مع أن منهج سلفيى القاهرة يكاد يتطابق مع منهج دعوة سلفيى الإسكندرية إلا أن خطاب السلفية الحركية يتسم بالشدة مقارنة بخطاب السلفية السكندرية، فإذا كان السكندريون يكتفون بتكفير الحاكم حكميا فقط فإن الحركيين يذهبون إلى تكفيره عينيا إذا لم يحكم بشرع الله ويجهرون بذلك فى خطابهم الدعوى. ومع التقارب المنهجى بين المدرستين هناك أيضا التقارب على المستوى الشخصى فرموز المدرستين يتبادلون الثناء والإقرار لكليهما بالعلم وبصحة المنهج أهل السنة كما يتزاورون ويتبادلون إلقاء الدروس فى المساجد التابعة لهم. وأثناء إلقائه محاضرة فى مسجده سأل أحد الحاضرين الشيخ محمد عبدالمقصود أحد رموز السلفية الحركية عن «حال» سلفيى الإسكندرية وهل هم أهل إرجاء فقال بغضب: (هؤلاء ليسوا أهل إرجاء هؤلاء أهل السنة وهم من أوائل من أدخلوا السلفية إلى مصر ونشروها نسأل الله أن يحفظهم جميعا وأن يسلمهم من كل سوء وأعاذهم الله من ذلك وإنى والله لأحبهم فى الله فهؤلاء كانوا سلفيين وقت أن كنا جهالا لا نعرف شيئا كما أن لهم قدما راسخة فى العلم). إلا أن ذلك لم يمنع الشيخ ياسر برهامى من الانتقاد بشكل هادئ مسائل التكفير عند الشيخ فوزى السعيد أحد رموز السلفية الحركية وقوله: (أنصح بمراجعة فتاوى الشيخ فى التكفير على أهل العلم، هذا مع ما للشيخ حفظه الله من جهد فى الدعوة وتاريخ طويل فيها ويكفى أنه التزم على يديه المئات بل الألوف من الملتزمين بالقاهرة وغيرها). ويتفق السلفيون الحركيون مع سلفيى الإسكندرية فى مشروعية العمل الجماعى بضوابط وشروط منها أن عدم التحزب أو التعصب لفكرة بعينها غير كلام الله ورسوله يوالى أصحابها عليها ويعادوا كما لا يضعون الجماعات الإسلامية العاملة على الساحة ضمن الفرق النارية الاثنتين وسبعين فرقة لأنهم يفرقون بين الجماعات والفرق فالجماعات أصولها هى أصول أهل السنة والجماعة لكنهم ينفون عن هذه الجماعات أن يكونون هم الطائفة المنصورة بل هم من الفرقة الناجية فقط ومع ذلك فالسلفية الحركية ترفض تكوين جماعة خاصة بهم كى لا تزيد افتراق الأمة لكن تشجع اتباعها إلى التعاون مع جميع الجماعات العاملة فى الساحة فيما اتفقوا عليه وتعتزلهم فيما تفرقوا فيه وفرقوا الأمة بسببه ولذلك فلا يرفض هؤلاء السلفيون العمل مع أى جماعة أو تنظيم أراد أن يقيم دولة الإسلام أو أن يعيد دولة الخلافة ومن هنا تأتى تسمية هذا التيار بالحركى. وبعد الثورة تتبع هذا التيار مسار التيار السكندرى شبرا بشبر وذراعا بذراع فحول موقفه من حرمة المشاركة فى العملية السياسية إلى شرعية الدخول فيها وذهب ليشكل حزبا سياسيا أطلق عليه حزب الفضيلة إلا أن الشيخ عبدالمقصود زج بنفسه فى الدعوة إلى الانضمام إليه معتمدا على قوة مرجعيته فى الأوساط السلفية وهو الأمر الذى نأى سلفيو الإسكندرية بأنفسهم عنه وإن ظلوا محركين له من وراء ستار ومع أن سلفيى الإسكندرية كانوا يرغبون فى أن يكون لسلفيى مصر حزب واحد إلا أن الشيخ عبدالمقصود كان يرى أن تعدد الأحزاب السلفية لنصرة الدين مفيد للأمة إذا تعاونت فيما بينها.