الدكتورة هدى بدران خبيرة التنمية ورئيس رابطة المرأة العربية، شاركت مع عدد من النشطاء فى اجتماع مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، التى أكدت دعم الإدارة الجديدة لبرامج التنمية وحقوق المرأة. وهو ما رحبت به هدى بدران ، مؤكدة أن هذا جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان. وأعربت خلال حوارها مع «الشروق»، عن دهشتها من غضب بعض نشطاء حقوق الإنسان من هذا التوجه، وقالت إن الحقوق الاقتصادية يجب الاهتمام بها بالتوازى مع الحقوق السياسية، مؤكدة أنها وسيلة التغيير الحقيقية. واعتبرت أن تطبيق الكوتة وتخصيص 64 مقعدا للنساء فى مجلس الشعب أولوية من أولويات حقوق المرأة فى مصر، بجانب الاهتمام بالتعليم ومحو الأمية والتمكين الاقتصادى. وهذا نص الحوار: تركيز خطاب الرئيس الأمريكى خطاب أوباما على حقوق المرأة والتنمية والتعليم، ومقابلة هيلارى كلينتون لعدد من النشطاء معظمهم من العاملين فى التنمية وحقوق المرأة، أغضب عددا من نشطاء حقوق الإنسان، واعتبروا هذا تخليا عن دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان فى المنطقة، ما رأيك فى هذا التوجه وتفسيرك للغضب؟ لا يمكن الفصل بين مكافحة الفقر وحقوق الإنسان، ولا أدرى لماذا غضب نشطاء حقوق الإنسان من التوجه الجديد للإدارة الأمريكية. التوجه الجديد لا يركز على الحقوق السياسية، فقط ولكن يهتم بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وهما ركيزتان أساسيتان فى حقوق الإنسان. ولكن هناك توجه يؤكد أن التغيير الحقيقى، وتحسين الأوضاع المعيشية والصحية والتعليمية للمواطنين لن يأتى إلا بممارسة حقوقهم السياسية؟ أنا لا أؤيد هذا الرأى كثيرا لأن الشخص «الجعان» والفقير لا يمكن تمكينهما سياسيا، والأوضاع الحالية، لن يحدث فيها تغيير فى ظل الفجوة التى تزداد يوما بعد يوم بين الأغنياء والفقراء. ولماذا تتحدث الإدارة الأمريكية عن توجيه المساعدات للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفقر الآن؟ من الجيد أن أوباما وهيلارى تطرقا لهذه الحقوق، فى ظل إعادة النظر على المستوى الدولى للنظام الاقتصادى الحالى الذى أظهر فشله بعد الأزمة المالية. ويحتاج العالم كله لمراجعة نتائجه، التى عملت على اتساع الفجوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة، وفجوة داخل الدولة والواحدة بين المواطنين. ومن الجيد أن هذا يأتى فى الوقت الذى تعلن فيه أمريكا، من خلال خطاب أوباما رغبتها فى مساعدة دول مثلنا فى تخطى هذه الأزمة، وتحسين أوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. كيف يمكن أن ينعكس ذلك على برامج المرأة والتنمية التى تنفذها الجمعيات الأهلية؟ جزء من المعونات يوجه لتوظيف العاطلين، خاصة الفقراء، ومعالجة مشكلة عدم وجود فرص العمل والتى تتطلب مهارات معينة غير موجودة للشباب، فننشئ «كوبرى» بين فرص العمل والشباب العاطل، الذى نعيد تأهيله من خلال التدريب ونساعده على اكتساب المهارات المطلوبة، والمفروض المشروعات دى تزيد. لماذا لم تهتموا بهذه المشروعات من قبل؟ ارتكبنا خطأ التركيز على الحقوق السياسية، لكن الشخص الذى لا يملك الحق فى الغذاء والملبس والمسكن، كيف سيستجيب ويتفاعل مع حقوقه السياسية دون فرصة وجود دخل. ونحتاج للعمل على توفير فرص العمل بالتزامن مع برامج التوعية السياسية. لكن هناك مدرسة فكرية أخرى تقول إن التغيير السياسى يسبق التغيير الاقتصادى.. ويمهد له؟ هذا يستغرق وقتا طويلا، ولهذا يجب العمل على الجبهتين، فمن تجربتنا عندما نمكن المواطنين من الحقوق الاقتصادية، ونوفر لهم مصدر دخل جيدا، يتجاوب ويتفاعل مع حقوقه الاجتماعية الصحية والتعليمية ويبدأ يفكر فى حقوقه السياسية، فلان ان تهتم الجمعيات الأهلية بالفقراء فى الفترة المقبلة. كيف تتجه الجمعيات التنموية للفقراء وتحقق معهم تنمية وتحسن فى مستوى المعيشة؟ نعمل على المشروعات الصغيرة من خلال القروض الصغيرة. ولكن برامج القروض الصغيرة عليها عدد من التحفظات، مثل الفائدة المرتفعة التى لا تتمكن المرأة من دفعها، والتهديد بالحبس، وعدم الخبرة بالتسويق؟ نعمل حاليا على تعليم مهارات حرفية وتسويق للمرأة، قبل بدء المشروع ودراسة جدواه، وننصحهم بألا يكون القرض والمشروع صغيرين جدا، حتى تتمكن من تحسين مستوى المعيشة بجانب دفع أقساط القرض. ونخاطب الصندوق الاجتماعى للتنمية لتقليل الفائدة على القروض الصغيرة، والتى تصل إلى 18% فى مقابل 7% للقروض الكبيرة، وهو أمر غير منطقى ويحتاج لتعديل. فى خطاب أوباما قال إن المرأة التى تحرم من التعليم تحرم من المساواة، لأى مدى نحتاج التركيز على تعليم المرأة؟ هذه مقولة حقيقية ونحتاج فعلا لجهد كبير وسط معدلات الأمية التى تصل إلى 40% بين النساء، وكل مشروع نجريه مع المرأة لابد أن يتضمن شق محو أمية، ولكن فشل مشروعات محو الأمية طوال الفترة الماضية يكشف لنا عن حاجتنا لتعديل المحتوى الذى يقدم وطريقة التدريس. ننتظر المرأة فى انتخابات 2010 بكوتة وصلت إلى 64 كرسيا، فكيف يمكن تحقيق توازن بين العدد والمضمون الذين يطرح فى مجلس الشعب؟ على الجمعيات الأهلية التحضير لهذه الانتخابات من الآن، ومساعدة المرأة المرشحة فى وضع برنامجها الانتخابى ومساندتها فى توصيل رسالتها للناخبين. وهل تستعد الرابطة من الآن؟ نحن فى الرابطة نعد وحدة دعم للمرأة فى الحملة الانتخابية، تتشكل من 10 متخصصين فى إدارة الانتخابات، يتلقين حاليا تدريب من قبل حزب العمال والمحافظين البريطانى حول إدارة الحملات، والرابطة تستهدف الوصول إلى النساء الراغبات فى الترشح واللاتى يمتلكن مهارات حقيقية وأفكارا ونساعدهم فى إدارة الحملة، وكتابة البرنامج الانتخابى ومخاطبة الجماهير، ودراسة المجتمع الذى تعبر عنه واحتياجاته. نسعى لإنجاح على الأقل 20 مرشحة فى الانتخابات المقبلة. لكن هل الكوتة والتمثيل السياسى من أولويات قضايا المرأة الفقيرة أو الأمية؟ المرأة الفقيرة التى تشكو من قلة الدخل، وعدم توفر فرصة عمل لابنها، وحرمانها من الخدمات مثل المياه والصرف الصحى، تحتاج لمن يعبر عنها وينصفها، ويعرض مشكلاتها ويطرح أزمة التعليم والبطالة وغيرها. وهذا أول طريق للتمكين ولابد أن نعمل على تدعيم المرأة من خلاله. لكن المرأة التى تتحدثين عنها لا تذهب للتصويت؟ لأن لم يوجه لها حتى الآن الخطاب المقنع الذى يجعل البسطاء مشاركين وفاعلين، على عكس الإخوان المسلمين الذين نجحوا فى حشد رجال ونساء بسطاء للتصويت، وهذا يحتاج منا خطابا مختلفا سنعمل عليه فى المرحلة المقبلة. يخضع العمل التنموى فى مصر لقانون الجمعيات الأهلية، الذى يصفه نشطاء حقوق الإنسان بالمعوق فكيف يمكنكم الاحتكاك بالمواطنين فى ظل هذا القانون؟ هناك شكاوى من القانون، وبه ثغرات مثل أى قانون، ونعمل فى ظله دون مشكلات كبيرة، ولم تحدث مع الرابطة أى مشكلة سوى مرة واحدة فى انتخابات مجلس الإدارة عندما تحفظت التضامن الاجتماعى على إحدى المرشحات، ولكن بعد ذلك حلت المشكلة ولم تحدث أى مشكلات.