بعيدا عن مجال الأدب من قصة ورواية وشعر-رشحت صحيفة الجارديان أفضل هدايا الكتب فى أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية مابين التاريخ والعلوم والموسيقى والرياضة والسياسة مستعينة بنخبة من النقاد والمتخصصين فى هذه المجالات. ففى التاريخ - رشح الناقد توم هولاند كتاب :"كيف نحيى تيتانيك؟" وهو كتاب بقلم فرانسيز ويلسون عن مآساة غرق السفينة تيتانيك عبر تناول قصة مالك هذه السفينة بروس ايسماى الذى قيل إنه تسبب بسوء تقديره فى غرق السفينة وعاش ماتبقى من حياته يعانى الحسرة والعار.
وكان بروس ايسماى تمكن من القفز من السفينة مستخدما زورق انقاذ لينجو بحياته تاركا خلفه الركاب ليواجهوا المصير المحتوم فى قاع المحيط.
ويمكن تصنيف هذا الكتاب كأحد كتب التاريخ الاجتماعى فيما صيغ بأسلوب أدبى رفيع مع حاسة نقدية واضحة للمؤلف الذى قام بعملية تشريح للبنية النفسية لبروس ايسماى كنموذج لرجال المال والأعمال الجشعين والذين لا تعنيهم سوى لغة البنكنوت دون اكتراث بأرواح البشر الأبرياء الذين لم يجدوا قوارب نجاة.
وتقول الرواية الرسمية إن السفينة تيتانيك التى دشنت فى بلفاست كأكبر باخرة فى العالم حينئذ غرقت فى رحلتها الأولى بعد ارتطامها بجبل جليدى فى المحيط الأطلنطى عام 1912 جراء خطأ فى توجيه الدفة وتبين أن مالك السفينة بروس ايسماى هو الذى اقنع القبطان بمواصلة الإبحار بسرعة بعد ارتطامها برأس الجبل.
وسيخصص أحد أكبر المتاحف فى العالم وهو متحف العاصمة الايرلندية الشمالية بلفاست جناحا لمجسم للسفينة تيتانيك فى العام المقبل الذى يوافق ذكرى مرور 100 عام على مآساة غرق هذه السفينة العملاقة.
أما تيم رادفورد فرشح فى مجال العلوم الطبيعية كتاب "الآتى..لماذا ينبغى علينا أن نتعلم الاقلاع عن القلق ونحب النيازك القادمة من الفضاء؟" وهو كتاب يطرح فيه المؤلف تيد نيلد رؤية مشوقة تمزج أحيانا بين الجد والهزل حول المرور عبر المجموعة الشمسية الكونية.
ويكاد الكتاب يلامس تخوم الخيال العلمى رغم استناده لحقائق فيما يضع المؤلف تعليمات السفر وقواعد المرور الفضائى عبر الكواكب موليا اهتماما كبيرا لمسألة النيازك والشهب التى تتساقط بعشرات الآلاف على الأرض كل عام غير أن أغلبها يحترق فى الغلاف الجوى قبل السقوط على رؤوس سكان الكرة الأرضية.
فالبشر أسعد حظا من الديناصورات التى انقرضت بفعل هذه الشهب والنيازك كما ينوه تيد نيلد فى كتاب طريف بالفعل ويعزف على أوتار إنسان مابعد الحداثة الذى مازالت تسكنه الأساطير والسحر رغم كل دعاوى الاحتكام للعلم وحده.
ولو علم هذا الانسان بحجم ماتساقط من نيازك وشهب صوب الأرض على مدى ال260 مليون سنة الماضية كما يقول مؤلف الكتاب لعرف بالفعل أنه محروس ومحظوظ لنجاته من مصائب أتت على الديناصورات العملاقة مع أن البشر عاشوا قبل الديناصورات وهاهم يعيشون بعد انقراضها!.
وفى مجال الموسيقى - رشح دوريان لينسكى كتاب "الولع بأثر رجعى..إدمان ثقافة البوب للتعلق بماضيها" للمؤلف سيمون رينولدز الذى يتحدث فى كتابه عن ظاهرة إضفاء البعض لنوع من القداسة على التاريخ، إنه الحنين للماضى الذى باتت موسيقى البوب والأغانى الشعبية الخفيفة جزءا منه كما يومىء العنوان الاشكالى لهذا الكتاب بقلم ناقد موسيقى كبير مثل سيمون رينولدز الذى عرف بالرؤى الثاقبة ومساءلة الواقع.
يرى رينولدز فى كتابه إن الافراط فى الحنين للماضى والولع بالأيام الخوالى وادمان موسيقى وأغانى سادت فى مرحلة سابقة ليس دائما بالأمر المحمود رغم إقراره بأنه هو ذاته يعانى من هذه المشكلة ودائما ماتناوشه الذكريات.
كأنه يريد أن يفتح طاقة أمل فى أيامنا هذه ويقول إنه إذا كان الماضى بكل هذا الجمال فلعل الحاضر والقادم أحلى!.
أما فى مجال الرياضة فيرشح الناقد هيو ريتشاردز كتاب "حياة قصيرة جدا..مأساة روبرت اينك" للمؤلف رونالد رينج وهو بمثابة سيرة ذاتية لحارس المرمى الألمانى روبرت اينك الذى انتحر عام 2009.
وقد حصل هذا الكتاب على جوائز من بينها جائزة "ويليام هيل" للكتابة والنقد الرياضى فى عام 2011 فيما تفوق رونالد رينج فى الكتابة بأسلوب مؤثر للغاية وبالغ التعاطف مع اللاعب الراحل روبرت اينك وهو يتناول حياته القصيرة وأسباب ودوافع انتحاره.
وكان روبرت اينك مثالا للاعب الخلوق وبدا فى حياته القصيرة أقرب للفارس الذى يزود بفدائية عن مرماه كما يوضح رونالد رينج المتخصص فى الكتابة عن حراس المرمى وله عدة كتب على هذا المضمار من بينها كتاب "حارس الأحلام".
والغريب أن جارى سبيد مدرب حارس المرمى الألمانى الراحل روبرت اينك أقدم على الانتحار بدوره لتكتمل واحدة من مآسى المستطيل الأخضر وعالم الساحرة المستديرة.
وواقع الحال كما يقول هيو ريتشاردز فإن كتب الرياضة وألعابها ونجومها ليست بحاجة لأعياد الميلاد ورأس السنة لتنتشر وتبيع فهى دوما وعلى مدار العام فى حالة رواج وهكذا كان حالها فى عام 2011.
وإذا كانت كتب السياسة تحسد كتب الرياضة على هذا الرواج والمبيعات الهائلة فإن الناقد مايكل وايت يرشح فى مجال السياسة كتاب "عائد من حافة الهاوية" لاليستر دارلينج ذلك السياسى الذى شغل منصب وزير الخزانة فى بريطانيا أبان انفجار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية فى عام 2008 وكتب عليه أن يواجه اسوأ أزمة اقتصادية تتعرض لها بلاده فى غضون 60 عاما.
والكتاب يروى تجربة الوزير السياسى عندما يواجه أزمة خطيرة تخرج عن نطاق خبراته وسبل ادارة الأزمة مع رئيس الحكومة البريطانية حينئذ جوردون براون ومواجهة جشع بعض المصرفيين واصلاح أخطاء جسيمة تعكس خطايا اخلاقية للوصول بالبلاد إلى بر الأمان.
وخطايا تتجلى أيضا عبر كتاب "جوليان اسانج..سيرة ذاتية غير مأذونة" وهو كتاب نشر دون موافقة وأذن السويدى اسانج مفجر ماعرف فضائح ويكليكس خلال عام 2011 فيما يقول مايكل وايت إنه أحد أفضل الكتب السياسية الجديرة بأن تكون هدايا أعياد الميلاد ورأس السنة .
وكان جوليان اسانج مؤسس موقع "ويكليكس" الكاشف عن البرقيات السرية والمكاتبات الرسمية بما تحويه من فضائح، أكد أن دار النشر البريطانية "كانوغيت" نشرت سيرته الذاتية دون اذنه أو موافقته بما قد يشكل للمفارقة فضيحة فى عالم النشر بعد أن أقرت "كانوغيت" بأنها نشرت الكتاب رغما عن ارادة كاشف الفضائح فى عام 2011!.