«المصائب لا تأتى فرادى».. هذا هو حال صناعة السينما المصرية التى تتلقى صفعات وطعنات تهدد حاضرها وتضفى على مستقبلها غموضا، فها هى تعانى من مشكله كبيرة فى تدنى الإيرادات أثرت سلبا بطبيعة الحال على كثير من المنتجين الذين توقفوا عن الإنتاج حتى فوجئ صناع السينما بقرار غريب يحمل توقيع د. عبدالقوى خليفة محافظ القاهرة الذى اجتمع برؤساء الأحياء وطالبهم بمراجعة جميع الإعلانات الخاصة والحكومية لتوفيق أوضاعهم وفقا للمبالغ الجديدة التى تم وضعها لعرض هذه الإعلانات بما يهدف لتحسين إيرادات المحافظة!، وبادر رؤساء الأحياء بمخاطبة أصحاب دور العرض السينمائى المنتشرة بجميع أنحاء القاهرة يطالبونهم بسداد المستحقات الواجبة على الأفيشات بعد زيادة المبلغ من جنيه واحد فقط للمتر إلى ستمائة جنيه للأفيش الواحد الذى تتراوح مساحته بين 10 أمتار و60 مترا وهو ما يزيد من أعباء صناع السينما الذين يتعرضون لخسائر فادحة ومتواصلة. أصل الحكاية يرويها المنتج محسن علم الدين مستشار مجلس غرفة صناعة السينما قائلا:
تلقيت خطابا غريبا من محافظة القاهرة يتضمن زيادة المبلغ الذى كنا ندفعه لعرض أفيشات الأفلام بدور العرض السينمائى وعلى الواجهة من جنيه واحد للمتر إلى ستمائة جنيه للأفيش الواحد وهو رقم ليس بسيطا إذا وضعنا فى الاعتبار أن أحيانا حجم الأفيش يصل إلى 60 مترا وأحيانا 94 مترا أى أن المبلغ قد يصل إلى 60 ألف جنيه للفيلم الواحد وإذا عرضت السينما 4 أفلام فى العام مثلا يصبح المبلغ 240 ألف جنيه وهو خراب بيوت بكل المقاييس.
وأضاف: وعلى الفور تحدثت مع المنتج منيب شافعى رئيس غرفة صناعة السينما لعقد اجتماع طارئ لأعضاء الغرفة لمناقشة هذه المهزلة وإعلان موقفنا الرافض لهذا القرار الذى من شأنه القضاء على صناعة تعانى كثيرا من المشكلات وبحاجة إلى مد يد العون لها.
وقال المنتج منيب شافعى رئيس غرفة صناعة السينما:
«لم أكذب خبرا حينما سمعت هذا الكلام وقمت بدعوة كل أعضاء الغرفة والمهتمين بصناعة السينما لأن هذا القرار كارثى بكل تأكيد ومن شأنه أن يقضى على كل محاولاتنا لإنقاذ السينما المصرية من الانهيار فهل يجوز بعد أن نجحت الغرفة فى خفض قيمة ضرائب الملاهى من 48% إلى 5% فقط من قيمة التذكرة، ونجحنا فى الحصول على موافقة من الجمارك بالسماح بدخول معدات التصوير مجانا وبلا مقابل وخفض قيمة الجمارك على الفيلم الخام من 15 و20 % غير شاملة ضريبة المبيعات إلى 10% شاملة الضريبة وكلها محاولات لمد يد العون لصناع السينما التى يعمل بها آلاف من الأيدى العاملة أمام وخلف الكاميرا وبدور العرض وايمانا بأهمية هذه الصناعة وبالمشكلات العديدة التى تعانى منها فكيف بعد كل هذا نفاجأ بمثل هذا القرار الغريب والمبالغ فيه بشكل لا يصدقه عقل.
وأضاف: كنا نعقد اجتماعات مستمرة لمناقشة مستقبل صناعة السينما إلى أن فوجئنا بهذا القرار الذى يؤكد أن الدولة لا تهتم بهذه الصناعة العريقة والحق هذا أمر ليس بغريب عليها.
ومن جانبه قال المنتج محمد حسن رمزى:
كثيرا راودتنا فكرة إغلاق دور العرض التى نملكها بعد أن وجدنا أنفسنا كل عام نتكبد خسائر تتراوح بين 2 و3 ملايين جنيه لكن التزامنا الأدبى والأخلاقى مع العاملين بهذه الدور ومستقبل أسرهم كنا نكافح ونصمد ونغامر حفاظا على بيوت ناس كثيرة وأملا أن ينصلح الحال، وهذا العام زادت الأوضاع سوءا بعد ثورة يناير وهى ضريبة تقبلناها بصدر رحب انتظارا أن يتحقق أملنا،لكن كل يوم نفاجأ بحادثة مختلفة تدفعنا لليأس وأغرب هذه الحوادث تلك الخطابات التى أرسلها رؤساء الأحياء يطالبون فيها دور العرض بدفع مقابل الأفيشات بعد زيادة المبلغ المستحق بنسبة 600% فى قرار منفرد ودون الرجوع إلى أصحاب الشأن لنجد أنفسنا مطالبين بدفع مبلغ يتراوح بين 30 و40 ألف جنيه شهريا وهو رقم لا يحققه شباك التذاكر بالأساس وهذا كما يقول المثل فيه «خراب بيت مستعجل».
واستطرد: بعد أن علمت بهذا القرار لم يتبادر إلى ذهنى سوى حلين لا ثالث لهما إما أن أقوم بتسويد اللافتات بدار العرض وعدم عمل دعاية للأفلام وعلى الجمهور أن يخمن اسم الفيلم الذى يتم عرضه أو إغلاق الدار وأستريح من هذا الكم من المشكلات ولا أخفى أن كليهما صعب علىّ وعلى أصحاب دور العرض جميعهم.
وتساءل: هل يجوز لأى مسئول أن يزيد قيمة المقابل المادى لأى شىء دون سند قانونى؟ أم أن القرارات تؤخذ عن طريق الأهواء؟ وهل يعقل أن يسعى المحافظ لزيادة دخل محافظته بخراب بيوت الناس؟
وأكمل حديثه قائلا: أشعر بحالة انزعاج شديد وأخشى أن نتخذ قرارا يزيد من محنة صناعة السينما المصرية فلن نقبل دفع هذه المبالغ بكل تأكيد فكيف يحدث هذا ونحن نتعرض لخسائر بهذا الحجم ومتى يشعر المسئولون بنا.
وأخيرا تحدث الناقد يوسف شريف رزق الله رئيس جهاز السينما قائلا:
لقد حرصت على الاشتراك فى اجتماع غرفة صناعة السينما رغم أننى لم أتلق خطابا رسميا بهذا الشأن ولكن نحن جميعا فى قارب واحد ولقد انزعجت من التوقيت الذى اختاره محافظ القاهرة لرفع القيمة المطلوبة للإعلانات وهو يدرك حجم الخسائر الرهيبة التى تتعرض لها البلاد وتحديدا فى مجال صناعة السينما الأكثر تأثرا بالأحداث التى تجرى بالشارع وهو أمر غريب حقا.
وقال: لا أعرف مدى قانونية رفض تنفيذ القرار ولكن لابد من إيجاد وسيلة لحل هذه المشكلة فأنا أتضامن مع موقف السينمائيين فنحن أدرى بالمشكلات التى يتعرضون لها فجهاز السينما يمتلك دور عرض ونلمس حجم هذه المشكلات وبالتالى أتوقع استجابة من المسئولين خصوصا أن غرفة صناعة السينما لن تقف مكتوفة الأيدى بل ستواصل انعقادها وستعلن ما تتوصل إليه فى مؤتمر صحفى كبير.