اعتبر الدكتور محمد البرادعي- المرشح لانتخابات الرئاسة المصرية المقبلة، أن المجس الاستشاري أكبر دليل على سياسة التخبط التي تعيشها مصر منذ قيام ثورة يناير المجيدة وعدم وضوح الرؤية التي أدت بها إلى حالة أمنية واقتصادية أسوأ مما كانت عليه قبل الثورة.
وذكر البرادعي أنه طالب بتشكيل مجلس رئاسي مشترك بين المدنيين والعسكريين منذ 5 مارس الماضي، غير أنه لم يستجاب لذلك، مشيرًا إلى أن اليوم الميادين هي الكتلة الحرجة في مصر التي قامت بالثورة، ولابد من الاستماع لها ليس لغيرها، مناشدًا القوى السياسية أنه لابد أن تفكر في نقاط الاتفاق لا في نقاط الاختلاف.
صرح الدكتور محمد البرادعي، خلال لقاؤه مع برنامج "مصر تنتخب" على قناة "سي بي سي" الفضائية، أنه يريد دستورًا جديدًا يخلط بين النظامين البرلماني والرئاسي، كما أبدى البرادعي سعادته بالرسالة التي بعثها الدكتور محمد بديع- المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، لطمأنة الشعب بها، حيث أن الإخوان أصبحوا هم الجناح الوسطي والكرة في ملعبهم –حسب تعبيره.
وأضاف أيضًا، "أتمنى أن ينفصل حزب الحرية والعدالة عن جماعة الإخوان، لكي لا ندخل الدين في السياسة". مشيرًا إلى أن "الكثيرون فقدوا انتمائهم للدولة في الفترة الماضية، فأصبح انتماؤهم للدين على حسب تفسير من يقدمه لهم"، وأوضح أن نتائج المرحلة الأولى للانتخابات هي نتائج 60 عامًا من غياب الديمقراطية. قائلاً: "الديمقراطية ليست هي الانتخابات فقط، ولكنني أريد أن يتم تمثيل كل فئات وطوائف المجتمع في البرلمان المقبل"، كما أن هناك إحباط لدى المواطنين لأنهم يشعرون أن أهداف الثورة لم تتحقق بعد، ولابد من كسر جهاز الداخلية، بعيدًا عن شخص وزير الداخلية المقبل. ومازال الأمن يعمل بنفس الطريقة التي كان يعمل بها أيام المخلوع مبارك، ومطلوب من الأمن أن يتحول من أمن النظام، إلى أمن يحمي المواطن في المقام الأول.
وبيّن البرادعي، أن الثورة تغيير فكر وأشخاص، ولكن هذا لم يحدث، وهناك حالة تخبط كاملة، والمجلس الاستشاري "حيدخلني في حيطة سد مع البرلمان"، ولا نخفي أننا جميعًا كنا سعداء بالمجلس العسكري، ولكن لابد أن يختلف رد البعض على أدائه الآن، وقال: "طلبت لقاء المجلس العسكري بعد أحداث محمد محمود لأن مصر كانت تنهار، وطالبتهم بضرورة إيقاف العنف، ووقف المحاكمات العسكرية".
كما أكد البرادعي في حديثه لبرنامج "مصر تنتخب" أن "الثورة حتنجح حتنجح، لا جدال في هذا". مضيفًا: "لقد كنت أيقونة في مصر حتى ديسمبر 2009، وعندما أصدرت بيان التغيير فجأة أصبح البرادعي هو عدو مصر الأول"، قائلاً: "أقبل النقد المبني على حقائق وليس المبني على جهل، وسأصدر كتابي قريبًا عن دار (الشروق)، والذي يوضح كم الخلافات التي كانت بيني وبين الولاياتالمتحدة وإسرائيل".
وحول النهوض بمصر والعمل على إصلاحها، صرح الدكتور محمد البرادعي، بأن "هناك برنامج من 10 نقاط يتعلق بمجموعة من الأساسيات الاقتصادية لدفع عجلة الإنتاج، وتمت مراجعته مع كبار الاقتصاديين في مصر، ومن السهل جدًا أن تصبح مصر مثل تركيا في خلال 10 سنوات، فلدينا ما يكفي من الإمكانيات البشرية والمادية لنتقدم، انظر مثلاً إلى إمكانيات المصريين في الخارج"، مشددًا على ضرورة أن تكون الصناعة جزءًا أساسيًا من الاقتصاد المصري، ولدينا الطاقة البشرية الكبيرة التي نحتاجها لتنفيذ ذلك، لافتًا إلى أن مصر من الممكن أن تعيش على دخل السياحة فقط.
وأكد البرادعي، على ضرورة أن يتعلم الإنسان كيف يتعامل مع التكنولوجيا الحديثة ليستطيع المنافسة، كما "يجب أن يتضاعف الدخل القومي لمصر، وأن ينفق ربعه على ملفيْ الصحة والتعليم، فالتخبط الحاصل الآن يؤذينا اقتصاديًا بشكل كبير جدًا، ويجب أن يتوقف هذا".
وأشار أيضًا إلى أن الجيش سوف يطور من أدائه ليصبح جيش دولة ديمقراطية نتمناها، منوهًا إلى أنه "إذا دخلت على الإنترنت ستعثر على ميزانية الجيش الأمريكي بشكل تفصيلي، وغير صحيح أن ميزانيات جيوش العالم غير معروفة"، وأوضح كذلك أنه "إذا جلسنا سويًا وتحدثنا في التفاصيل سنجد أن الاختلافات ما بيننا هي اختلافات وهمية، لذا أطلب من القوى الإسلامية بقيادة الإخوان أن يجلسوا مع باقي القوى الوطنية والمجلس العسكري ويتفقوا على مبادئ عامة للدستور".
وذكر أن "العلاقة بين القانون والقيم والعادات والتقاليد هي المشكلة، والغنوشي قال أن الدولة لا يجب أن تتدخل في طريقة حياة المواطن". مضيفًا أنه عندما نقضي على الفقر في مصر من الممكن أن نتحدث بعدها عن تطبيق الحدود، حيث أن مصر في "رأيي منفصلة إلى قسمين، والقسم الأكبر الذي يبلغ 90% من السكان لا يهتم إلا بتوفير حياة كريمة لا يجدها".
وشدد على ضرورة أن تقوم التيارات الإسلامية بالتأكيد على أن ما سمعناه ممن قالوا بأن "أدب نجيب محفوظ دعارة وأن الديمقراطية كفر" ما هي إلا أفكار متطرفة، فالإسلام أساسه الحرية والعدالة الاجتماعية.
وتابع البرادعي حديثه، قائلاً: "نحن الآن في وضع لا نحسد عليه على الإطلاق، والحلم والمشروع القومي القادم هو صيانة كرامة المصري، وهيبة الدولة من هيبة كل مواطن فيها، وعندما تم الكشف على عذرية سميرة سقطت هيبة الدولة". وأطالب المجلس العسكري أن يقتصر حديثه على المجالات التي لهم خبرة فيها.