رصد المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تعرض العديد من قيادات النقابات العمالية فى القطاعين الخاص والحكومى لحالات الفصل والإيقاف عن العمل، خلال الاشهر الخمسة الماضية، التى اعقبت اعلان الحريات النقابية، الذى يعد بمثابة أول اعتراف حكومى بحق العمال فى تنظيم انفسهم فى نقابات خارج اطار الاتحاد الرسمى، وهو الإجراء الذى شجع قطاعات واسعة من العمال لتكوين نقابات بعد الثورة. واعتبر المركز المصرى أن تنظيم العمال للنقابات المستقلة واحتجاجاتهم المطلبية كانا من أبرز أسباب ما وصفه ب«هجمة شرسة من قبل رجال الأعمال والمسئولين بالحكومة».
وفى الوقت الذى نجح فيه ما يقرب من مليون ونصف عامل فى الانضمام إلى 160 نقابة مستقلة على مستوى الجمهورية خلال الخمسة أشهر الأخيرة، فإن 59 عاملا تعرض للفصل التعسفى، الذى شمل عددا من القيادات العمالية، بالإضافة إلى أشكال اخرى من العقوبات التى استهدفت عمال القطاعين الخاص والحكومى، بحسب ما رصدته وحدة البحث والعمل الميدانى بالمركز.
«هذه الانتهاكات تستهدف بالأساس إعاقة حركة تأسيس النقابات الجديدة، فما لا يقل عن 50 حالة من حالات الفصل التعسفى كانت لأعضاء مجالس إدارة لجان نقابية، والباقيين تم فصلهم بسبب نشاطهم النقابى» يقول خالد على، المحامى بالمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن العمال المفصولين تلقوا تهديدات من أصحاب العمل بتخييرهم بين الاعتراف بعدم شرعية النقابات الجديدة أو الطرد من العمل، «حالات الفصل التى رصدها التقرير مخالفة لقانون النقابات العمالية الحالى، حيث تحمى المادة 48 من القانون العمال من الفصل بسبب نشاطهم النقابى»، كما يوضح على.
وشملت الإجراءات التى اتخذتها المنشآت الخاصة والعامة ضد العمال خلال الفترة الماضية، الفصل التعسفى والاجبار على الاستقالة والايقاف عن العمل والتهديد بالفصل، وانهاء العقود، تبعا للمركز، الذى رصد واقعة إنهاء عقود 200 عامل فى منشأة واحدة، علاوة على الاعتداء على العمال بالضرب، واحتجاز بعضهم لتخويفهم، إلى جانب حالات الاحالة للنيابة التأديبية والتى تعرض لها 29 طبيبا لمشاركتهم فى الاضراب الذى نظمه الأطباء على مستوى الجمهورية. وكان غلق المصانع والإجازة الإجبارية للعمال من أبرز الطرق التى استخدمتها بعض المنشآت للتعاطى مع الاحتجاجات العمالية بعد الثورة، تبعا للتقرير.
وأشار على إلى أن العمال المفصولين تعسفيا لم يحصلوا على أية مستحقات مالية بعد الخروج من العمل، باستثناء الحالات التى أجبرت على الاستقالة.
وينتظر العمال صدور قانون الحريات النقابية الذى يعد دعما قويا لشرعية نقاباتهم الوليدة وحماية لها من ضغوط أصحاب العمل، وقد حذرت رئيسة إدارة معايير العمل الدولية بمنظمة العمل الدولية، كليوباترا دومبيا هنرى، فى تصريحات سابقة من ان مصر مهددة بالعودة مرة أخرى إلى قائمة ملاحظات المنظمة القصيرة، المعروفة إعلاميا ب«القائمة السوداء»، ما لم تلتزم بتطبيق الحريات النقابية التى تبنتها بعد ثورة 25 يناير «لو كان قانون النقابات العمالية الجديد الذى تعده وزارة القوى العاملة قد صدر منذ وقت مبكر لتوافرت مساحة أوسع من حماية النقابات الوليدة»، يقول على.
ويرصد تقرير مركز الحقوق الاقتصادية أيضا لواقعة حدثت بإحدى الشركات المصنعة للسيارات، والتى اعتبرها نموذجا لاستهداف مؤسسى النقابات الجديدة، حيث قامت بفصل كل من رئيس نقابة العاملين بالشركة وأمينها العام ومساعد أمين النقابة وعضو مجلس إدارتها، كما لجأت شركة فى قطاع البترول لفكرة نقل أحد العاملين لديها من موقع عمله إلى موقع آخر بعد تأسيسه لنقابة مستقلة بالشركة.