رابط الاستعلام عن المقبولين بوظيفة معلم مساعد العلوم وموعد امتحاناتهم    الحج السياحي 2025 | انتظام عودة الحجاج.. وخطة طوارئ لإزالة أي معوقات    تموين الأقصر: صرف 37 مليون رغيف و1708 أطنان دقيق مدعم في أسبوعين    «درس جيد للجميع»| «بيسكوف» يصف رد الفعل الدولي على الهجمات الإسرائيلية    السوداني: حكومة الاحتلال لا تعترف بالقوانين الدولية وترتكب الجرائم منذ السابع من أكتوبر 2023    كأس العالم للأندية| تشكيل الترجي المتوقع لمباراة فلامنجو في ضربة البداية    ضبط سائق استخدم إضاءة تُعرض حياة المواطنين أعلى الدائري| فيديو    انتداب المعمل الجنائى لفحص حريق مخزن دعاية وإعلان بالعبور| صور    بلدنا الجميلة بمعزل عن الحروب، ساويرس يعلق على اندهاش السائحين بمنطقة الأهرامات الجديدة    انطلاق البرنامج الصيفي بقصر ثقافة أحمد بهاء الدين بأسيوط    طريقة عمل كفتة الفراخ، فى خطوات بسيطة    إسرائيل تستعد لإطلاق رحلات جوية لاستدعاء العسكريين والعاملين في الصناعات الدفاعية من الخارج    «التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن موعد امتحانات المتقدمين لشغل 3500 وظيفة معلم مساعد مادة العلوم    محافظ المنوفية ورئيس الجامعة يفتتحان المعهد الفني للتمريض الجديد بمنشأة سلطان    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    مصرع طفل أسفل عجلات قطار الصعيد عند مزلقان دماريس بالمنيا    «استئناف المنيا» تؤيد عقوبة الإعدام شنقًا ل قاتل عروس بني مزار    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    تنسيق الجامعات.. 6 أقسام متاحة لطلاب الثانوية ب حاسبات حلوان    الكرملين: روسيا مستعدة للوساطة بين إيران وإسرائيل    «وحشتنا القاهرة».. إلهام شاهين تعلن عودتها من العراق    وزير الثقافة: لا مساس بحرية الإبداع.. والتوصيات تركز على جودة المحتوى ودعم الإنتاج والتوزيع الدرامي    «حسبي الله في اللي بيقول أخبار مش صح».. لطيفة تكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل وفاة شقيقها    ما هي علامة قبول الطاعة؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    الاتحاد الأوروبي: ملتزمون بتكثيف الجهود لتهدئة الصراع بين إيران وإسرائيل    «الصحة»: الدولة تسير في مسار مالي لتحفيز الأطباء وتحسين بيئة العمل بالمستشفيات الحكومية منذ 11 عامًا    محافظ المنوفية يدشن قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان ضمن احتفالات العيد القومي    المصرف المتحد سابع أكبر ممول لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل ب3.2 مليار جنيه    «هيئة الدواء» تقدم.. نصائح لتقليل الإصابة بمرض النقرس    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    عميد «علوم سياسية الإسكندرية» يُكرّم الملحقين الدبلوماسيين الجدد من خريجي الكلية (صور)    محافظ سوهاج يدعو المواطنين للإبلاغ عن وقائع الغش في امتحانات الثانوية العامة بالأدلة    رئيس مجلس النواب يضع مجموعة قواعد لمناقشة مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية    لليوم ال 16.. التموين تواصل صرف مقررات يونيو    الدخول ب 5 جنيهات.. 65 شاطئًا بالإسكندرية في خدمة المصطافين    أسعار النفط تقفز وسط تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    الاثنين 16 يونيو 2025.. البورصة المصرية تعاود الارتفاع في بداية التعاملات بعد خسائر أمس    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    أمن الجيزة يضبط المتهمين بسرقة كابلات شركة فى كرداسة    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    مدرب بالميراس يتوعد الأهلي قبل مواجهته في مونديال الأندية    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    عمرو أديب: كنت أتمنى فوز الأهلي في افتتاح كأس العالم للأندية    "بعد لقطة إنتر ميامي".. هل يلقى حسين الشحات نفس مصير محمد شريف مع الأهلي؟    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    إيران تعلن اعتقال عنصرين تابعين للموساد الإسرائيلى جنوب طهران    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حافظ دياب: انتفاضات مصر أكدت قدرة المصريين فى التجمع عند الشدائد
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 08 - 2011

فى تسعة فصول، 220 صفحة، يحكى محمد حافظ دياب قصصا لانتفاضات مصر وثوراتها فيما يزيد على قرن قبل وقوع ثورة الخامس والعشرين من يناير التى قال فى آخر كلمات الخاتمة «إن الصوت قادم.... قادم».
«انتفاضات أم ثورات فى تاريخ مصر الحديث» هو عنوان الكتاب الذى أصدرته دار الشروق، ضمن سلسلة التاريخ: الجانب الآخر إعادة قراءة للتاريخ المصرى، قبل أيام من اندلاع أولى شرارات ثورة الخامس والعشرين من يناير.
فى كتابه يستعرض دياب فصول العمل الوطنى المصرى بدءا من «الغزو الفرنسى» لمصر فى 1798 مرورا ب«ملحمة رشيد» وثورة عرابى فثورة 1919 ثم انتفاضة الطلبة فى 1935 وانتفاضة العمال والطلبة فى 1946 إلى يوليو 1952 حيث كانت «الثورة المجهضة»، على حد ما يصفها وحتى «هبّة الجياع» عام 1977.
يرصد دياب تشكيلات وثنايا الحركة الوطنية المصرية التى يتداخل فيها الشعب من فلاحين وعمال وطلبة مع الجيش أحيانا كثيرة، ليدلى بتفاصيل تؤكد، كما تقول لطيفة محمد سالم فى تقديمها لكتاب دياب، إن المصريين «ليسوا دوما شعبا مستكينا بل هم شعب قادر على التمرد والعصيان والرفض والاحتجاج والانتفاضات والهبات»، فى سياقات أصلها سياسى وحواشيها من الآداب والفنون التى ساهمت كما يشير دياب فى تشكيل وتنسيق مجموعة المفاهيم المعبرة عن الحركة الوطنية المصرية.
التحام شعبى
ويتحدث دياب عن انتفاضتى القاهرة الأولى والثانية وما تلاهما من انتفاضة الصعيد ضد حملة نابليون بونابرت على مصر فيفرد فى شرح تفاصيل مقاومة الشعب المصرى لهذه الحملة منذ وصولها فى أول يوليو 1798 وحتى جلائها فى 16 نوفمبر 1801 فى تفاصيل توضح بجلاء قدرة المصريين على التجمع عند الشدائد للدفاع عن الوطن. بل إن دياب يرى أن المقاومة التى أبداها الشعب المصرى عبر 3 سنوات هى كل عمر الحملة هى ما كرس ما عرف بعد ذلك «بالنضال الوطنى وبدء تبلور مفهوم «الأمة» وولادة قيادة شعبية مصرية داخل المجال العام».
وفكرتا النضال الوطنى والقيادة الشعبية هما العنصران الأساسيان فى التحام شعبى يرويه دياب مع عمر مكرم فى التآزر لدحض جيوش الإنجليز التى أرادت أن تخلف الجيوش الفرنسية على مصر، فى 1807، فلم ينتظر عمر مكرم عودة محمد على الذى كان مشغولا بقتال المماليك فى صعيد مصر ليعضد حكمه الجديد «بل تولى قيادة المقاومة الشعبية وتنظيمها وشارك بنفسه فى إقامة الاستحكامات حول المدينة وتشجيع العامل وإثارة الحماس لحمل السلاح تأهبا لقتال الإنجليز».
وكما فعل عمر مكرم فى القاهرة فعل فى رشيد على بك السلانكى «ولقبه لدى الرشايدة على بك الشجاع» فى تنظيم صفوف المقاومة الشعبية التى تمكنت من تحويل «المدينة كلها إلى بركان قذف حممه ضد الانجليز الذين امتلأت الشوارع بقتلاهم»، فتحقق انسحاب الإنجليز بعد شهور قليلة من محاولة الغزو بفضل انتفاضة الشعب المصرى فى وجه هذا الغزو.
وينتقل دياب ليذكر أن الغضب العارم للشعب المصرى لا يرتبط فقط بفعل الغزو ولكنه يأتى أيضا ردا لفعل الظلم وهو ما كان فى عهد الخديو إسماعيل الذى، وإن كان أبدع فى تجميل القاهرة لتكون باريس أخرى على النيل، فقد أشاع المظالم المالية والاجتماعية، وهو ما أدى إلى بدء حركات ترفض سياساته كان من ضمن لبناتها الأولى جمعية سرية فنشأت فى 1876 عرفت باسم «مصر الفتاة» واشرف عليها جمال الدين الأفغانى وهى الجمعية التى طالبت بتحسين أوضاع المصريين، خاصة فى الجيش الذى كان يسيطر عليه الأتراك، وإشاعة الحريات العامة، ثم بعد ذلك بثلاثة أعوام «اجتمع الضباط المصريون مع قائدهم (أحمد) عرابى فى طابية رشيد فى 30 يناير 1879 وطالبوا بالعدل والمساواة.. واحتشدت وراءهم جماهير غفيرة من الفلاحين، بمظاهرة عسكرية قاصدين وزارة المالية.. وقد اعتبرت هذه المظاهرة أول سابقة لتدخل الجيش فى السياسة»، ليتواتر بعد ذلك انضمام الضباط للنشاط الوطنى وليعلموا «كجناح عسكرى يمكنه ان يفرض مطالبه بالعنف لو تعذرت الوسائل السياسية، وكانت تلك أول مرة يصبح فيها الجيش أداة لحماية الحركة القومية لا أداة للقمع كما كانت مهمته التقليدية فى ظل الدولة المركزية القديمة».
وقد شهد العام ذاته، كما يروى دياب فى كتابه، بدايات إنشاء الأحزاب المطالبة بالتحرر الوطنى مثل «الحزب الوطنى الأهلى المصرى» الذى طالب باستقلال مصر وبضرورة قيام الحكام وفقا للعدل والقانون.
ويستمر العمل الوطنى للمصريين، كما يروى دياب، ليبدأ الكفاح ثانية فى 11 يوليو 1882 لمواجهة ضرب الإنجليز للإسكندرية، لتتكون «لجنة الدفاع الوطنى فى القاهرة» التى حظت بتعاطف شعبى واسع تم التعبير عنه فى أناشيد وخطب تحث على المقاومة بل وفى تبرعات جاء بعضها من نساء أسرة الخديو نفسه.
ورغم ان الاحتلال الانجليزى لمصر وقع وتأكد فإن الكفاح الوطنى لم يتوقف ورغم ان ثورة عرابى، التى كان الفلاحون والجيش قوامها الرئيسى، دحرت وتعرضت لحملة تشويه من جرائد موالية للخديو ووصفت عرابى ورجاله ب«القتلة والمخربين والآثمين» فإن ذلك لم يحول دون بدء العمل السرى ضد الاحتلال البريطانى فى نشاطات تجاوزت الفلاحين والجيش وضمت أيضا الطلاب الذين نظم بعضهم نفسه فى إطار ما عرف ب«اتحاد الشبيبة المصرية» فى نهايات 1879 وهو الاتحاد الذى كان محل دعم وتعاطف من كثير من المثقفين.
وكما الأمس القريب كان الأمس البعيد حيث تعرقل العمل الوطنى وتعثر جراء انقسامات وقعت فى صفوفه وجراء ضربات وجهها له النظام جاء جزءا لا يستهان به منها فى صورة قانون المطبوعات للتضييق على أصحاب القلم.
ولكن أيضا كما الأمس القريب كان الأمس البعيد حيث نهضت ثلة من المثقفين فى المجال العام لتدعو لاستمرار العمل الوطنى وهو ما كان بوقوع ثورة 1919.
وبحسب كتاب دياب فإن «ثورة 1919 تعد أول ثورة وطنية تنفجر بعد الحرب العالمية الأولى وأول حدث جمع المصريين على اختلاف عقائدهم ومذاهبهم وأجيالهم».
ويذكر دياب لمن لم يطالع صفحات التاريخ دور شباب مصر فى ثورة 1919 حيث كانوا، كما العمال، من اولى شرارات انطلاق الثورة ومن اوائل شهدائها رجال ونساء. كما يستدعى دياب تآلف الكلمات الغنائية مع الحركة السياسية عندما كتب احد الطلاب الموقوفين فى التظاهرات اغنية ياعم حمزة «ياعم عم حمزة احنا التلامذة، واخدين ع العيش الحاف والنوم من غير لحاف، مستعدين وناس وطنيين ودايما صاحيين» ليؤكد استمرار الحركة الوطنية والتى كللت مرحليا بالتفاوض من أجل الاستقلال فى وفد رأسه سعد زغلول وهو التفاوض الذى استمر سنوات مدعوما بأعمال فنية عبرت عن روحه ورح الشعب فى ذلك الوقت من خلال أغنيات سيد درويش ومسرحيات نجيب الريحانى وبديع خيرى.
انتفاضة الطلبة
وعلى انها لم تحقق الاستقلال فإن ثورة 1919 كما يرويها دياب فى كتابه «انتفاضات أم ثورات» حققت انطلاقة جديدة للحركة الوطنية أوسع وأعرض من تلك التى حققتها ثورة العرابيين لتتابع فصول الحركة الوطنية من خلال انتفاضة الطلبة فى عام 1934 عندما أعلن الطلاب التمرد فى وجه فساد الحياة السياسية وتزوير الانتخابات و«فى مناسبة الاحتفال بذكرى عيد الجهاد الوطنى فى 13 نوفمبر 1935 أضربت المدارس والكليات»، ثم انتفاضة العمال والطلبة فى عام 1946 بتظاهرة بدأت فى ميدان إبراهيم باشا ثم اتسعت لتشمل المدينة ليتم بعد ذلك مجابهتها من النظام بالتعاون مع الإخوان المسلمين بوصف أن المحرك الرئيسى لهذه الانتفاضة كانت القوى اليسارية.
ثم تأتى «الثورة المجهضة» فى 23 يوليو 1952 التى بدأت «انقلابا عسكريا» ف«حركة مباركة» فثورة يدعمها الشعب بهد القضاء على الفساد السياسى والخلل الهيكلى على المستوى الاقتصادى والاجتماعى والفشل فى تحقيق الاستقلال ولكن كما صفحات ثورات وانتفاضات مصر السابقة فإن صفحات ثورة يوليو، على الاقل كما يرويها دياب، حوت بذور التعثر والتعرقل بما فى ذلك عن ابرز انجازات الثورة المتعلقة بتحقيق العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة التى غابت بصورة تدريجية، ومتزايدة، حتى جاءت هبة 1977 التى لم تكن فقط تعبيرا عن تراجع الشأن الاجتماعى ولكن أيضا عن تراجع الحال السياسى وهى ذاتها نفس الاسباب التى ادت إلى ثورات سابقة كما انها ذات الأسباب التى أدت، حسبما يدون دياب، إلى بدء تحركات جديدة فى مصر بدءا من عام 2005 مثل كفاية وانتشار ظاهرة المدونين وانتشار المظاهرات الفئوية التى تصاعدت فى النهاية لتصل للحظة التى لم يدركها كتاب «انتفاضات أم ثورات فى تاريخ مصر الحديثة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.