نفى المستشار محمد حسن، نائب رئيس مجلس الدولة، رئيس المكتب الفنى لمحاكم القضاء الإدارى، أن يكون القضاء الإدارى «يصدر أحكاما متناقضة فيما يتعلق بالعملية الانتخابية أو غيرها»، مؤكدا أن «هناك مبادئ موحدة تصدر منها الأحكام، وتم الاستقرار عليها بعد الرجوع إلى المحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية». حسن الذى يرأس أيضا غرفة عمليات متابعة الطعون الانتخابية، قال فى حواره مع «الشروق» إن تمكين المصريين المقيمين فى الخارج من التصويت فى الانتخابات «جاء بعد إلغاء نص المادة 12 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، والذى تم تعديله قبل الدعوة إلى إجراء الانتخابات»، معترفا فى الوقت نفسه بوجود «العديد من الصعوبات التى تواجه تنفيذ هذا الحكم، فى ظل تبقى أيام محدودة على بدء الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية المقررة نهاية الشهر الجارى».. وإلى نص الحوار
● هل ناقش قضاة مجلس الدولة مع الحكومة آليات تنفيذ حكم السماح للمصريين المقيمين فى الخارج بالتصويت فى الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ يتوقف دور مجلس الدولة عند إصدار الحكم، وليس مطلوبا منها متابعة التنفيذ، لأنها مسئولية اللجنة العليا للانتخابات ومجلس الوزراء.
● لماذا لم يصدر هذا الحكم من قبل خاصة أن هناك دعاوى مماثلة أقيمت فى الانتخابات الماضية ولم يفصل فيها؟ التعديلات التى تم إدخالها على قانون مباشرة الحقوق السياسية ألغت المادة 12 من القانون، والتى كانت تقف عائقا أمام السماح للمصريين فى الخارج بالتصويت فى الانتخابات والاستفتاءات، وأقيمت دعوى قضائية بالفعل أمام محكمة القضاء الإدارى مماثلة للدعوى التى فصل فيها عام 2008، وأحالتها المحكمة الإدارية العليا إلى المحكمة الدستورية للنظر فى مدى دستورية المادة 12، ولم يفصل فيها حتى الآن.
● ولماذا لم يتم الالتفات لذلك مبكرا بحيث يتم تنفيذه دون الحاجة إلى حكم قضائى؟ تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية تمت بشكل سريع، ما أدى إلى وجود ثغرات فى القانون، وقصور فى بعض الصيغ القانونية، ومن بينها حذف المادة 12 من القانون، مما سمح للمصريين المقيمين فى الخارج بالتصويت، خاصة أن المحكمة استندت إلى المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات، واعتبار أن التصويت فى الانتخابات حق دستورى كفله القانون، وحدد حالات الحرمان منه، والتى لم يكن من بينها وجودهم خارج البلاد، أما فيما يتعلق بالآليات التى يتم تنفيذها والعقبات التى تواجه منحهم هذا الحق فهو أمر تكون المحكمة بعيدة عنه بشكل كامل.
● هل طلبت الجهات المعنية مساعدة المجلس فى تحديد آليات تنفيذ الحكم؟ لم يحدث ذلك رسميا، وجميع الآراء التى صدرت عن القضاة فردية.
● أقام محام دعوى قضائية تطالب بمنع المصريين المقيمين فى إسرائيل من التصويت فى الانتخابات باعتبارهم فى دولة معادية، هل يمكن تصنيف البلاد حسب العلاقات السياسية معها؟ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بمنح المصريين المقيمين فى الخارج أيا كان موقعهم من التصويت فى الانتخابات، ولم يفرق بين وجود المصرى فى دولة معادية أو غير معادية، واللجنة العليا للانتخابات هى التى ستقوم بتحديد آليات التصويت فى كل دولة.
● كيف ترى إمكانية تنفيذ الحكم فى ظل الفترة القليلة المتبقية على موعد إجراء الانتخابات؟ فى رأيى الشخصى هناك عقبات حقيقة أمام السماح لهم بالتصويت، فاللجنة العليا للانتخابات لم تحدد آليات التصويت بعد، واختلفت الآراء حول طريقة التصويت، وحتى الآن لا يوجد شىء ملموس، فضلا عما ورد على لسان وزارة الخارجية عن وجود مشكلات أمنية فى بعض الدول الخليجية تتعلق بتأمين العملية الانتخابية.
وزارة الخارجية هى أكثر جهة يمكن أن تحدد إمكانية تنفيذ ذلك، لأن القنصليات المصرية فى الخارج يفترض أن بها سجلات خاصة بالمصريين المقيمين فى كل دولة، وهى التى ستحدد كيفية تصويتهم خاصة فى الدول التى لا يوجد بها مقار للسفارات أو القنصليات، وكذلك الدول الكبيرة مثل المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدةالأمريكية.. فتعدد الولايات والإمارات يحتاج إلى تحديد وتوضيح مكان التصويت وهل سيتم التقسيم وفقا لمناطق الإقامة أم سيسمح لأى شخص بالتصويت فى أى قنصلية وما هى سبل التعامل مع من لا يملك بطاقة الرقم القومى.
كما أن على اللجنة العليا إرسال جميع كشوف المرشحين على مستوى الجمهورية إلى القنصليات فى الخارج، وهو أمر يصعب تنفيذه فى الانتخابات لوجود العديد من القوائم واتساع الدوائر الانتخابية.
● هل عدم تنفيذ الحكم يهدد شرعية البرلمان المقبل؟ إطلاقا.. لأنه حال عدم تنفيذه لن يكون المقصود منه إقصاء تيار سياسى معين أو حرمان أشخاص بعينهم، خاصة أنه يستحيل تحديد التيار السياسى الذى سيستفيد من أصوات المغتربين.
● وهل لذلك علاقة بصدور أحكام متناقضة من محاكم القضاء الإدارى المختلفة؟ لا توجد أى أحكام متناقضة صدرت من الدوائر المختلفة لمحاكم القضاء الإدارى، فقانون مباشرة الحقوق السياسية قديم، وأثيرت غالبية مشاكله على مدى انتخابات السنوات الماضية وتحديد المسائل الخلافية فيه، ووضع القضاء الإدارى مبادئ بشأنها، وتم تأييدها من المحكمة الإدارية العليا، وآخر ما صدر فى هذا الشأن هو منع مزدوجى الجنسية من الترشح واعتبار المتخلف عن أداء التجنيد هارب من أداء الخدمة العسكرية وتم إقرار كل المبادئ من المحكمة الدستورية العليا ويتم الحكم وفقا لهذه المبادئ وهناك تواصل دائم بالمبادئ التى يتم إقرارها سنويا من قبل الدوائر المختلفة لذا لا توجد أى فرصة لإصدار أحكام متناقضة.
الاشكالية فى القضاء الإدارى لو تم طرح مسألة جديدة أمام المحكمة لم يتم طرحها من قبل، وبحكم طبيعة اختصاصه، فإنه قضاء انشائى ويبتكر الحلول فتكون هناك وجهات نظر وتقوم المحكمة بالاجتهاد فيها وهو ما حدث مع محكمة المنصورة فى حكم استبعاد مرشحى الحزب الوطنى من الترشح إلى الانتخابات البرلمانية.
● لكن محكمة الإسكندرية أصدرت حكما مخالفا لمحكمة المنصورة فى اليوم ذاته؟ حكم القضاء الإدارى بالإسكندرية لم يكن مخالفا بالمعنى المفهوم، ولكن حدث سوء فهم، فالدعوى التى أقيمت أمام محكمة القضاء الإدارى كانت تطالب باستبعاد رجل الأعمال طارق طلعت مصطفى من الترشح استنادا إلى كونه «سيئ السمعة»، ورفضت المحكمة الدعوى لعدم إثبات ذلك فى الاوراق الرسمية، وعدم وجود أحكام جنائية صادرة ضده ومن ثم رفضت الدعوى التى طالبت برفض ترشحه.
● ما دور القضاء الإدارى فى الاحكام المتعلقة بالانتخابات؟ وفقا للتعديلات التى أقرها قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون مجلس الشعب فهناك تعديلان.. الأول خاص بقيد الناخبين فى جدول الانتخابات، والتى يقوم المواطنون بإقامتها أمام المحكمة، بسبب سقوط أسمائهم من جدول الناخبين أو تسجيل أسمائهم فى دوائر غير دوائرهم، ويكون حكم القضاء الإدارى فيها نهائيا ولا يقبل الطعن عليه، وتفصل فيه المحكمة دون عرضه على هيئة مفوضى الدولة، نظرا لأن كشوف الناخبين لها فترة زمنية محددة وقصيرة، حتى تتمكن اللجنة من إعلان الكشوف بشكل كامل، أما فيما يتعلق بالطعون التى تقام من مرشحين ضد مرشحين آخرين يجوز الطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا ويكون الطعن أمامها دون غيرها من المحاكم، وقبول الطعن لا يعنى إيقاف تنفيذه إلا إذ أصدرت المحكمة قرارا بذلك.
وقبل ثورة يناير كان النظام السابق يتحايل على القانون بالاستشكال أمام محكمة عابدين للأمور المستعجلة من أجل إيقاف تنفيذ الحكم بالمخالفة للقانون وأحكام الدستورية العليا، حتى جاءت التعديلات الأخيرة وأقرت سلطة الإدارية العليا بأن تكون الجهة الوحيدة للطعن على أحكام القضاء الإدارى.
● قرار المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار مجدى العجاتى أوقف تنفيذ حكم القضاء الإدارى بعزل الفلول، فهل يمكن للمحكمة أن تصدر قرارا بعكس ذلك بعد إحالة الدعوى إلى دائرة الموضوع للنظر فيها؟ هذا الأمر وارد ويحدث فى بعض الحالات التى يتم فيها تقديم مستندات جديدة، لكن لن يحدث بأية حال قبل الانتخابات أو أثنائها نظرا لضيق الوقت.
● بصفتك رئيس غرفة العمليات التى شكلها المجلس لمتابعة الدعوات القضائية والطعون الخاصة بالانتخابات، ما هى طبيعة عمل الغرفة؟ غرفة العمليات مهمتها الوجود طوال الوقت من أجل تذليل أى عقابات أمام المرشحين تتعلق برغبتهم فى تقديم الطعون، فى غير الاوقات الرسمية ومن ثم بدء العمل يستمر على مدى اليوم للسماح لهم بتقديم الطعون فى أى وقت على أن تنعقد جلسات المحكمة باستمرار وبشكل دائم للفصل فى الطعون بما يضمن سرعة إنجاز الطعون المقدمة وعدم تأخيرها إضافة إلى القيام بنسخ الأحكام لتسليمها إلى أصحابها من أجل قيام جهة الإدارة بالتنفيذ.