عشرون عاما كاملة قضتها نقابة الأطباء «بلا صندوق انتخاب».. ظلت خلالها (ونقابتها الفرعية فى المحافظات) دون انتخابات، حتى جاءت ثورة 25 يناير، حاملة بشائر التغيير، والمزيد من المفاجآت للمحللين والراصدين للتغييرات التى شهدتها الساحة السياسية والنقابية. مقاعد «الأطباء» تقاسمها على غير المتوقع تيارى «أطباء من أجل مصر» المدعوم من جماعة الإخوان المسلمين، وتيار الاستقلال.. والأخير تمكن من انتزاع «أغلب المقاعد فى 13 نقابة فرعية أبرزها، الإسكندريةوالقاهرة، التى تضم 40% من أعضاء النقابة المسجلين، بجانب نقابتى السويس والإسماعيلية».حسبما أفادت مصادر فى التيار، فى حين ذهبت قائمة «أطباء من أجل مصر»، إلى إنها «حصلت على الأغلبية فى 14 نقابة فرعية أخرى، وبعض النقابات التى سيطرت عليها قائمة الاستقلال لم تسيطر عليها سيطرة كاملة».
وكانت المفاجأة فى النتيجة أن «الجماعة» لم تتمكن من بسط سيطرتها كاملة على النقابة، مثلما كان الحال على مدار 20 عاما، وتحديدا منذ آخر انتخابات نقابية أجريت قبل عقدين، والتى جاءت نتائجها لصالح الإخوان بشكل واضح. ليكون السؤال المطروح: لماذا لم تدم سيطرة الإخوان على النقابة؟، وما هو السبب الذى أدى إلى خسارتها فى محافظات كانت تعد من معاقلها مثل الإسكندرية والإسماعيلية.
«النتائج معبرة بشكل واضح عن تنوع الفئات فى المجتمع المصرى»، هكذا وصف مدير وحدة المجتمع المدنى فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، د. أيمن عبدالوهاب، نتائج الانتخابات، مبينا فى تصريحاته ل«الشروق» أن «الانفتاح السياسى المتوقع بعد ثورة 25 يناير، أعطى طموحا لكل القوى السياسية المختلفة للدخول فى هذه المعتركات».
وحول إمكانية تكرار هذه النتائج فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى المقبلتين قال عبدالوهاب: «هذه النتائج تشير إلى أن التعدد والتنوع سيكون هو الوجه الأساسى للمشهد المقبل».
وأضاف «الأمر سيتوقف بعد ذلك على مدى قدرة كل قوى عليا فى الحشد للانتخابات، مع ملاحظة اختلاف الحياة السياسية عن النقابية.. العمل النقابى له أوجه أخرى ترتبط بطبيعة المهنة وليس السياسة».
ولتوضيح كيف تتم عملية الانتخاب فى نقابة الأطباء على مستوى النقابة العامة والنقابات الفرعية، نقيب النقابة المستقلة لمستشفى منشية البكرى، د. محمد شفيق، شرح ل«الشروق» أن النقابة تنقسم إلى ثلاثة مستويات نقابية، المستوى الأول هو النقابات الفرعية، والمكون من مجلس ونقيب، حيث ينقسم المجلس بين أعضاء تحت وفوق 15 سنة خبرة، مشيرا إلى أن اتخاذ القرارات فى المجالس الفرعية يتم بالأغلبية، وتكمن أهمية النقيب فى ترجيح الأغلبية عند التصويت.
أما المستوى الثانى، فهو مندوب القطاعات الفرعية فى المحافظة، والذى ينتخب من عدة محافظات، وتنقسم إلى 6 قطاعات هى (قطاعات جنوب الصعيد شمال الصعيد والجيزةالقاهرة شرق الدلتا وسط الدلتا غرب الدلتا)، حيث ينتخب أعضاء المحافظات التى يضمها كل قطاع عضوين فى كل قطاع، أحدهما فوق السن والآخر تحت السن.
وينتهى شفيق إلى المستوى الأخير، وهو النقابة العامة، حيث يتم انتخاب النقيب و12 عضوا، 6 منهم فوق السن و6 تحت السن، يتم انتخابهم على مستوى الجمهورية.
ويوضح شفيق أن مجلس النقابة يكون مكون من 12 عضوا فى على مستوى القطاعات، و12 آخرين فى النقابة العامة، بالإضافة إلى النقيب، مشيرا إلى أن قائمة الاستقلال فى النقابة حصلت على 6 من إجمالى ال 24 عضوا.
وأضاف «أساسا الفلوس والنفوذ والسيطرة مركزة فى 3 نقابات فرعية تحتوى على 60% من الأطباء هى القاهرةوالإسكندريةوالجيزة، وقائمة الاستقلال أخذت القاهرةوالإسكندرية وخسرت الجيزة فقط فلا يمكن أن يقال إن الإخوان اكتسحوا»، موضحا أن هذا يعنى سيطرة قائمة الاستقلال على ما بين 60 إلى 65% من حجم الأطباء المسجلين.
من جانبه توقع المحامى، أحمد عبدالحفيظ، أن تؤثر نتائج انتخابات نقابة الأطباء على انتخابات النقابات المهنية القادمة، موضحا أن أهم نتائجها «أن الوهم عن قوة الإخوان وسيطرتهم على كل شىء لم يعد حقيقيا، والقواعد الحقيقية فى النقابات لم تعد معهم، وهى القواعد فى المحافظات».