أكد عدد من مثقفي النوبة على ثراء التراث النوبي القديم، وذلك عبر لغته وأدبه والثقافة الشعبية التي باتت جزءا من تكوين النوبيين، مشيرين إلى أن مصر تحافظ على هذا التراث، كجزء أصيل من تراث هذا الوطن وأنهم يدعمون البحث العلمي والثقافي في هذا الصدد. وقال الروائي حسن نور خلال ندوة "النوبة" التي أقيمت ضمن فعاليات المقهى الثقافي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، إن المشهد الأدبي النوبي كان يتسيده الشعر حتى ظهور الكاتب الراحل خليل قاسم صاحب رواية "الشمندورة" واصفا إياه بأنه أب للأدب السردي النوبي، وضم أدبه قضايا ومشاكل هذا المجتمع .
أضاف أن الأدب النوبي ظل راكدا لمدة 20 عاما، بعد ظهور قاسم، حتى البداية من جديد مع الكاتب حجاج أدول الذي حصل على جائزة الدولة التشجيعية وحسن نور الذي حصل على جائزة اتحاد الكتاب، لافتا إلى أن الأدب النوبي امتد للجيل الحديث حتى الكاتب ياسر عيد اللطيف.
وأوضح أن الأدب النوبي للجيل الحديث لم يتناول المجتمع النوبي ولا قضاياه الأولى، مبديا رفضه لمصطلح "الأدب النوبي"، لأنه لا يوجد أدبا بحراويا ولا قبليا، بل اعتبر أن الأدب مصطلح عالمي .
من جانبه، تحدث الباحث محمد سليمان جدكاب رئيس جمعية التراث النوبي، عن محور اللغة النوبية، مشيرا إلى أن النوبة القديمة كانت تضم ثلاث ممالك قبطية، والنوبيون عندما كتبوا باللغة استعانوا باللغة القبطية التي هي في الأساس استفادت من اللغة اللاتينية القديمة، ثم بطل العمل بها مع الفتح الإسلامي لمصر وامتداده للنوبة .
وأوضح أن الكتابة بالحرف النوبي مازالت مستمرة لأن الإنسان النوبي هو الشاهد على تاريخ حضارة النيل، وعندما تم التهجير إلى منطقة كو امبو في الستينيات لبناء السد العالي خشينا من ضياع هذا التراث الثري والعادات والتقاليد وبالتالي تم تكوين جميعات أهلية للحفاظ على هذه العادات .
وقال : "نحن مصممون على الكتابة باللغة النوبية لأن التراث النوبي هو تراث حيوي، ما كانت هيئة اليونسكو لتنقذه لولا أهميته، ومصر تحافظ على هذا التراث ضمن حفاظها على تراثها الوطني" .
من جهته، تحدث الدكتور مصطفى عبد القادر أستاذ العادات والتقاليد الشعبية عن محور الفلكلور النوبي، مشيرا إلى أن النوبة التي تقع تقع أقصى جنوبالوادي وظلت منعزلة عن باقي أقاليم الجمهورية لفترة تاريخية تميزت بمنظومة متكاملة من العادات والتقاليد والمعتقدات الشعبية والتي كان لها من القوة ما أمكنها من تنظيم حياة الجماعة دون الحاجة إلى سلطة القانون إلا فيما ندر.
أضاف أن العادات والتقاليد النوبية امتلكت مرونة كبيرة أثناء حركتها عبر الزمان والمكان، حتى أنه بعد التهجير في الستينيات أعيدت صياغة العديد من هذه العادات بما أمكنها من الاستمرار عبر الزمن إلى الآن .
وأعطى الباحث مثلا بعادة الاحتفال بمولد الطفل والتي تستغرق 40 يوما، مشيرا إلى أنه عند ميلاد الطفل بعد اليوم الأربعين يتم النزول به إلى النيل في زفة شعبية وتقوم أقدم عجوز بقذف بعض المأكولات لما تدعي أنهم "ملائكة النهر" داعية إياهم بحماية المولود ثم تدعو بقية الأطفال لتناول بقية هذه المأكولات في طقس شعبي احتفالي .
وخلص الباحث إلى أن الثقافة النوبية مازالت تزخر بالكثير من المعتقدات الشعبية لقوة الروابط الاجتماعية في مجتمع النوبة بشكل عام .