ينظر الكثيرون داخل جماعة أنصار السنة المحمدية إلى سلفيى الإسكندرية على أنهم أعضاء كانوا منتمين إليها ثم انشقوا عنها ليشكلوا نواة لدعوة سلفية جديدة انطلقت من الإسكندرية، ومع أن هذا الادعاء له ما يدعمه تاريخيا إلا أن المستقرئ لهذا التاريخ يلحظ أن لسلفيى الإسكندرية خصوصية منذ النشأة رغم كون معظمهم عمل تحت لواء جماعة أنصار السنة المحمدية قبل أن تتشكل نواة دعوتهم وأثناءها.. فهؤلاء السلفيون يبقون قبضة من التربة ذاتها، التى تشكلت منها تيارات إسلامية متنوعة فى العقد السبعينى من القرن الفائت. لقد حاول السكندريون أن يتأطروا فى إطار جماعة أنصار السنة بعد أن تفرقت الجماعة الإسلامية الطلابية منتصف السبعينيات، وأن يأخذوها محضنا لهم خاصة أن هذا الإطار كان فضفاضا بفعل المنهج الكلى للجماعة، والذى يقر العمل الجماعى المنظم، والذى تحدث عن وجوب إقامة شرع الله والحكم بالكفر على من لا يطبقه، كما أنه وجدوا فى مواثيق الجمعية، التى كتبها آباؤها المؤسسون أن النظام العلمانى نظام كافر. لكن السكندريون قالوا إنهم لم يرغبوا فى الاستمرار فى العمل تحت لافتة الجمعية بدعوى أنه كانت هناك طائفة من شيوخ أنصار السنة لا تستوعب طاقات الشباب على حد قول ياسر برهامى أحد كبار شيوخهم بل تكاد تحصر نفسها فى قضايا بعينها تتشدد فيها وتهمل غيرها رغم أن الحق غالبا ما يكون فى خلافها، مثل قضية الاقتصار على الصحيحين فى الاستدلال، ومثل قضية إخراج القيمة فى زكاة الفطر، ومثل قضية إنكار المهدى. وجد السكندريون أن الخطاب الرسمى للجمعية يغرق كثيرا فى تفاصيل العقيدة ويعطى اهتماما لمحاربة البدع، لكنه لا يتطرق كثيرا لقضايا إشكالية فى البيئة المصرية، كما يبتعد هذا الخطاب تماما عن السياسة. لكن الذى لم يقله برهامى هو أن هناك سببين جوهريين منعا السكندريين من استمرار الاندماج فى جماعة أنصار السنة الأول: إنه يعتبر أن مؤسسات الدولة غير إسلامية والعمل تحت لافتتها يعد بمثابة دخول للعبة السياسية التى يرفضون المشاركة فيها، الثانى: أن جمعية أنصار السنة، التى تعمل وفق تصريح من الدولة والتى كانت تخضع لرقابة صارمة من الأجهزة الأمنية الرسمية، التى تتحكم فى توجيه دعوتها وتتدخل فى ممارساتها لها. والملاحظ عند متابعة خطاب شيوخ الدعوة السلفية السكندرية أنها تحاول بإصرار إثبات أن أصول منهجها لا تختلف عن الأصول المنهجية، التى وضعها الشيوخ المؤسسون لجماعة أنصار السنة، لاسيما فى المسائل الإشكالية مثل الموقف من الحاكمية وتكفير الحاكم، فالسكندريون يؤمنون بكفر الحاكم، الذى لا يطبق شرع الله كفرا حكميا لا عينيا لأن الكفر المعنى فى آية «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون» هو الكفر الأكبر لا الأصغر وساقوا فى سبيل إثبات ذلك مقولات نسبوها إلى الآباء المؤسسين لأنصار السنة، أفتوا فيها بتكفير الحاكم الذى لا يحكم بشرع الله وهو ما ينطبق على الحالة المصرية. السكندريون الذين قالوا ذلك يريدون أن يثبتوا أن أصول منهج جماعة أنصار السنة يتفق فى الأساس مع منهجهم حتى فى المسائل الإشكالية مثل قضية الحاكمية، التى هى من أخص خصائص توحيد الألوهية كما يؤمن السلفيون السكندريون. لكن شيوخا فى جماعة أنصار السنة قاموا بالتصدى للمقولات السكندرية منهم نائب رئيس الجماعة الشيخ عادل السيد بصدور كتابه (الحاكمية والسياسة الشرعية عند علماء أنصار السنة)، والذى جمع فيه كل ما صدر عن علماء أنصار السنة والآباء المؤسسين لها من أقوال وتصريحات وفتاوى تتعلق بمسألة تكفير الحاكم، وخلص فى النهاية إلى أن الآباء المؤسسين لأنصار السنة لم يصدر عنهم إطلاقا أى فتاوى بتكفير الحاكم، وذلك ردا على ما نسبته مواقع سلفية إلى هؤلاء بقولهم بتكفير الحاكم.