«إدى الميكروفون لزميلك لو سمحت»، عبارة لم تخل منها جلسة واحدة من جلسات محاكمة وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلى، ومساعديه الستة فى قضية قتل المتظاهرين، وهى العبارة التى اعتبرها مراقبون دليلا على «عشوائية» أداء المحامين المدعين بالحق المدنى. وما بين مطالبات المستشار أحمد رفعت قاضى المحاكمة، للمحامين بالتزام النظام لعدم إجهاد هيئة المحكمة، وبعض المفارقات التى كانت محل سخرية واستهزاء من المتابعين للمحاكمة، من نوعية «فين روبك يا أستاذ»، يبرز سؤال مهم عن دور كبار المحامين ورجال القانون فى مصر، وإحساسهم بمسئوليتهم المهنية والقانونية تجاه القضية. المحامى الشهير، رجائى عطية، والذى ترافع فى عدد من قضايا الرأى العام منذ السبعينيات، كقضية التكفير والهجرة 1977، واغتيال الرئيس السادات 1981، ونواب القروض 1997، والمبيدات الحشرية 2003، واحتكار الأسمنت 2008، أكد أن واجبه يقتصر عند تقديم مشورته القانونية لمن يطلبها. «من يريد أن يسمع كلمة موضوعية فى القضية يتصل بى»، يوضح عطية أنه على استعداد للتعاون مع المحامين المدعين بالحق المدنى فى قضايا العادلى ومبارك، فى إطار المشورة القانونية، مؤكدا أنه لن يتسابق للظهور فى تلك القضايا. ونصح عطية المحامين بأن «يتآلفوا ويعقدوا اجتماعات متكررة فيما بينهم، ليتحدوا على منهج واحد»، وحذر من خطورة التشتت الذى تعانى منه هيئة المدعين بالحق المدنى، وقال: «لا أعتقد أنهم تمعنوا فى معنى ونتيجة الطلبات التى قدموها، خصوصا ما يتعلق بإدخال تهم أو متهمين جدد للقضية». وناشدهم رجائى عطية بالتعاون فى تسيير الإجراءات، «لأن إعاقة سير الدعوى لن يدفع ثمنه سوى أهالى الشهداء والمصابين». أما ناصر أمين مدير المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة ومحامى الادعاء بالحق المدنى فى القضية الشهيرة «عماد الكبير»، فقد أعلن ل«الشروق»، أنه مستعد للدفاع عن كل الضحايا دون أعباء مادية، بشرط حصوله على توكيلات مباشرة من أسر الضحايا، كما أكد أنه على استعداد أن يساعد أيا من هيئات الدفاع، «حتى لا يتصور أحد أننى أريد أن أقفز على القضية». واعتبر أمين أن وضع قضية العادلى ومبارك مختلف وجديد على الساحة القضائية فى مصر، وهو ما ادى من وجهة نظره إلى التعامل معها بطريقة مرتبكة، وأضاف: «أهالى الضحايا تعاملوا مع القضية على أنها قضية تعويضات وليست قضية سياسية». ووجد أمين أنه من الصعوبة على أى محامٍ كبير ومحترف أن يتحدث عن قبوله القضية دون أن يلجأ اليه أسر الشهداء، لأن ذلك يتعارض مع أخلاقيات مهنة المحاماة، ويعرض المحامى رفيع المستوى إلى إهانات هو فى غنى عنها. من جانبه انتقد علاء عبد المنعم المحامى بالنقض وبطل الجولات الأكثر سخونة ضد النظام السابق فى مجلس الشعب، أداء المحامين فى القضية، مؤكدا أنه ضمن مجموعة من كبار المحامين أعلنوا عن استعدادهم لتولى القضية، وينتظرون توكيلات الأهالى، إلا أنه يعتقد أن هناك ما يحول بينهم وبين أهالى الضحايا. كما فسر عبدالمنعم عزوف شيوخ المحاماة عن عرض توليهم تلك القضايا، بسبب تجنبهم التعرض لإهانات من المحامين الشباب وقليلى الخبرة الذين لجأ اليهم أهالى الضحايا، «سيعتبرونهم ساعين وراء الشهرة وقد يتقولون عليهم بما لا يليق». وأكد عبدالمنعم أن عدم التنظيم الذى يظهر عليه المحامون فى الجلسات، والذى يثير غضب وحفيظة هيئة المحكمة فى كل جلسة، قد يؤثر على حقوق الضحايا وعلى سير المحاكمة بشكل سليم، مشيرا إلى أن القضية لا تخص أسر الشهداء والمصابين فقط وإنما هى قضية وطن بأكمله.