاعلان عن تفاصيل هذا المشروع، وهذا بعكس ما حدث فى مشروع ابنى بيتك على سبيل المثال والذى لم نتضرر منه بهذا الشكل».
ويعتبر الهيتمى أن حالة التباطؤ الحالية فى مبيعات اسكان محدودى الدخل لا تعبر عن قوة الطلب فى هذه السوق، حيث يرى أن هناك قوة «طلب مؤجل» ستنطلق بمجرد عودة الاستقرار للبلاد، مشيرا إلى أن شركته تدرس التوسع فى محافظات جديدة مثل اسيوط والإسكندرية والمنصورة.
«الأمن ودعم التمويل العقارى» هما ابرز المطالب التى ينتظرها مطورو قطاع إسكان محدودى الدخل من السلطة الجديدة فى البلاد، بحسب الهيتمى، مشيرا إلى أن حصول محدودى الدخل على التمويل العقارى أصبح أصعب بعد ان أصبح مقدمو هذا التمويل أكثر حرصا فى دراسة المخاطر بعد الثورة «هناك تجارب ناجحة لدور الحكومات فى دعم التمويل العقارى ليكون أيسر للمواطنين مثل تجربة المكسيك والمغرب، علينا أن نتعلم منها».
وبالرغم من الانتقادات التى توجه لبعض نماذج إسكان محدودى الدخل، كالتى تقدمها أوراسكوم، بسبب صغر مساحتها والتى تصل إلى 40 مترا، إلا أن الهيتمى يرى أن هذا النموذج العقارى يساهم فى دعم الاستقرار السياسى والاجتماعى «نحن لا نقدم مساكن يعيش فيها المواطنين طوال حياتهم، ولكن من الممكن أن يبدأوا حياتهم فيها ثم ينتقلوا لمساكن أوسع مع تطور دخولهم، المهم أن نوسع من قاعدة ملكية المواطنين للمساكن حتى يشعروا بالاستقرار».