الشيخ يوسف القرضاوى هو ابن خالص لحركة الإخوان المسلمين، فلم يعرف عنه انتماء حركى أو فكرى لغير جماعة الإخوان ومدرستها، كما لم يعرف له خروج صريح منها أو عنها. وقد عرف القرضاوى بحركة الإخوان ربما بالقدر الذى عرفت به، وارتبطا معا فى كل مراحل العمر كأنك تقرأ تاريخها حين تقرأ مذكراته التى صدرت فى ثلاثة أجزاء، وكأنه يكتب عن نفسه حين يؤرخ للجماعة فى كتابه: الإخوان المسلمون سبعون عاما فى الدعوة والتربية. يقترب عمر القرضاوى من عمر الإخوان (ولد فى عام 1926 وتأسست الجماعة بعد ميلاده بعامين) وتاريخه فى الدعوة يكاد يتطابق مع الفترة الأبرز فى تاريخ دعوة الإخوان. كان القرضاوى واحدا من أبناء جيل من الأزهرية الذين التحقوا بالجماعة وتتلمذوا فى مدرستها ونشطوا فى دعوتها، جيل ضم أشهر الأسماء فى عالم الفقه والدعوة من أمثال الشيوخ محمد الغزالى وسيد سابق ومتولى الشعراوى وعبد المعز عبدالستار وعبدالستار فتح الله سعيد وعبدالله الخطيب وعبدالرشيد صقر وأحمد العسال وعبدالعظيم الديب وخالد محمد خالد ومناع القطان وأحمد الشرباصى وصلاح أبوإسماعيل وأحمد حسن الباقورى ومحمد المختار المهدى ومحمود عبدالوهاب فايد ومحمد الراوى ومحمد البرى ومحمد سيد طنطاوى.. حتى يمكن النظر إليه كجيل مؤسس فى علاقة الأزهر بالحركة الإسلامية الأم. وعلى الرغم من أن القرضاوى كان واحدا من العشرات بل ربما المئات الذين التحقوا بالجماعة من طلاب الأزهر الشريف وخريجيه فإنه كان نسيج وحده فى علاقة الشيخ بالحركة وفى وضعية الأزهرية فى الحركة الإسلامية، فالآخرون ممن تشابهوا معه فى تجربة الالتحاق بالحركة الإسلامية الأم استوعبتهم الحركة كاملا داخلها فتماهوا فيها حتى فقدوا شخصية العالم الأزهرى المستقل فلم يعد لهم وجود أو تأثير أو اجتهاد خارجها (كما هو الحال مع الشيخ محمد عبدالله الخطيب عضو مكتب الإرشاد السابق الذى كان يلقب بمفتى الجماعة، وهو ممثل التنظيم لدى الأزهرية أكثر منه ممثل الأزهرية فى التنظيم، ومثله أيضا الشيخ أبوالحمد ربيع عضو مكتب الإرشاد الراحل)، أو اصطدموا بها حين عبروا عن ذاتهم وأفكارهم وأحسوا بذاتهم «الأزهرية» وما تحمله أو تفرضه من استقلال العالم الأزهرى (كما جرى مع الشيخ محمد الغزالى الذى فصلته الجماعة ضمن من عرفوا بمجموعة المشايخ الأزهرية فى تداعيات أزمة صدامها مع النظام الناصرى عام 1954 أو الشيخ عبدالستار فتح الله سعيد الذى استقال من مكتب الإرشاد فى عام 1987 بسبب ما اعتبره سيطرة السياسيين على الجماعة وعدم اعتبارهم للأزهرية)، أو أنهم تبنوا مبكرا مقاربة تقوم على ترك مسافة بينهم كعلماء أزهريين وبينها كحركة تجمع ما بين الدعوة والسياسة (مثلما فعل الشيخ محمد البرى الذى صار رئيسا فيما بعد لجبهة علماء الأزهر، والشيخ محمد المختار المهدى إمام أهل السنة الرئيس العام للجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة، والشيخ محمد متولى الشعراوى إن صحت رواية أنه كان إخوانيا الذى ابتعد مبكرا عن الجماعة وكان يرى أنه من الأفضل للإنسان أن يبقى مع الإخوان فترة التكوين التى يأخذ فيها خير الحركة ثم لابد أن يتركها قبل أن يطوله أذاها، الذى كان يعنى به صراعاتها السياسية). وحده يوسف القرضاوى كان الشيخ الذى استطاع نسج علاقة خاصة وفريدة مع جماعة الإخوان، هى علاقة الشيخ المتحقق والحركة التى دائما ما كانت ترتاب من كل من يحمل بداخله جينات الاستقلال فى الفكر أو الحركة، حتى شاعت فيها مقولة أن (لا مكان فى الإخوان لعسكرى ولا أزهرى)!