بمقر نقابة المهن العلمية، وتحديدا فى شارع الألفى بوسط القاهرة، أجرى أعضاء النقابة وللمرة الأولى منذ أكثر من 17 عاما، انتخاب مجلسها وأعضائها، واختاروا نقيبهم، محمد فهمى طلبة، ليقود المسيرة. أعضاء النقابة من خريجى كليات العلوم، فى انتظاره ليقوم بدوره فى إعادة الحياة النقابة مرة أخرى، بعد أن أصبحت كالبيت «المهجور»، فى أثاثها المتهالك، ومبناها الآيل للسقوط، لتتحول لنقابة لها دور حقيقى ليس فقط فى تقديم الخدمات، بل تساهم فى النهوض بالبحث العلمى فى مصر الذى لا يرقى للمستوى المطلوب.
«الشروق» أجرت أول حوار مع نقيب العلميين، محمد فهمى طلبة، وإلى نص الحوار:
● من هو الدكتور محمد فهمى طلبة؟ أنا محمد فهمى طلبة، أستاذ جامعى وباحث، عميد كلية الحاسبات ونائب رئيس جامعة عين شمس، وأقود بعض المؤسسات المهنية والجمعيات العامة، مثل غرفة صناعة البرمجيات.
● وما انتماؤك السياسى؟ ليس لى أى انتماء سياسى، فالباحث فى العلم دائما تركيزه فى العلم فقط. أنا أستاذ جامعى ومسلم وملتزم ومتدين «سمونى إخوانى لو عاوزين».
● وما سبب تحالفك مع قائمة «علميون لنهضة مصر» التى ينتمى أغلب عناصرها لجماعة الإخوان المسلمين؟ سبب تحالفى مع قائمة «علميون لنهضة مصر» أن هناك تآلفا فكريا بينى وبينهم، هدفه المصلحة العامة والبناء، وعندما أجد شبابا لهم خبرات ولديهم حماس لتحقيق أهدافهم، وعندهم رغبة حقيقية فى الخروج بالنقابة من المأزق الذى تعيش فيه طوال السنوات الماضية، يجب أن أتحالف معهم فى تلك الحالة، وهذا ما لم أجده فى القائمة المنافسة وهى «العلميون المتحدون».
● هناك غياب واضح لدور النقابة، لدرجة أن اسم نقابة «المهن العلمية» الكثير لا يعرفه.. فما السبب؟ كان النظام السابق حريصا على هدم كل النقابات، وكانت نقابة المهن العلمية لها النصيب الأكبر فى ذلك، وبالرغم من إصدار قانون 100 الذى عطل الانتخابات، إلا أن النقابة تمكنت فى عام 1993 من حشد عدد كبير من أعضاء الجمعية العمومية 50% +1، واستطاعت حشد ما يقرب من 80% من أعضاء الجمعية العمومية، وشعر النظام بقوة النقابة، فجردها من جميع مواردها، ولا يمكن لأى نقابة أن تعمل بدون موارد.
● ردد الكثير من المنافسين إسراف الإخوان فى دعايتهم الانتخابية؟ من لديه دليل على هذا فليقدمه، ما تم صرفه هو بضعه آلاف على الورق وعشرات اللافتات، يعنى لو كل مرشح أخذنا منه 20 جنيها سنجمع تكلفة اللافتات. السبب الحقيقى وراء ادعائهم بالإسراف هو أنهم فوجئوا بدعايتنا الانتخابية القوية، وتنظيمنا ووجودنا منذ 8 صباح يوم الانتخابات، فى حين أنهم لم يحضروا إلا فى وقت متأخرا، حتى إن الدكتور حسن عزازى المرشح نقيب على قائمتهم كان واقفا بمفرده، ولم يوجد أحد منهم بجانبه.
● تشكيل 96% من مجلس النقابة من الإخوان، له دلالة مستقبلا، وسيكون هناك تداخل بين العمل النقابى والمهنى؟ فى العمل المهنى لن تدخل أى توجهات سياسية أو دينية، فهناك أهداف محددة ستحاول النقابة تحقيقها، كرفع مواردها، وهناك سمة يتميز بها «علميون لنهضة مصر» فى عملهم، أنهم يعملون بطاقة وحماس ورغبة بدون مقابل، ولا يريدون أكثر من المصلحة العامة، وإذا كانوا إخوانا، فمرحبا بهم ولو كانوا إسلاميين فمرحبا بهم أيضا.
● كان هناك تحيز من اللجنة المشرفة على الانتخابات لقائمة «علميون لنهضة مصر» على حساب قائمة «علميون متحدون»، ومنع مندوبيهم من دخول اللجان؟ نحن كقائمة اتفقنا على الوجود من الساعة 8 صباحا، وبدأنا تنظيم يومنا. وبالرغم من أن القانون يجيز لنا الدخول ب 3 مندوبين فى كل لجنة، إلا أننا اقتصرنا على اثنين، حتى نعطى فرصة لآخرين، لكن زملاءنا المنافسين جاءوا بعد فتح باب التصويت بساعات، وبالتالى لم تسمح اللجنة المشرفة بدخولهم، فالخطأ عندهم، ليس عند اللجنة المشرفة على الانتخابات.
● ما ملامح برنامجك التى تود تنفيذها؟ لدينا محوران، الأول: خاص بالعمل النقابى ويهدف لتقديم كل الخدمات التى يجب أن يتمتع بها أعضاء النقابات الأخرى، مثل إسكان بأسعار جيدة وأندية، وأن يحصلوا على معاش مناسب بدلا من ال50 جنيها التى يحصلون عليها فى الوقت الحالى، أما المحور الثانى فهو العمل القومى، وهو تأثير العلميين بخبراتهم ومجهوداتهم فى اقتصاد مصر، ما يؤثر على المستويين الإقليمى والعالمى. للأسف العلميين بظروفهم الحالية ليس لديهم القدر الكافى من الخبرات التى يتطلبها سوق العمل، هناك القليل منهم يرتقى لمستويات علمية لكن القاعدة العريضة لا ترقى لذلك، كما أن كليات العلوم بالجامعات المختلفة لا تخرج العلمى بالمستوى الذى يتطلبه سوق العمل، وهذا سيكون دورنا فى الفترة المقبلة، لأن البحث العلمى يتطلب تخصصاتنا، فلا يوجد بحث علمى لا يتطلب جيولوجى أو كيميائى.
● كيف ستؤهل خريجى كليات العلوم لسوق العمل؟ إلزام الكليات بتطبيق التدريب الصيفى للطلاب، وتوزيعهم على الشركات، وفى حالة تخرجه سيتم إعادة تأهيله من خلال توفير التدريب اللازم، فلابد من التدريب المستمر للعلمى وربطه بالتكنولوجيا. العلمى الذى سيعمل فى تكرير السكر ليس كالعلمى الذى سيعمل فى تنقيب البترول، هذا بالإضافة إلى زيادة قدراته فى مجالى اللغة والإدارة وتنمية مهاراته.
● كثرة الشعب والتخصصات هل تسبب أزمة فى مجال العلميين؟ لدينا ما يقرب من 35 تخصصا فى كليات العلوم، تجمعهم النقابة فى 7 شعب، وتلك التخصصات تحتاج لتدريب خاص، ومستوى العلمى فى مصر لا يرقى للمستوى المطلوب، وبالتالى صورة العلمى المنحدرة أمام المجتمع بسبب تأثيرنا الضعيف فى المجتمع، لذلك قانون مزاولة المهنة الذى يحمى العلمى ويؤكد حقوقه أولى أولوياتنا.
● ما ميزانية البحث العلمى فى مصر.. وما ميزانية النقابة؟ البحث العلمى لا يؤدى بالمستوى المطلوب، والميزانية التى تصرف على البحث العلمى فى مصر فى حالة تفاؤلى تحت 2.%، بينما المستوى العالمى 2% على الأقل، وهذا مستوى مخزى بالنسبة لنا، أما ميزانية النقابة لا أعلمها، ومن الحكمة ألا أذكرها حتى ولو أعلمها، حتى تكون بنسبة مشرفة وتغطى كل مصروفات النقابة.
● وماذا عن قانون مزاولة المهنة؟ رفض عدة مرات خلال الدورات السابقة لمجلس الشعب، وكان فى كل مرة لا ينتقل من لجنة الشكاوى والمقترحات، إلا فى آخر مرة تم نقلة للجنة البحث العلمى، وكان أيضا مصيره الأدراج، لذلك ستسعى النقابة فى صدور قانون لمزاولة المهنة بحد أدنى عام وأقصى عامين.
● وكيف ستحصل النقابة على موارد؟ لدينا حقوق لابد من استردادها من وزارة البترول والشركات الكيماوية كالأسمنت، فكنا نحصل على ضريبة على كل برميل بترول، وكل شيكارة أسمنت، وجوال سكر، ومتر مكعب من الغاز، وكان إجمالى المبالغ التى تحصل عليها النقابة ما يقرب من 20 مليون جنيه سنويا، وفى عام 1995 رفعت وزارة البترول قضية وامتنعت عن دفع تلك المبالغ، وبالفعل حصلت على حكم قضائى، بأن تلك الضرائب والدمغات مخولة للدولة، ثم بعد ذلك تنفقها الدولة على النقابات، لكن لأن النظام البائد كان يحارب النقابات المهنية فلم يعطِ النقابة أى نصيب من مواردها.
● هل هناك اتجاه لرفع قيمة اشتراكات النقابة كمورد للنقابة؟ لن ترفع النقابة قيمة الاشتراكات، إلى أن تقوم بدور إيجابى وتقدم خدمات للنقابة، لأن رفعها قبل تقديم أى شىء سيعارضه أعضاء النقابة.
● متى سيلمس المجتمع العلمى التطور الحقيقى فى دور النقابة؟ خلال عدة شهور سيتم إقرار قانون مزاولة المهنة، أما رفع موارد النقابة فسيحتاج لوقت وجهد منا، حتى نستطيع توفير موارد للنقابة لتقوم بدورها الخدمى، وأنا أريد من العلميين متابعة أداء النقابة شهر بشهر، وتقييم أداء النقابة أولا بأول.