أقيم بساقية عبد المنعم الصاوي لقاء تأبين الروائي الكبير خيري شلبي، مساء أول أمس الثلاثاء، وذلك بحضور ابنته ريم خيري والروائي الكبير بهاء طاهر والروائي إبراهيم عبد المجيد والمؤرخ شعبان يوسف والروائي محمد علاء والشاعرة وفاء المصري. وقالت ريم خيري عن أبوته أنه "كان حنونًا يتحلى بروح المُعلم الناصح، فكان يحاول تقديم النصح للجميع ومساعدتهم على استيعاب تجارب وكتابات الآخرين والاستفادة منها، وإنه قام بتربيتي وأخواتي الثلاث على حب الكتب والورقة والقلم وتقديرهما، فكان يرى أن القراءة والثقافة هما المكون الأساسي للإنسان".. كما أعربت ريم عن تقديره واحترامه الشديدين لمكتبة الأسرة ودار الهلال اللاتي كن يبعن كتبه بأثمان زهيدة لتكون في متناول الجميع.
كما أشار المهندس محمد الصاوي في كلمته إلى أن كتابات أمير الحكي تعتبر مثالاً كبيرًا على الكتابات النقية التي لا يشوبها النفاق والمجاملة، مما يجعلها تراثًا يبقى على مر السنين بين الناس لتحوذ على تقديرهم واحترامهم كلما قاموا بقراءتها.
وقال الروائي الكبير بهاء طاهر: "خيري شلبي كان دائم البحث والتنقيب عن الكتب القديمة، والتي لم يكشف عنها النقاب، فكان دائم الذهاب إلى سور الأزبكية والسيدة زينب والدرب الأحمر بحثا عن اكتشافات أدبية جديدة، وكان منها نص التحقيق مع الدكتور طه حسين عن الشعر الجاهلي، وأنه قام بتقديم حديث صغير مرفق بأجزاء من هذا النص، كما عثر على بعض المسرحيات التي كتبت في العشرينيات من هذا القرن، ومنها مسرحية (فتح الأندلس)، فكان شلبي دائمًا يبحث عن الكتب القديمة غير المعروفة".
وعن الجانب الإنساني لخيري شلبي، قال الروائي إبراهيم عبد المجيد إنه لم يكن له عداءات مع أي شخص، فكان ينأى بنفسه بعيدا للتفرغ إلى الكتابة، والتي كانت شاغله الأول، وكان يهتم جدا بكتابة الحكاية لأنها تنقل روح المكان والإنسان إلى الأجيال الأخرى، وكان يختار لذلك الشخصيات المهمشة التي لم تأخذ حقها في المعيشة وتعرضت للظلم، سواء من السلطة أو من الظروف المعيشية، فيجسد أرواحها ليشعر بها كل من قام بقراءتها.
ووصف المؤرخ شعبان يوسف خيري شلبي بأنه "حدوتة كبيرة " منذ بداياته، وأن رحيل جسده لا يعني اختفاءه، بل هو باق بروحه المطلة من خلال سطور كتاباته، وأضاف أن لشلبي وجوها متعددة هي وجوه كتاباته، فكل كتاب وكل رواية قام بتقديمها حملت جزءًا من روحه بين طيات صفحاتها، ومن يرد التعرف على أمير الحكي وحكماء المهمشين فليقرأ له.
كما أشار الروائي محمد علاء إلى أن خيري شلبي هو مثال يحتذى به لجميع الأجيال من الكتاب، فعلى الرغم من أن الجميع يقول إن الشباب يقدم الحديث من الأفكار، فإن هناك الدليل على التغيير والأفكار التي لم يقدمها أحد من قبل، وهي رواية "الشطار"، فالرواية كلها تروى عن طريق رؤية كلب، كما أن هناك رواية "الوتد"، والتي تعد مثالاً عظيمًا على البناء الأدبي البديع، وكتابة البورتريه التي تميز شلبي بها، فكان يقوم بتمثيل أي شخص من خلال الكلمات بالطريقة التي تساعد القارئ على تخيله، وكل هذه الأعمال تجعله من أعظم الكتاب في الأدب المصري، والذين يعيشون معنا على الرغم من رحيل أجسادهم.. لكنهم باقون بأعمالهم.
واختتم اللقاء بمجموعة من الأبيات قدمتها الشاعرة وفاء المصري لأمير الحكي فتقول: "ع اللي جرى من الغنا وسنينه.. واللي جبوه اشكيه لمين.. طب أنا لو ما اشتكتش لأبوه.. يا أبو الغنا وابنه وطرحه وجدوره.. جايلك قمر أسيان يشكي وجع نوره.. هي الكتابة وجع، سؤال؟ هي الكتابة وجع؟ هو الغنا علة؟ ولا أنا المسحور؟ لا قوة ولا حول.. يا عالما بالعشق يا عارفًا بالكتابة.. هي الكتابة الحزن ولا الحزن الكتابة".