كما كان 2011 عاما استثنائيا فى تاريخ مصر، كان كذلك بالنسبة للفنانين، ورغم أن بعضهم تفاعل مع الثورة منذ انطلاق شرارتها وقضى ال18 يوما معتصما فى «خيمة الفنانين» بالتحرير ، إلا أن آخرين فشلوا فى قراءة الموقف فاختاروا مساندة نظام يتهاوى، وعندما تراجعوا كان الوقت متأخرا فكان عقابهم طرد من الميدان.. وفى الوقت نفسه اكتفى أغلب الفنانين بمراقبة المشهد من بعيد ليدعم الجانب الفائز فوجد نفسه ضمن «القائمة السوداء». كما تركت الثورة أثرا على المزاج الفنى بشكل عام، فظهرت أفلام تغازل الثوار، وانتشرت أغانى تمجد الشهداء، ولم تكن الدراما بعيدة عن التأثر فانخفض الإنتاج للنصف، وغاب كبار النجوم عن شاشة رمضان، بينما كان للمسرح وجه آخر.
وفى جميع الحالات بقيت الثورة السيناريو الذى لم يتوقعه سيناريست، ولم يدر فى خلد ممثل أن يقوم بدور فى أحداثه، كما فاقت خيال أى مخرج مهما ذهب به بعيدا.. فى الملف التالى نرصد «الفن فى عام الثورة».
شهد عام 2011 أكبر حركة تنقلات للإعلاميين بين القنوات المختلفة فيما أشبه بحركة تنقلات يناير المعروفه فى الوسط الرياضى والمفارقة هى أن كلمة السر لجميع حالات الانتقالات بلا استثناء كانت «ثورة يناير»، تلك التنقلات رصدناها فى التقرير التالى.
«تامر أمين وخيرى رمضان ولميس الحديدى» الثلاثة بزغ نجمهم عبر شاشة التليفزيون المصرى فى عهد النظام المنحل، ومن هنا طاردتهم اتهامات من أبناء ماسبيرو بالولاء لنظام مبارك، ولذلك عمل د.سامى الشريف أثناء توليه رئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون على إقصائهم، فاستبعد خيرى ولميس بدعوى تطبيق قرار سابق بوقف التعامل مع قادمين من خارج ماسبيرو، بينما اتخذ تامر أمين قراره بالابتعاد عن الشاشة بعد الحملات التى شنتها ائتلافات ثوار ماسبيرو ضده، ولكن لم يغب الثلاثة عن الأعين كثيرا فما هى إلا أشهر قليلة وعاد ليبزغ نجم خيرى ولميس عبر شاشة قناة cbc الوليدة، أما تامر أمين فظهر من خلال قناة ltb.
برز ثلاثى آخر يمثل نموذجا على النقيض من ثلاثى ماسبيرو، وهم محمود سعد وحافظ المرازى ودينا عبدالرحمن، والذين كان لهم موقف مؤيد للثورة منذ اللحظة الأولى، ودفعوا ثمن مواقفهم، وكانت البداية عندما تعرض محمد سعد لهجوم شرس من قبل انس الفقى وزير الاعلام الاسبق فى مداخلة ببرنامج «مصر النهار ده» الذى كان يذاع على القناة الثانية، واتهم الفقى سعد بأنه يسعى للمادة ويبحث عن مجده الشخصى دون وضع المصلحة العامة فى الاعتبار، وبعدها ترك سعد برنامج «مصر النهارده»، لينتقل إلى قناة التحرير تلك القناة التى ولدت بإمكانيات مادية متواضعة، ولكن التجربة بالنسبة لمحمود سعد لم تكن موفقة حيث لم تحقق له ما كان يتمناه، ويمكنه المنافسة بقوة، ومن هنا قرر الرحيل أخيرا لقناة النهار.
وفى قناة العربية فاجأ حافظ المرازى الجمهور فى آخر حلقات برنامجه «من استوديو القاهرة» بقوله: «إن لم تشاهدونى فى الحلقة القادمة فمعناه أنى أودعكم فإن لم نستطع أن نقول رأينا فلنتوقف. ففى الحلقة القادمة سنجرب ذلك، سنتحدث عن تأثير الثورة المصرية على الوضع فى السعودية. وصدق حدس المرازى وتم استبعاده من العربية.
وبعدها كان مقررا أن يظهر عبر برنامجه «بتوقيت القاهرة» من التليفزيون المصرى، لكن مشكلات ماسبيرو واعتصامات العاملين حالت دون هذا، فشد رحاله ببرنامجه لقناة دريم، والمفارقة أن قناة دريم التى فتحت ابوابها للمرازى، هى ذاتها التى ضاق صدرها بجرأة المذيعة دينا عبدالرحمن، والذى أدى إلى صدام مع اللواء عبدالمنعم كاطو المستشار بإدارة الشئون المعنوية، إلى فراق لا رجعة فيه لتستقر المذيعة فى قناة التحرير.
«معتز الدمرداش وعمرو أديب لعبة الكراسى الموسيقية» هكذا وصف المتابعون للشاشة العربية واقعتين غريبتين فى حركة تنقلات يناير إحداهما تخص الدمرداش والثانية لأديب، ففى الوقت الذى فوجئ فيه معتز الدمرداش بمنع دخوله استوديو برنامجه «90 دقيقة» بقناة المحور بعد سلسلة من الخلافات بينه وبين رئيس القناة د.حسن راتب، وصلت لتبادل الاتهامات عبر بيانات صحفية، قال فيها راتب أن معتز حول القناة أثناء الثورة إلى جزيرة أخرى، وذلك حينما رفض معتز الذهاب الى منزل عبود الزمر المدان فى قضية اغتيال الرئيس السادات لإجراء حوار معه، وتمسك بحضور الزمر للاستوديو مثل أى ضيف للبرنامج، وكانت النتيجة النهائية انتقال الدمرداش إلى قنوات الحياة، ليظهر مرة أخرى على الشاشة التوك شو من خلال برنامجه «مصر الجديدة».
وبهذا حل مكان «مباشر» الذى كان يقدمه الاعلامى عمرو أديب مع بداية ثورة يناير على الحياة 2، وهو الذى كان ممنوعا من الظهور فى القنوات المصرية بعد أن تم إقصاؤه عن برنامجه المفضل «القاهرة اليوم» على قناة اوربت لما يزيد على 6 أشهر، ومع الثورة فتحت قنوات الحياة بابها امامه ليقدم برنامجا بالاشتراك مع الاعلامية رولا خرسا وبعد أن سقط النظام واصبح المجال مفتوحا لعودته لبرنامجه «القاهرة اليوم»، كذلك رفضت القناة تجديد تعاقدها مع الإعلامية رولا خرسا وبرنامجها «الحياة والناس»، فرحلت إلى قناة البلد.
لم تتوقف حركة التنقلات عند هذا الحد حيث حل الإعلامى محمد الوروارى القادم من قناة العربية مكان معتز فى برنامج 90 دقيقة، ولكن سرعان ما غادر بعدما شعر بمحاولات تهميشه ليعود مرة اخرى لقناة العربية، ويحل بدلا منه الاعلامى عمرو الليثى الذى غادر قناة دريم للتحرير ليستقر أخيرا بالمحور.