توقعت مصادر مصرية حكومية ودبلوماسية غربية أن تأخذ المفاوضات، التى تجرى حاليا فى القاهرة بين الحكومة ووفد صندوق النقد الدولى، شوطا طويلا قبل أن تنتهى إلى اتفاق يجيز لمصر الاقتراض حسب الحاجة بفائدة محدودة، «فى إطار استمرار مصر فى تنفيذ حزمة من الإجراءات المالية، كانت تقوم بها بالفعل لترشيد وإعادة صياغة أوجه الإنفاق الحكومى»، بحسب أحد تلك المصادر. وبينما قالت مصادر دبلوماسية غربية فى القاهرة إنه أحدا لا يفهم السبب الذى رفضت مصر من أجله فرصة القرض بعد طرحه فى الأسابيع التالية لثورة 25 يناير، بينما كانت شروط القرض «ميسرة بشدة»، رجحت مصادر غربية أخرى أن السبب ربما يرجع «لرغبة بعض أطراف اتخاذ القرار فى مصر فى الحصول على المبلغ المحدد للقرض على شكل منحة لا ترد، وهو أمر غير وارد بالنسبة للدول المانحة»، التى تحدث بعض من ممثليها للشروق.
واعتبر مصدر غربى فى القاهرة، طلب عدم نشر اسمه، «أن السياسة المصرية فى هذا الشأن غير مفهومة وهو ما يجعلنا غير قادرين على توقع ما ستسير عليه الأمور فى المفاوضات مع بعثة صندوق النقد الدولى». وبحسب مصدر آخر فإن «ما تردد فى ذلك الحين عن أن مصر ترفض هذا القرض بوصفه يفتح الباب للتدخل الأجنبى فى الشأن الداخلى لمصرى هو كلام تعوزه الدقة بشدة لأنه لم يكن فى المقترح المقدم لمصر أى مطالبات بسياسات اقتصادية غير تلك المبرمجة بالفعل لمصر، مع بعض المطالبة بشفافية فى كيفية استخدام هذه الأموال وهو الأمر الطبيعى».
وكانت مصر قد وصلت للمراحل النهائية فى اتفاقها مع صندوق النقد الدولى على قرض بقيمة 3.6 مليار دولار فى شهر يونيو الماضى، قبل أن يعلن المجلس العسكرى أنه لن يلجأ للاقتراض من الخارج.
وقال مسئول حكومى مصرى إن الرفض الأولى لعرض التفاوض على قرض صندوق النقد الدولى جاء فى ضوء تقديرات لم تثبت صحتها حول أن المرحلة الانتقالية كانت ستنتهى مع نهاية العام الماضى، وهو ما كان من شأنه أن يحقق استقرارا يسمح باستعادة الاقتصاد لحركته دون الحاجة للاقتراض الذى «يحمل الأجيال القادمة عبء تسديد ما تم اقتراضه وفوائده، صغيرة كانت أم كبيرة».
وبحسب المسئول فإنه «من المفهوم ان تكون هناك رغبة لدى الحكومة المصرية فى أن تتجاوز مصر مرحلة التوسع فى الاقتراض الخارجى وتسعى لعدم اللجوء إلى ذلك إلا فى أضيق الحدود، هو ما سيتم».
وأشارت عدة من المصادر الرسمية المصرية إلى أن السبب الحقيقى وراء عدم اتجاه مصر لقبول التفاوض حول قرض صندوق النقد الدولى إنما يرجع إلى وعود لم تنفذ من قبل ثلاث دول عربية هى السعودية وقطر والإمارات بتقديم دعم مادى على شكل منح وليس قروضا لمصر.
وفى حين أن وزير الخارجية ورئيس الوزراء القطرى حمد بن جاسم قد قال خلال مؤتمر صحفى مطلع الشهر فى القاهرة إن قطر تنتظر أن يتم انتخاب رئيس مصرى لتقوم بتقديم المساعدات المالية التى كانت قد تعهدت بها، أشار مسئول حكومى إلى أن هذه التصريحات لا تتوافق مع وعود قطعها أمير قطر لدى زيارة قام بها للقاهرة فى أعقاب الثورة المصرية.
وقدر مسئول مصرى آخر أن القرار القطرى بالتريث فى تقديم المعونة يرتبط بالأساس بأن المملكة العربية السعودية لم تقدم ما وعدت به فى انتظار أن ترى ما الذى سيحل بالرئيس السابق حسنى مبارك وأن الإمارات العربية المتحدة بدورها لم تف بتعهدات قدمتها فى انتظار تسويات لشركات إماراتية لها تعاقدات واسعة فى مصر.