أعداء ثورة 25 يناير كثيرون فى الداخل والخارج، ولذلك لا ينقصها أعداء حتى يتآمر عليها بعض أبنائها أو الذين ساهموا بجهد حقيقى فى إنجاحها. المفروض أن الجميع يدركون أن البرلمان المقبل سيكون مفصليا فى دفع الثورة للأمام وتجسدها على الأرض، شرط أن تكون غالبيته ممثلة لقوى الثورة.
فى ظل هذه الحقيقة فإن نجاح أعداء الثورة أو الفلول فى دخول المجلس بنسبة تمكنهم من التأثير فى القرارات والقوانين وتمريرها أو تعطيلها، سيعنى ببساطة فرملة هذا البرلمان وتحييده.
إذن وفى ضوء كل ذلك كيف تسمح قوى الثورة أن تتنافس فى دوائر انتخابية كثيرة وتفتت أصواتها بما يسمح لمرشحين «فلول» اقتحام البرلمان.
فى دوائر كثيرة فإن التنافس الرئيسى سيكون بين قوى الثورة، وبالتالى فليس مستبعدا أن ينجح «فل» من الفلول فى المروق إلى البرلمان، بينما قوى الثورة منغمسة فى التنافس العبثى.
فى إحدى دوائر الجيزة الفردية صعقت عندما علمت أن المتنافسين الرئيسيين واحد من الإخوان والثانى من حزب العدل والثالث من المنشقين على الإخوان إضافة إلى رموز من بقايا الحزب الوطنى ومستقلين.
من المحتمل أن يؤدى التنافس الطاحن وتفتيت الأصوات إلى مروق أعداء الثورة إلى البرلمان.
قد نفهم أو نعذر الفشل فى الاتفاق على قائمة موحدة لقوى الثورة، فكيف نفهم أو نتفهم التنافس على الدوائر الفردية، فأين هو التنسيق أو الحد الأدنى منه؟! كنا نتمنى التنسيق الشامل، لكن وبما انه لم يحدث فعلينا تقليل خسائر التنافس إلى الحد الأدنى. هنا يبرز سؤال مهم هو: هل مسألة التنافس حدثت عشوائيا أم هى مقصودة؟!
ولماذا لا تجلس قوى الثورة معا وتتفق على إخلاء الدوائر الفردية لبعضها البعض وأن يركز الجميع على منع إعادة الفاسدين إلى المجلس؟!
ثم ما هو الهدف من تنافس مرشح إخوانى فردى ضد مرشح لحزب النور أو لحزب العدل أو التحالف الشعبى أو الوفد؟! أين هو دور التحالف الديمقراطى الذى تحدث عن التنسيق.. وماذا عن الميثاق بين الأحزاب الإسلامية.. وأين هو دور «الكتلة المصرية» أو «الثورة مستمرة» أو أى حزب وكيان يقول إنه من قوى الثورة؟!
لسوء الحظ أن كل المقدمات والمؤشرات الراهنة تقود إلى برلمان مشوه إذا قدر للانتخابات أن تتم.
بهذا المنطق العبثى فى الشارع الانتخابى نحن سائرون، إما إلى برلمان يفتقد الحد الأدنى من التنسيق والتفاهم وإما تسلل نسبة كبيرة من القوى التقليدية المحسوبة على النظام الماضى.
كتبت قبل ذلك عن ان التنافس بين الإسلاميين سيبعث برسالة لأنصارهم أن المعركة تدور على برامج انتخابية وليس على تعريف من هو المؤمن ومن هو الكافر لكن ذلك لا ينفى خطورة التطاحن بين أنصار معسكر يفترض أنه واحد مقابل فلول تتربصون بكل الوطن.
الوقت لم يفت بالكامل، يمكن للقوى والأحزاب الوطنية المحترمة أن تتدارك الأمر وتجلس معا، وتتخذ قرارا استراتيجيا بالتنسيق، خصوصا فى الدوائر الفردية، فالمفترض مثلا أن الوفد والإخوان لا يتنافسان فى الفردى، وكذلك اليسارى والناصرى.
لو لم يحدث هذا التنسيق فإن المعنى الوحيد الذى سنفهمه هو أن هذه الأحزاب تلعب لمصلحة النظام القديم. وتتآمر على الثورة.