قتل 20 شخصا في قصف عنيف شنته قوات سورية مدرعة على معارضين للرئيس السوري بشار الأسد في مدينة حمص اليوم الاثنين، ويتعرض بابا عمرو (وهو حي في حمص) لقصف عنيف من نيران رشاشات ثقيلة وعربات مدرعة وقذائف مورتر. وذلك قبل زيارة مقررة لبعثة مراقبين تابعة لجامعة الدول العربية للتأكد من أن السلطات السورية تنهي قمعا عنيفا للاحتجاجات.
وقبل يوم من زيارة المراقبين للمدينة وهي قلب احتجاجات بدأت قبل تسعة شهور ضد الأسد لم تظهر أي بادرة على تنفيذ دمشق لخطة تم الاتفاق عليها مع الجامعة العربية لوقف القمع العسكري للاحتجاجات وبدء محادثات مع المعارضين.
وبعد ان طغى التمرد المسلح في سوريا بدرجة كبيرة على الاحتجاج السلمي يخشى كثيرون أن تكون سوريا على شفا حرب طائفية بين الاغلبية السنية فيها والاقلية العلوية الشيعية التي ينتمي إليها الأسد خاصة بعد تفجيرين انتحاريين وقعا في العاصمة دمشق يوم الجمعة وأسفرا عن مقتل 44 شخصا.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره بريطانيا في بيان "يتعرض بابا عمرو (وهو حي في حمص) لقصف عنيف من نيران رشاشات ثقيلة وعربات مدرعة وقذائف مورتر". وقال ساكن في حمص لم يذكر من اسمه سوى محمد "العنف من الجانبين بالطبع. رأيت سيارات إسعاف تنقل جنودا مصابين تمر أمام نافذتي في الايام المنصرمة. يطلق عليهم النار بشكل ما".
ويحمي الجيش السوري الحر أجزاء من حمص ويتكون هذا الجيش من منشقين عن الجيش السوري يقولون إنهم حاولوا فرض مناطق عازلة لحماية المدنيين.
ووثق المرصد أسماء أشخاص ورد أنهم قتلوا في اشتباكات اليوم التي بدأت بمداهمات واعتقالات قامت بها قوات موالية للاسد كما وردت تقارير عن أعمال مماثلة في مدينة حلب ثاني أكبر مدينة سورية والتي كانت بعيدة عن الانتفاضة حتى أمد قريب.
وقال مصدر في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة لرويترز إن مجموعة أولى تضم 50 مراقبا من بين 150 مراقبا تابعين للجامعة ستصل إلى سوريا اليوم وسيذهب بعضهم إلى حمص غدا الثلاثاء.
وسيكون هدف البعثة هو تقييم ما إذا كان الاسد عازما على سحب الدبابات والقوات من ثالث أكبر مدينة سورية كما وعد. وقال المصدر إن بعثة المراقبين العرب ستزور حمص لانها أكثر المناطق اضطرابا في سوريا.
ويعرض التلفزيون السوري بشكل متكرر مناطق بعينها في المدينة تبدو هادئة لكن لقطات فيديو يلتقطها نشطاء ويبثونها على شبكة الانترنت تظهر أجزاء أخرى من المدينة وقد بدت كساحة حرب تخلو فيها الشوارع وتتناثر فيها الجثث وتتحطم فيها واجهات منازل.
وتمنع سوريا معظم الصحفيين الاجانب من العمل فيها منذ بدء الاحتجاجات مما يجعل من الصعب التحقق من تقارير الاحداث على الارض.
وتقول الاممالمتحدة إن خمسة آلاف سوري على الاقل قتلوا منذ بدء الاحتجاجات التي استلهمت احتجاجات خرجت في دول عربية أخرى هذا العام. ويقدر أن ثلث القتلى سقطوا في حمص والمناطق المحيطة بها.
ويقول الاسد إن حكومته تواجه تمرد عصابات تصفها بأنها "إرهابية." وأقنعت الدول العربية الرئيس السوري بالسماح بدخول نحو 50 مراقبا لمعرفة ما يحدث على الأرض وذلك بعد ستة أشهر من التهديدات والمراوغة.
وقال محمد الساكن في حمص "سننتظر ونرى. نأمل أن يعملوا بالطريقة التي يجب أن يعملوا بها. نأمل أن يكونوا محايدين.. إذا كانوا محايدين فإنهم سيدينون الجميع لكنهم سيدينون على وجه الخصوص السلطات (السورية) لانها الجهة التي يجب عليها حماية الناس".
وأضاف أن الطعام بدأ ينفد في بعض مناطق حمص. وقال "يقول أصدقائي في بابا عمرو الذين لا علاقة لهم بالمشاكل إنهم لا يملكون الخبز. إنهم تحت الحصار".
ووصل رئيس بعثة المراقبين العرب محمد أحمد مصطفى الدابي دمشق يوم الجمعة عندما تعرضت العاصمة لتفجيرين انتحاريين الامر الذي مثل تصعيدا للعنف.
ويقول معارضو الاسد إنهم يشتبهون في أن الحكومة السورية تقف وراء التفجيرين حتى تظهر للعالم أن سوريا تواجه عنفا من إسلاميين مسلحين ولترويع مهمة بعثة المراقبين التابعة للجامعة العربية.
وعبر معارضون للاسد عن تشككهم في بعثة المراقبة العربية لمتابعة تنفيذ خطة السلام ويقولون إن الاسد لن يلتزم بها بالنظر إلى القمع الشرس المستمر للمتظاهرين.
وتلقي السلطات السورية باللائمة في العنف على مجموعات مسلحة تقول إنها قتلت ألفين من الجنود وأفراد الامن هذا العام.
وقال الدابي إنه التقى مع الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي في القاهرة قبل أن يسافر إلى دمشق وإنهما وضعا "خارطة طريق" لعمل البعثة التي تعهدت بأن تتحلى بالشفافية.
وفي تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الاوسط المصرية قال الدابي إن البعثة ستلتقي بمجموعات مختلفة في سوريا بما في ذلك القوى المسلحة وأعضاء في المعارضة.
وليس من المعروف إذا كانت السلطات السورية ستعطي المراقبين ما يكفي من حرية الحركة للقيام بعملهم كما ينبغي. ولم تذكر وسائل الاعلام السورية الرسمية نبأ وصول الدابي إلى دمشق.
وبعد ستة أسابيع من المماطلة وتعطيل الخطة العربية وقعت سوريا بروتوكولا هذا الشهر للسماح للمراقبين بدخول البلاد بموجب الخطة التي تدعو إلى وقف العنف وسحب القوات من الشوارع والافراج عن السجناء وبدء حوار مع المعارضة، وقال العربي إن الأمر سيستغرق أسبوعا فقط لمعرفة ما إذا كانت السلطات السورية ملتزمة ببنود خطة السلام العربية.
وقال برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري المعارض إن الجامعة العربية التي فرضت عقوبات على دمشق وعلقت عضوية سوريا يجب أن تصعد الضغوط على الاسد عن طريق مطالبة مجلس الامن التابع للامم المتحدة بإقرار المبادرة العربية.