«عودة مهرجان الإذاعة والتليفزيون فى مارس المقبل» هكذا أعلن د.إبراهيم أبوزكرى رئيس اتحاد المنتجين العرب، عن المهرجان الذى سيتم إقامته من خلال الاتحاد وتحت رعاية من جامعة الدول العربية، ولكن فى صورة مهرجان مستقل لا يخضع لسيطرة أى نظام أو حكومة. وأوضح أبوزكرى أن المهرجان بدأ بفكرة أطلقها فى مطلع التسعينيات من القرن الماضى على أن يكون مهرجانا مستقلا تشارك فيه مجموعة من مؤسسات المجتمع المدنى مع القطاع الخاص، وكان الهدف الأساسى منه هو إقامة تظاهرة العرب فنية ثقافية تضم تجمعا للإعلاميين، ونحتفل فيها بالإبداع العربى على مدار عام كامل، من خلال الندوات والأمسيات الفنية والحفلات وتكريم نجوم الدراما والبرامج، وكذلك كان من بين أهداف المهرجان الارتقاء بالإنتاج التليفزيونى من خلال خلق مساحات للتنافس تدفع المبدعين لبذل الجهد ومن هنا كانت المسابقات الرسمية للمهرجان والتى تشمل كل نواحى العمل التليفزيونى، وإلى جانب هذا كله يأتى الترويج السياحى لمصر ووضع القاهرة تحت الضوء كمدينة تستضيف إبداع التليفزيون العربى.
وأضاف أن الدورة الأولى للمهرجان أقيمت فى مركز القاهرة الدولى للمؤتمرات برعاية الحكومة المصرية التى وفرت بعض الدعم عبر مؤسسات تابعة لوزارتى السياحة والإعلام، ثم أقيمت الدورة الثانية بدعم من وزارة الإعلام، وبعدها قرر صفوت الشريف وزير الإعلام آنذاك تنظيم المهرجان من خلال اتحاد الإذاعة والتليفزيون، حيث أقيمت عدة دورات، تعرض معظمها لانتقادات حادة بسبب سوء التنظيم ومجاملة بعض الدول على حساب أخرى، وانتهى الأمر بعد ذلك بمهرجان الإعلام العربى الذى أراد أنس الفقى وزير الإعلام السابق أن يغلق به ملف مهرجان الإذاعة والتليفزيون بإيجاد مهرجان جديد، ولكنه لم يستطع التخلص من النظام الذى كان يسير عليه المهرجان القديم الذى كان بمثابة مصدر للحصول على مبالغ مالية كبيرة لكثير من العاملين فى مبنى ماسبيرو.
ومن هنا يقول أبوزكرى أن المهرجان الذى أسسه فى 1993 سيستكمل دورات مهرجانه المستقل وأنه تقرر إقامة الدورة الثالثة فى مارس القادم حيث يسقط المهرجان تلك الدورات التى نظمها اتحاد الإذاعة والتليفزيون، مؤكدا أن المهرجان سيتعامل كمؤسسة مستقلة من مؤسسات المجتمع المدنى، وسيتم إدارته بمنطق تجارى، ولكن هذا لا ينفى ضرورة حصوله على دعم من الجهات الحكومية باعتباره مهرجانا يحمل اسم مصر، مشيرا إلى أن هذا الدعم سيتمثل فى توفير مقر مناسب للمهرجان، وأن تستضيف قاعات الدولة الرسمية حفلاته سواء فى دار الأوبرا أو مركز المؤتمرات أو مدينة الإنتاج الإعلامى.
وعن فكرة الاعتماد على مؤسسات الدولة لإدارة مثل هذه المهرجانات قال ان التجربة أثبتت فشلها، وان المكافآت التى يتم رصدها للموظفين والعدد الكبير من اللجان يرهق ميزانية المهرجان، فضلا عن أن القطاع الخاص يكون لديه مرونة أكبر فى التعامل مع مثل هذه الأنشطة، وأن أفضل شىء أن يقتصر دور مؤسسات الدولة هو تقديم الدعم والرعاية، وأن تتولى الجمعيات والشركات الخاصة تنظيم وتسويق وتنفيذ المهرجانات.
الإعلامى حسن حامد رئيس المهرجان القاهرة لعدة سنوات بحكم منصبه السابق كرئيس لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، يرى أن عودة المهرجان شىء جيد ولكن الموضوع يحتاج إلى إعادة نظر كاملة، وان يكون هناك دراسة لكل تفاصيله بدقة شديدة، لأن مهرجان الفنون الإذاعة والتليفزيون يحتاج لجهد كبير، وتضافر جهود العديد من مؤسسات، لأن الإنتاج التليفزيونى والإذاعى متعدد ومتشعب.
وأضاف أن وجود مؤسسة للمهرجان ستخلصه من التبعية الحكومية، وما يترتب عليها من حرج أحيانا فيما يخص الجوائز والتكريمات وغيرها من أوجه النشاط التى يجب أن تقوم على معايير تحددها إدارة المهرجان من أجل الارتقاء بفنون العمل الإذاعى والتليفزيونى.
وتحفظ حامد على تصدى اتحاد المنتجين العرب بمفرده لمثل هذا المهرجان الضخم، وقال: «ربما يكون من الأفضل لاتحاد المنتجين أن ينظم مهرجان متخصص فى الإنتاج الدرامى، بحيث يخرج بالشكل المطلوب».
وطالب حسن حامد بضرورة إنشاء مؤسسة لإدارة مهرجان للإذاعة والتليفزيون، وقال إنه كان مع هذه الفكرة منذ أن كان رئيسا للمهرجان، مشيرا إلى أهمية إيجاد تمويل مناسب للمهرجان عبر صندوق دعم يتم تأسيسه بقانون يصدره مجلس الشعب عندما يكون لدينا برلمان منتخب، مشيرا إلى تجربة صندوق التنمية الثقافية، ومساهمته فى إثراء الحياة الثقافية وتقديم الدعم للمهرجانات السينمائية والمسرحية.
الفنان عزت العلايلى يرى الصورة من زاوية خاصة وهو يقول إن مهرجان الإذاعة والتليفزيون اعتمد على الإبهار فى الشكل بدوراته السابقة، فقدم افتتاحات ضخمة، واستضاف نجوم الشاشة فى الوطن العربى، مستغلا إمكانيات الدولة، ولكننا لن نستطيع الاعتماد على الدولة فى كل شىء، ونحن بحاجة لتحرك فنانين ومنتجين ومؤسسات مجتمع مدنى فى الاهتمام بكل التظاهرات الفنية والثقافية، وأن نرسخ لفكرة أن الفنون والآداب هى الضلع الرابع للحضارة، وأن حضارة الأجداد عاشت بالفن فى لوحات على جدران المعابد.
فيما تحفظ الفنان الكبير على مضمون ما كان يقدمه المهرجان، وممارسات بعض المسئولين فيه فيما يخص توزيع الجوائز وما يشوبها من مجاملات وانحياز للبعض على حساب آخرين.
ورحب العلايلى بقيام اتحاد المنتجين العرب بالتصدى لإقامة دورة جديدة للمهرجان، مؤكدا أن عجلة الفن يجب أن تستمر فى مصر، وأن مهرجان يؤكد ريادة مصر فى مجال الإنتاج الدرامى والتليفزيونى يجب ألا يتوقف، ولكنه شدد على ضرورة خروج المهرجان بصورة مشرفة، وألا تقل عما كان عليه المهرجان فى السابق مع التمسك بالحيادية والعدالة، والبحث عن تقديم أشياء جادة تنفع الناس، مشيرا إلى أن المهرجان لم يتمتع بجماهيرية كبيرة فى الماضى بسبب عدم تصديق الناس لما يقدمه.
وطالب من يتصدى لهذا المهرجان أن يعمل على إبراز وجه مصر الحقيقى ودور الإعلام المصرى فى تنوير المجتمع ودفعه إلى الرقى والتقدم، واستغلال مناخ التغير الذى أحدثته الثورة فى إحداث نهضة حقيقة فى مصر التى تمثل قاطرة لكل الدول العربية، والتى سينعكس تقدمها على كل المنطقة العربية.