يشعر ملك الأردن عبدالله الثانى بالضغط، وكل من يتذكر كيف نشأ الأردن يعرف سبب شعوره هذا فقد قام الكيان المصطنع للأردن نتيجة مراوغة الاستعمار البريطانى بين تعهداته فى وعد بلفور بقيام دولة إسرائيل، وتعهداته للعرب بتقسيم أرض إسرائيل واعطائهم ثلاثة أرباع هذه الأرض. وبهذه الطريقة نشأت المملكة الأردنية فى سنة 1946. يشكل الفلسطينيون اليوم 70٪ وحتى 95٪ من سكان المملكة، وليس هناك من يشكك فى أن الأغلبية الساحقة من سكان المملكة هى من الفلسطينيين، والأغلبية الساحقة من سكان يهودا والسامرة يحملون جوازات أردنية.
يشعر الملك عبدالله اليوم بالضغط فهو لا يعرف مما عليه أن يخاف أكثر من نشوء دولة فلسطينية مستقلة فى الضفة الغربية أو من عدم قيام مثل هذه الدولة.
ويتخوف الملك عبدالله من خطر سماح إسرائيل بقيام دولة فلسطينية فى يهودا والسامرة، سرعان ما ستتحول إلى دولة «حماس» فيجرى حفر مئات الأنفاق تحت نهر الأردن، وتهريب السلاح من سورية، وينتقل أنصار «حماس» عبر الأنفاق للعمل ضده.
إن الخوف التاريخى من الدولة الفلسطينية لم يتبدد، وإنما ازداد مع «الربيع العربى» الذى طرد النوم من عينى الملك عبدالله خوفا من أن يحدث فى الأردن ما حدث فى القاهرة وطرابلس وتونس ودمشق، فتقوم الجماهير الفلسطينية بإزاحته عن عرشه.
يحاول الملك عبدالله أن يوجد «هوية أردنية» مصطنعة جديدة، غير فلسطينية، وهو يأمل فى حال نجحت إسرائيل فى صد محاولات إنشاء دولة فلسطينية غربى نهر الأردن، ألا يضطر إلى دفع الثمن. كذلك يسعى لجعل العالم ينسى ما قاله والده، الملك حسين، إن الأردن وهو فلسطين وفلسطين هى الأردن، ويجرب أن ينسى أيلول الأسود، والحرب الأهلية التى أشعلها ياسر عرفات ضد والده الملك حسين، وأن إسرائيل هى التى تدخلت وأنقذت المملكة من التحول إلى دولة فلسطينية.
إن الفرصة الوحيدة التى ستسمح للملك عبدالله بالحفاظ على بقائه هى أن يفعل ما فعله والده، وأن يعلن أن الأردن هو الوطن القومى الفلسطينى، وأن يعود إلى التعاون مع إسرائيل لمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة أخرى فى الضفة الغربية لنهر الأردن.