قلّل نشطاء حقوقيون من أهمية إصدار المجلس العسكرى لمرسوم بقانون لتعديل بعض بنود قانون العقوبات، بحيث يتضمن عقوبات على «كل فعل من أو امتنع عن فعل من شأنه إحداث تمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الدين أو العرق». وقال منير مجاهد، مؤسس مجموعة وجمعية مصريون ضد التمييز الدينى: «مرسوم القانون خطوة، لكنها غير كافية، فقد ترك القانون التمييز الدينى دون تعريف واضح وترك على المدعى عبء إثبات حدوث تمييز دينى ضده وهو عادة ما يصعب إثباته». مضيفا: «هناك حالة من التخبط وربما فقدان الإرادة السياسية فى هذا الشأن، وهو نفس ما دعانى للاستقالة من لجنة العدالة الوطنية قبل أيام، والتى لم يصدر إلى الآن قرار رسمى بتشكيلها وبتحديد صلاحياتها واختصاصاتها، رغم أن مجلس الوزراء كان قد وافق على تشكيلها فى الحادى عشر من مايو الماضى عقب أحداث كنيسة إمبابة».
وتابع مجاهد: «هذا فضلا على إصدار مرسوم بقانون تجريم التمييز دون عرضه على اللجنة، كذلك النية لإصدار قانون آخر لبناء دور العبادة، لتأتى كقرارات غير مدروسة فى سياق معالجات فاشلة للعنف الطائفى الذى يشجعه رخاوة الحكومة ولجوئها للجلسات العرفية المشينة التى تستخدم للضغط على الضحايا للتنازل عن مطالبهم، وهو ما يشجع المجرمين على معاودة جرائمهم، لثقتهم فى الإفلات من العقاب».
وقال: «هناك قانون قدمته منى ذو الفقار، قبل أربعة سنوات، بشأن منع التمييز الدينى، يتضمن وجود هيئة ومفوض عام لمتابعة أوضاع التمييز، كذلك إجراءات لتيسير التقاضى وغيره، ويعطى للمتضرر فى حالة الوظائف مثلا الحق فى أن يطلب من جهة العمل التقدم بمؤهلات الشخص الذى حاز على الوظيفة ومبررات استبعاد المدعى.. كذلك لو أن هناك جهة تمارس التمييز يمكن إنذارها ثم التفتيش عليها، ويتضمن تعريف للتمييز وما هى مجالاته ومتى يعتبر هناك تمييز ومتى لا يعتبر، مع وضع آلية للمتابعة».
وقلل رمسيس النجار، المحامى، من أهمية إضافة مادة التمييز الدينى على قانون العقوبات، وقال: «هذه المادة امتداد للمادة الدستورية التى تمنع التمييز بين المصريين على أساس الجنس أو النوع أو الدين، وبالرغم من الحرمان المتكرر للمصريين المسيحيين من عشرات الوظائف التى يستحقونها فإن أحدا لم يقدم للمحاكمة بهذا الشأن رغم مخالفتهم الصريحة للدستور».
وأضاف: «هذه المادة تسكينية للمجتمع، ونأمل أن يكون عدم التمييز ساكن فى ضمير المصريين وفى المؤسسات وهذا لن يبدأ إلا بإلغاء الشعارات والعبارات الدينية والمفاهيم الإقصائية من كافة مؤسسات الدولة».
وحول المطالب بتأسيس مجلس مستقل لمراقبة التمييز الدينى على غرار المجلس القومى لحقوق الإنسان قال: «الهيئات والمراقبات كثيرة، ولكن العمل قليل.. الأمر يحتاج لإرادة وطنية وسياسية أكثر مما يحتاج إلى قوانين وهيئات تعيد المنصوص عليه أصلا فى الدستور».
ووصف مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، حسام بهجت، التعديل فى قانون العقوبات لمكافحة التمييز بأنه «تعديل تجميلى يهدف لإرسال رسالة إعلامية أكثر منه لاقتلاع المشكلة من جذورها أو منع حدوثها أو تعويض ضحاياها»، موضحا أن «الهدف منها إرسال رسالة تهدئة بعد أحداث ماسبيرو، وليس لإنشاء نظام قانونى قادر بالفعل على مكافحة التمييز».
وقال بهجت: «وزارة العدل ورئاسة الوزارة قررا عدم اعتماد المشروع المتكامل المقدم من المجلس القومى لحقوق الإنسان منذ بضعة سنوات، الذى ينشئ بنية قانونية كاملة لمكافحة التمييز فى مصر من خلال إنشاء مفوضية لتلقى الشكاوى، والتحقيق فيها، وإحالتها للقضاء عند الضرورة، وكذلك مراقبة تنفيذ القانون».
وتساءل بهجت: «لماذا قررت وزارة العدل أن تنحى جانبا مشروع قانون كان كفيلا بمراقبة التمييز، واكتفت بمادة تجهيلية أكثر منها أسلوبا عمليا لحل المشكلة؟»، مشيرا إلى أنه «فى عام 2007 تم تعديل قانون العقوبات لإدراج جريمة جديدة هى التحريض على التمييز ضد أى طائفة، ولأنها مادة فى قانون العقوبات حتى هذه اللحظة، لم يتم توجيه هذا الاتهام منذ إدخالها». ويرى مدير المبادرة المصرية، أن هذه المادة «قاصرة للغاية وغير قادرة على مكافحة التمييز لأنها لا تتضمن أى إجراءات لتلقى شكاوى والنظر فيها، والعمل على إلغاء التمييز من خلال إلغاء القرارات الإدارية التى تنطوى على تمييز»، لافتا إلى أن «مجرد تهديد مرتكب جريمة التمييز بالسجن أو الغرامة، أو وضع الأمر فى يد النائب العام، لن يكون حلا، لأنه لن يؤدى إلا لزيادة عدد السجناء دون معالجة المشكلة التى تتطلب وجود هيئة للتحقيق فى الحالات وإلغاء القرارات التى تؤدى أصلا على تمييز على أى أساس».
ولفت بهجت إلى أن «القانون يضع قائمة محدودة للغاية من الأسس التى يمكن التعرض للتمييز على أساسها، «متجاهلا عددا كبيرا من أشكال التمييز الأخرى المنتشرة بشكل سرطانى فى المؤسسات الحكومية، وهى التمييز بناء على الحالة الاجتماعية والصحية والرأى السياسى».