تشهد الكويت حالة من الحراك السياسي المتسارعة وتيرتها، على مستوى الحكومة والكتل النيابية استعدادا لدور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة يوم 15 فبراير الحالي. وعلى المستوى الحكومى، يلتقي الشيخ جابر المبارك رئيس الوزراء الكويتي المعين مع عدد من الرموز السياسية من داخل وخارج مجلس الأمة، وذلك في محاولة منه لاستقطاب المعارضة والأسماء المقترحة لحكومته.
وذكرت صحيفة "عالم اليوم" نقلا عن مصادر مطلعة بأن رئيس الوزراء يفكر جديا بحكومة برلمانية واستقطاب أكبر عدد من النواب "خمسة نواب"، مشيرة إلى أنه يفضل أن يكونوا ممثلين للكتل البرلمانية التي حازت على أغلبية الكراسي البرلمانية، وأنه سيعرض الحقائب الوزارية على كتلة العمل الشعبي والتنمية والإصلاح والسلف بالإضافة إلى بعض رموز "المعارضة السابقة" المستقلين.
وأكدت المصادر أن المبارك سوف يعيد تجربة عام 1992 حين تم توزير ستة نواب في الحكومة الأولى بعد التحرير. وعلى مستوى النواب والكتل النيابية، حيث ستحسم جلسة الافتتاح مناصب هيئة مكتب المجلس وعضوية اللجان، بدأ التنسيق بين الكتل، وتجاوزه لجهة ظهور كتل نيابية جديدة تتوافق مع مخرجات الانتخابات والطابع العام لتشكيلة المجلس .
ويجرى النائب محمد هايف مشاورات لإعلان تشكيل كتلة "ثوابت الأمة" بحيث ينضم إليها عدد من النواب الجدد، وفي هذا الإطار، قال مصدر نيابي مقرب من كتلة التنمية والإصلاح إن الكتلة ستفتح باب الانضمام لعضويتها أمام النواب الجدد - يمثلها 4 نواب فى مجلس الامة - حيث من المتوقع ارتفاع عدد أعضائها إلى نحو 6 أو 7 أعضاء، والتى أعلنت عن عزمها تبني حزمة من التعديلات الدستورية، تشمل اشتراط خضوع الحكومة لتصويت على الثقة بها قبل ممارسة صلاحياتها، قصر عضوية مجلس الأمة على النواب المنتخبين فقط، الحق في عقد جلسات البرلمان من دون حضور أو تمثيل حكومي، مد دور الانعقاد إلى عشرة شهور، إلغاء تحديد عدد أعضاء مجلس الأمة والربط القائم الآن بين أعداد الوزراء والنواب، تعديل المادة الثانية من الدستور، بحيث تنص على أن تكون "الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع وأن تكون الأحكام القضائية والقوانين مطابقة لها".
كما أعلنت الكتلة في الوقت ذاته عن عزمها فتح ملف قضية الإيداعات المليونية والتحويلات الخارجية والمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في القضية، فضلا عن نيتها الدفع بمنظومة من القوانين والتعديلات التشريعية الأخرى، من بينها تعديل قانون ديوان المحاسبة بما يعزز الدور الرقابي للديوان على المصروفات السرية والخاصة، وتمكينه من إحالة أي تجاوزات أو مخالفات إلى النيابة العامة مباشرة، دعم استقلال القضاء وحق مخاصمة القضاة، تأسيس الجمعيات السياسية "الأحزاب"، تعديل قانوني الدوائر الانتخابية وممارسة الحقوق السياسية.
واشترط نواب التجمع الإسلامي السلفي والحركة السلفية العلمية على النائب أحمد السعدون أن يعلن صراحة عن دعمه وتأييده تعديل المادة الثانية من الدستور مقابل التصويت له في الانتخابات التي ستجرى لشغل منصب رئيس المجلس، وهو ما اعتبرته مصادر نيابية خطوة من شأنها إحراج السعدون من جهة وأعضاء كتلة التنمية والإصلاح من جهة أخرى لأن هذا التعديل هو مطلب الكتلة بالأساس.
وأوضح عضو التجمع السلفي النائب خالد السلطان أن التجمع لم يحدد حتى الآن إلى أين ستتجه أصوات نوابه في الانتخابات الرئاسية، ولكن بالتأكيد ستذهب للأصلح ولمن يعمل وفق الدستور والقوانين، وسنخرج بصورة توافقية مع رأي قواعدنا الشعبية، وسيعقد التجمع اجتماعا آخر له في غضون الأيام القليلة المقبلة لحسم جميع الأمور وإعلانها، حيث أن اجتماع نواب التجمع الأول كان بناء على رغبة مجموعة من السلفيين وليس رغبة التجمع.
وفي نفس السياق أكد النائب خالد السلطان أنه سيترشح لمنصب نائب رئيس مجلس الأمة، ولا توجد لديه نية للترشح لمنصب رئيس المجلس، وأن تعديل المادة الثانية من الدستور سيكون صعبا، لافتا إلى أن ذلك يتطلب موافقة 44 نائبا بالاتفاق مع إرادة أمير البلاد، مشيرا إلى أن التوجه سيكون منصبا نحو أسلمة القوانين بما يتوافق مع روح الشريعة الإسلامية.
وتتجه الأنظار صوب اجتماع الإسلاميين الذي سيعقد اليوم بدعوة من النائب محمد هايف المطيري، حيث رجحت مصادر حضور أكثر من 16 عضوا لهذا الاجتماع والذي سيبحث موضوع رئاسة المجلس ونائب الرئيس وبقية المناصب، كما سيتناول أيضا موقف الحكومة من التصويت للمناصب وخاصة رئاسة المجلس، ومناقشة فرص فوز الإسلاميين في مناصب ولجان المجلس والوقوف على ما يريده الأعضاء من اللجان، وإمكانية أن يكون للإسلاميين كتلة واحدة كبيرة، تنسق في القضايا خاصة المصيرية منها.
وكانت الحركة الدستورية الإسلامية قد بحثت في اجتماع لأعضائها تطلعاتها للمرحلة المقبلة لإصلاح الوضع السياسي، ورؤيتها في رئاسة مجلس الأمة وبقية المناصب، وشكل الحكومة المقبلة وآلية تشكيلها، وأكدت ضرورة سير العملية الديمقراطية والبرلمانية بصورة سلسة دون تأخر أو إبطاء أو انشغال في قضايا تصعيدية، وأنها الحركة ستدعم في المرحلة المقبلة جهود الانجاز وإقرار قوانين مكافحة الفساد وفتح تعاون مع جميع الكتل والنواب بالمجلس.
ومن ناحية أخرى، تجري أطراف في كتلة النواب الشيعة اتصالات لترتيب لقاء لهم في غضون الأيام المقبلة لتحديد رؤيتهم في رئاسة المجلس ونائب الرئيس وبقية المناصب، إضافة إلى بحث أولوياتهم التي سيدفعون بها في المجلس المقبل، وأكد مصدر مطلع أن أقصى أولويات كتلة النواب الشيعة هي قانون الوحدة الوطنية وتجريم التمييز في التوظيف والقبول بالكليات والوظائف القيادية، إضافة إلى قوانين مكافحة الفساد والإيداعات المليونية.
وقال مصدر حكومي لصحيفة "الوطن" أن الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام سعي البعض من النواب لتعديل المادة الثانية من الدستور، وأضاف ان فتح باب التعديل يحب أن يحظى على قبول الأغلبية، لافتا إلى أن هناك مطالب حكومية للتعديل منها مدى استمرار أحقية النائب في تقديم استجواب منفردا، بحيث يقدم الاستجواب من 5 أعضاء، إضافة إلى زيادة عدد الأعضاء لزيادة عدد الوزراء.
ومن ناحية أخرى، أبلغت مصادر مطلعة صحيفة "عالم اليوم" أن مرسوم ضرورة لقانون الوحدة الوطنية قد يصدر اليوم أو غدا، بعد أن تم إعداده بتوجيهات من مراجع عليا، ويتضمن عقوبات مغلظة لكل من يتسبب بازدراء أي فئة أو طائفة من فئات وطوائف المجتمع، أو يؤدي عملا بالقول أو الفعل من شأنه شق الوحدة الوطنية، وإشاعة الفرقة والبغضاء بين نسيج المجتمع.
وأضافت المصادر أن العقوبات الواردة في المرسوم بقانون تشمل غرامات مالية كبيرة وأحكاما بالسجن، مشيرة إلى اقتراح تتم مناقشته حاليا، بإضافة عقوبة منع الأشخاص الذين تثبت عليهم أقوال أو أفعال تسيء لأي فئة أو طائفة من فئات وطوائف الشعب وتؤدي إلى شق الوحدة الوطنية، من الترشح لعضوية مجالس الأمة والبلدي أو الانضمام لأي حكومة. وأكدت المصادر أن المرسوم بقانون تمت صياغته من اللجان المختصة ويعرض اليوم أو غدا على أمير الكويت تمهيدا لإقراره وإصداره لبدء العمل به.