إذا كان سيناريو فرض الحراسة على نقابة الصحفيين لم يتحقق فى أشد حالات تغول «دولة أمن الدولة»، وفى عز صعود تيار التوريث، وفى ظل سطوة صفوت الشريف ومنهجه الاحتوائى، فهل يمكن أن يحدث بعد ثورة 25 يناير التى وضعت حسنى مبارك فى قفص الاتهام وأركان حكمه فى زنازين طرة؟!. التخوف من شبح الحراس سمعته من صحفيين مرموقين كثيرين التقيتهم فى النقابة مساء الخميس الماضى بعد ساعات قليلة من صدور حكم محكمة القضاء الإدارى بوقف انتخابات نقيب ومجلس نقابة الصحفيين والتى كان مقررا لها أمس الجمعة بحجة أن من وجه الدعوة للانتخابات هو وكيل النقابة وليس نقيبها.
ما حدث منذ قرار النقيب مكرم محمد أحمد بترك النقابة دون استقالة وحتى الحكم الأخير يفترض أن يخضع لفحص وتحقيق من القائمين على أمر النقابة وجهازها القانونى.
ويفترض أن نسأل هؤلاء هل فوجئتم بالقضية، ولماذا لم تتبعوا الطريق القانونى من البداية، ومن الذى أشار عليكم بهذه «الشورة» التى أوصلتنا إلى هذا الطريق المسدود، لكن نريد معرفة هل كان الأمر مجرد سهو وتقصير أم أنه فخ.
نظريات المؤامرة بمختلف ألوانها وأشكالها كان لها حظ وافر لدى تحليلات بعض الصحفيين مساء الخميس الماضى.
من بين ما سمعته أن كل شىء مخطط مسبقا لإفساد الانتخابات فى الوقت الرهن وتأجيلها أطول فترة ممكنة، ونظرية أخرى تقول إن «بعض الإخوان» اتفقوا مع بعض الحكومة على خطط تمنع وصول تيار الاستقلال إلى النقابة، وهو الأمر الذى ينفيه الإخوان بكل قوة.
نظرية أخرى تقول إن هناك من وضع مجموعة من القنابل الموقوتة أراد لها أن تنفجر فى وجه أى شخص أو تيار يحاول الخروج بالنقابة من شباك ودهاليز «التيار النافعى» نسبة إلى إبراهيم نافع والذى يتلخص فى أن من حق النقابة أن تختار ما تشاء من أعضاء معارضين لكن النقيب والتوجه العام ينبغى ألا يتصادم مع الحكمة وكل أجهزتها.
يضيف هؤلاء أنه مثلما أن مبارك لم يكن مجرد شخص بل منظومة اخطبوطية فإن الأمر لا يختلف كثيرا مع ظاهرة إبراهيم نافع، فهو صار تيارا يسرى فى دماء بعض الصحفيين، صحيح أنهم قلة، لكنهم منظمون ويملكون مفاتيح تأثير كثيرة.
نظرية أخرى مكملة تقول إن فلول الحزب الوطنى وبقايا أنصار «الأجهزة» لايزالون قادرين على المناورة وإفساد على شىء وهدفهم الرئيسى هو منع وصول تيار الاستقلال إلى النقابة لانه سيعنى وجود رافعة تساعد على تطهير الإعلام الحكومى ما قد يؤثر على مواقع ومصالح تريد أن تكون آمنة ومطمئنة.
لا نملك ان نصادر على حرية أى شخص فى التخيل والتحليل، ولا نملك لوم الذين أصيبوا بإحباط شديد بعد قرار التأجيل، لكن أيضا علينا أن ننبههم الى أن الشعب أسقط مبارك عندما خرج إلى الشارع، ثم أن الصحفيين أنفسهم خصوصا القلقيين هم الذين تمكنوا من انتخاب نقيب مستقل ومحترم اسمه جلال عارف فى ظل سطوة دولة حسنى مبارك، والسؤال إلى كل هؤلاء: كيف تقلقون ولديكم سلاح الجمعية العمومية الذى ثبت أنه قادر على صناعة المعجزات.
الذين يقولون ان الدولة تتامر على الصحافة عليهم ان يخبرونا اين هى الدولة كى تتأمر حتى من أجل مصلحتها!!.
القضية بأكملها تحتاج إلى الهدوء والتزام القانون، لكن قبل ذلك وبعده تحتاج جهدا هائلا لإقناع غالبية الصحفيين أن الخطر الذى يهدد نقابتهم سيكون بسبب سلبيتهم وتقاعسهم وانضمامهم لحزب الكنبة.