الصعاب كثيرة، ولكن أشكر الله أننا الجيل الذى شهد هذه المرحلة المهمة فى تاريخ بلدنا. وكل من أسهم فى هذه المرحلة لا بد أن يكون فخورا بها مهما كانت صعوباتها وتحدياتها والقلق النابع منها. أفسدونا، ولكننا لم نستسلم. جعلوا أهلها شيعا، لكن الجماعة الوطنية المصرية أقوى منهم. نالوا منا، لكنهم لم يقتلونا. أخرونا، لكننا أبقى منهم. أساءوا إلينا، ولكننا سنعيد الاعتبار لأنفسنا بأنفسنا. سنقول لليأس، آيس منا. وسنقول للصبر، أنت معنا ولست ضدنا. سنتنافس، ولن نضل الطريق. ولن نسمح لأحد لا باسم الاشتراكية أو القومية العربية أو الشريعة الإسلامية أو الليبرالية أو المدنية أو شرف العسكرية أو أى اسم كبر أو صغر أن يستحمرنا. من يرد أن يحكمنا، فليكن بالدستور المدنى الديمقراطى الذى يضمن العدل والحرية والمساواة واحترام حقوق الجميع رجالا ونساء، مسلمين ومسيحيين، كبار وصغارا، عمالا وفلاحين، من سيناء أو النوبة، من الدلتا أو الصعيد. من يرد أن يحكم هذه البلد، فليعرف قدرها، وليعرف أن شعبها استيقظ ولن يغفو مرة أخرى، وليعرف أن أحدا بذقن أو بدونها، ببدلة عسكرية أو بدونها، بزبيبة صلاة أو بدونها، بحجاب أو بدونه، بصليب أو بدونه، قرأ ماركس وتتلمذ عليه أو لم يقرأه، تربى على العلمانية أو يبغضها، سلفيا كان أو لم يكن، صوفيا كان أو لم يكن، إخوانيا كان أو لم يكن هو فى النهاية مواطن لا يملك الحق فى أن يقرر مصير الآخرين. ولا سلطان لأحد على أحد إلا فى حدود السلطة المؤقتة التى يعطيها الدستور والقانون لبعض الأشخاص ليس بسبب دينهم أو تدينهم، ليس بسبب جنسهم أو سنهم، ليس بسبب علمهم أو جهلهم وإنما بسبب المنصب الذى يشغلونه مؤقتا وفقا للدستور والقانون. وأول ما ينبغى أن يكون فى دستورنا عبارة عمر العظيم: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟» بحريتى، المتفقة مع القانون المحمية بالشرع، أحيا وأترك للآخرين الحق فى الحياة. إن شرع الله ليس وفقا لمذهب أو مدرسة دون أخرى، وإنما هو جماع ما اجتهد فيه المجتهدون والذى يعطى فى النهاية لنا الحق أن يوافق القانون أى مذهب أو رأى فقهى كان. أحزابنا المتشابهة فى برامجها عليها أن تجتهد فى بناء تحالفات حزبية قوية دون رفع شعارات استقطابية. لا نريد أن يكون التفاوت فى الشعارات والأيديولوجيات حادا. نريد أن يكون الوسط قويا والمتشددون على الجانبين هم الأقلية المطلقة. وهذا ممكن. حكومتنا المؤقتة ستفعل ما تستطيع للتمهيد إلى مرحلة الانطلاق الديمقراطى والنهضوى. شعبنا الصابر سيحقق ما يريده لكن علينا أن نستخدم العقل أكثر من الاحتكام للتقاليد ومعتقدات الصبا. نريد العلم والتعليم، القراءة والمعرفة. بهذه الأخيرة يرفع الله أقواما ويضع آخرين. ويرفع الله أفرادا ويضع آخرين. المظالم كثيرة، وبعضنا قاس على بعض بحق أو بدون حق. عقلية الصبية تحكم البعض، ولكن على العقلاء ألا ينجروا إلى معارك تافهة وأن تكون معركتهم الكبرى هى بناء الوطن. لا تقولوا: «لا أمل» فنحن جميعا فى معركة البناء. وكما قال نابليون بونابرت: «يهزم الجيش مع أول جندى يفر من المعركة ويقول هزمنا». وكما قال الرسول الكريم: «من قال هلك المسلمون فهو أهلكهم». وبنفس المعنى من يقول: «هلك المصريون فهو أهلكهم» أى هو تسبب فى هلاكهم. ازرع الأمل والعمل فى عقلك وقلبك، وازرعهما فى من حولك. ولنتذكر كل من ماتوا كى نعيش، ومن أصيبوا كى نكون أصحاء.