أقيل جنرال أمريكي في أفغانستان بسبب توجيهه الاتهام للرئيس الأفغاني حامد كرزاي وإدارته بالغرق في الفساد وعدم إدراك الواقع وعدم الامتنان لما تقدمه الولاياتالمتحدة من دعم لحكومته. وأعلنت القوات الدولية التي يتولى قيادتها حلف شمال الأطلسي في أفغانستان في وقت متأخر من الليلة الماضية أن الميجور جنرال بيتر فولر، نائب قائد مهمة حلف الأطلسي لتدريب وإعداد القوات الأفغانية، أقيل من منصبه بعد أن أدلى ب"تصريحات غير لائقة علنا".
وقد أعرب فولر في تصريحاته جهارا عن بعض حالات الإحباط التي يبديها الضباط الأمريكيون والضباط الأجانب الآخرون والدبلوماسيون في السر بشأن التعامل مع كرزاي وحكومته. ففي مقابلة نشرها موقع "بوليتيكو" الإخباري على الانترنت قال فولر إن القادة الأفغان لا يعون التضحيات بالدماء والمال التي تتحملها الولاياتالمتحدة في أفغانستان إذ هم "بمعزل عن الواقع".
كما وجه الانتقاد لكرزاي بشكل مباشر بعد أن صرح الرئيس الأفغاني الشهر الماضي بأن أفغانستان ستقف إلى جانب باكستان إذا خاضت إسلام أباد في يوم من الأيام حربا مع الولاياتالمتحدة. من جانبه قال الجنرال جون آلان قائد القوات الدولية لدعم الأمن في أفغانستان "ايساف" بقيادة حلف الأطلسي أن تلك التصريحات لا تعكس وضع العلاقات بين القوات الدولية وحكومة كرزاي.
وقال "هذه التصريحات المؤسفة لا تشير إلى علاقاتنا الراهنة المتينة مع حكومة أفغانستان، ولا مع قيادتها، ولا تشير إلى التزامنا المشترك بالنصر هنا في أفغانستان". وأضاف "الشعب الأفغاني شعب كريم والتصريحات من هذا القبيل لن تحول دون إتمامنا لمهمتنا المشتركة الأكثر أهمية - والمتمثلة في التوصل إلى أن تنعم أفغانستان بالاستقرار والسلم والازدهار".
كما قال الكابتن جون كيربي متحدثا باسم وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا إن بانيتا يدعم تماما قرار إقالة فولر على الفور من منصبه. وقال اللفتنانت جريجوري كيلي المتحدث باسم ايساف في كابول إن إيساف ليس لديها أي معلومات حول ما إذا كان الجنرال فولر سيترك الجيش أم سيتم نقله إلى مكان آخر.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أقال العام الماضي الجنرال ستانلي ماكريستال الذي كان قائدا للقوات الدولية في أفغانستان، بسبب تصريحات أدلى بها ومساعديه لمجلة "رولينج ستون" تعلقت بقادة سياسيين كبار. وينظر إلى مهمة حلف الأطلسي في تدريب وإعداد الجيش والشرطة الأفغانيين لتولي مهام أكبر في حفظ الأمن بعد رحيل القوات الأجنبية عام 2014، على أنها بين أهم مكونات المجهود الحربي الغربي في أفغانستان.
وكانت عملية إعداد قوات الأمن الأفغانية قد زادت بشكل كبير خلال السنوات الماضية حيث نمت من زهاء 190 ألفا في أواخر 2009 إلى نحو 305 آلاف في الوقت الراهن، وهو الرقم المقرر أن يبلغ 352 ألفا بحلول نوفمبر من العام المقبل. إلا أن المشكلات ما زالت مستمرة، ومن بينها ما يتعلق بأمية القوات الأفغانية والمحسوبية في أوساطها.
وجاءت أنباء إقالة الجنرال فولر بينما تولى اللفتنانت جنرال دانيال بولجر السبت القيادة العليا لمهام التدريب لحلف الأطلسي في أفغانستان خلفا للفتنانت جنرال وليام كولدويل الذي أنهى مهمته في أفغانستان التي استمرت عامين. وفي المقابلة مع فولر وصف الجنرال الأمريكي كيف تعين عليه تقريب أسباب عدم منح المسئولين الأفغان معدات من قبيل مقاتلات من طراز إف-16 ودبابات، حيث قال "بإمكانك أن تعلم رجلا كيف يصطاد، أو يمكنك أن تعطيه سمكة".
وقال "إننا نعطيهم السمك بينما يتعلمون ولكنهم يريدون مزيدا من السمك! لا أن يصطادوا بأنفسهم". وأضاف أن أحد المسئولين الأفغان الذي لم يسمه على سبيل المثال قال له إنه إنما يريد الدبابات ليتباهى بها في استعراض عسكري ليس إلا.