فى الجهة المقابلة لكورنيش النيل عند جراج المظلات يفترش 11 من سائقى هيئة النقل العام الحصير، تحت لافتة صفراء اللون مكتوبا عليها «مضربون عن الطعام» فى خطوة تصعيدية منهم لإضرابهم الجزئى الذى بدأوه مع أول أيام الدراسة وتحول لإضراب شامل ابتداء من الأربعاء الماضى. ويطالب السائقون بعدد من المطالب من بينها صرف حافز الإثابة 200%، فضلا عما كتبوه على لافتات على كوبرى المظلات تقول «الانضمام لوزارة النقل، مكافأة نهاية الخدمة، أسطول جديد للهيئة».
أحد المضربين عن الطعام، ويدعى أحمد محمود، خمسينى العمر، يقول «بدأنا الإضراب عن الطعام من الساعة 8 صباحا»، وأضاف: «ما فيش فايدة أضربنا عن الطعام ومحدش سأل فينا»، مشيرا لأحد زملائه المشاركين فى الإضراب عن الطعام المصاب بمرض بالكبد، وطلبوا له الإسعاف لكن دون أدنى استجابة.
يُخرج عم أحمد ورقة من جيبه وهى «مفردات المرتب»، ضمن البيانات الموجودة بها مرتبه الأساسى 291 جنيها، ومرتبه الشامل 600 جنيه، «ضيعنا عمرنا فى الشغلانه دى ومع ذلك محدش مقدرنا، بعد 20 سنة خدمة فى الهيئة مرتبى الأساسى لسه ماوصلش حتى 300 جنيه».
أجرى عم أحمد 4 عمليات جراحية فى قدمه اليسرى، نتيجة سقوطه من الأتوبيس، ومع ذلك يضطر للعمل ساعات إضافية بالرغم من ضعف صحته، حتى يستطيع الإنفاق على تعليم أولاده فى المراحل التعليمية المختلفة.
وهو يقول: «مضطر اشتغل لأن عندى أولاد فى مراحل تعليمية مختلفة، كفاية دروسهم الخصوصية، بدفع فى الحصة 50 جنيه».
حتى مستشفى هيئة النقل العام لم يخل من مشاكل بالنسبة لعمال، فبحسب عم أحمد فإن «الدكاترة متواطئون مع مسئولى الهيئة، لو رجلى تعبانة وبقدم على طلب إجازة بيرفض الطبيب، ويقول لازم تكون مكسورة».
بعد زيارة وزير القوى العاملة، أحمد حسن البرعى، مساء السبت الماضى، ومطالبته العمال بتعليق الإضراب، قرر العمال الإضراب عن الطعام: «الوزير محترف فض إضرابات زى ما عمل مع عمال الغزل والنسيج، منذ عدة أسابيع، لازم يكون فى موافقة على مطالبنا علشان نتراجع عن الإضراب».
الهيئة لا تعمل سوى ب 40% من طاقتها من الأتوبيسات، لذلك جاء ضمن مطالب عمال هيئة النقل العام شراء الهيئة أسطولا جديدا من الأتوبيسات، حتى لا يتم استغلال الهيئة ذلك ضد العمال.
يقول عم أحمد «قوة جراج المظلات 160 أتوبيس، ما بيشتغلش منها أعداد كبيرة من الأتوبيسات، وكل يوم تلاقى 80 سواق وكمسرى قاعدين مبيشتغلوش، يمضوا ويقعدوا وده بيأثر على الحوافز»، وأضاف «السواق بياخد 9% من نسبة الإيراد، علشان كده عطل الأتوبيسات بيأثر علينا، بس ده من مصلحة المهندسين، لأنهم بياخدوا نسبة على العربيات إللى بتخرج من الجراج».
ويضيف: «يبقى لسه زميلى داخل بالعربية الجراج، آجى أخدها تعطل على الباب، وتحصل خناقات مع الركاب، لأنه دافع جنيه، فين الخدمة اللى بيحصل عليها، علشان كده لازم نوصل للنهاية وناخد حقنا».
ومن المشاكل التى تؤرق عم أحمد أيضا تضارب تصريحات مسئولى الهيئة بين كون هيئة النقل العام هيئة اقتصادية مستقلة، أم تابعة لمحافظة القاهرة.
«احنا مش عارفين احنا تبع مين، المسئولين بيبرروا عدم أحقيتنا فى حافز 200% لأننا هيئة اقتصادية، وده اللى أكده لينا البرعى فى زيارتنا، لكن بناء على الكلام ده سقف مطالبنا هيعلى لأننا هنطالب بعلاوة 7% ونسبة من الأرباح السنوية بأثر رجعى من 15 سنة، تعويض للسنين اللى خدوا فيها حقنا».
يقطع سائق آخر مضرب عن الطعام، يدعى عبدالعظيم، حديث عم أحمد، وهو يحمل ابنته الصغيرة «بسملة» على كتفه: «احنا لقطاء؛ مش عارفين إحنا هيئة خدمية ولا اقتصادية، الهيئة بتطبق علينا فيلم الخطايا لعبد الحليم حافظ».