صعد نظام الرئيس السوري بشار الأسد من عملياته العسكرية ضد المتظاهرين المنادين بإسقاطه عشية يوم الجمعة، حيث أحكم قبضته الأمنية على مدينة حماة بعد خمسة أيام من بدء هجومه، في ظل انقطاع الكهرباء والماء والاتصالات ونزوح أكثر من 1500 عائلة عن المدينة، بينما واصلت الدبابات حصارها لدير الزور شرقًا، وشنت قوات الأمن مداهمات واعتقالات واسعة في مدينة حمص تسببت أيضًا في نزوح عشرات العائلات. وقال شهود عيان، إن أصوات القصف والمدافع الرشاشة ما زال يسمع في معظم أنحاء حماة بين الفينة والأخرى. وأشار هؤلاء إلى أن المخابز متوقفة لليوم الثاني على التوالي في المدينة حيث بدأ الخبز بالنفاد، واصفين الوضع التمويني بالحالة الخطيرة، خاصة بعدما تلفت المواد الغذائية التي بحاجة لتبريد بسبب انقطاع التيار الكهربائي. حسبما أفادت "الجزيرة نت". وذكرت مصادر مطلعة أن مليشيات ما تعرف بالشبيحة احتلت المشافي الخاصة، حيث اعتلى القناصة أسطحها، ويسود الغموض حال المرضى والجرحى الموجودين داخل هذه المشافي. أما المشافي العامة فهي مكتظة بالجرحى دون وجود كهرباء، مما أدى إلى وفاة العديد من الجرحى دون أن يتمكن أحد من إسعافهم، وفق تلك المصادر. وتحدث ناشطون سوريون عن شهادات تتحدث عن كم هائل من الجثث في حماة وأنباء عن إعدامات جماعية في حي البعث بالمدينة، واستهداف واجهات المباني السكنية في حي القصور والحميدية. وطبقًا لشهادات سكان تمكنوا من الخروج من المدينة فإن الجيش ودباباته انتشر في قلعة حماة المطلة على كثير من الأحياء، حيث انتشر القناصة على أغلب المباني. وطبقًا لمصدر حقوقي ارتفع عدد القتلى جراء هجوم الدبابات على وسط حماة أمس إلى 45 قتيلاً. وقال ناشط تمكن من مغادرة مدينة حماة المحاصرة لرويترز إن 45 مدنيًا على الأقل قتلوا أمس الأول الأربعاء في هجوم بالدبابات شنه الجيش السوري للسيطرة على وسط المدينة. وأوضح الناشط أن أربعين شخصًا قتلوا بنيران رشاشات ثقيلة وقصف للدبابات في حي الحاضر شمالي نهر العاصي، فيما قال سكان في حماة في وقت سابق إن الدبابات تقدمت إلى وسط المدينة يوم أمس الأول الأربعاء واحتلت ميدان ساحة العاصي الرئيسي الذي شهد بعضًا من أكبر الاحتجاجات المطالبة بإسقاط الرئيس بشار الأسد. وذكر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة رويترز أن أكثر من 1500 عائلة من حماة فرت باتجاه السلمية (ريف حماة) ومنطقة مشتل حلو هربًا من القصف والعمليات العسكرية التي تشنها قوات الجيش منذ صباح أمس الأول الأربعاء. وفي مدينة حمص -ثالث كبرى المدن السورية- وإلى الجنوب من حماة أفاد نشطاء وشهود عيان للجزيرة نت بأن أعدادًا كبيرة من قوات الأمن ومليشيات الشبيحة مدعومة بقوات عسكرية حاصرت حي بابا عمرو في المدينة فجر اليوم واقتحمته وسط إطلاق نار كثيف وسماع دوي قذائف. وأشار النشطاء إلى أن تلك القوات بدأت بعد ذلك بمداهمة المنازل بشكل واسع بعد انتشارها بشوارع الحي وتهديد السكان بالقتل إذا هم خرجوا. وأوضحوا أن القوات المقتحمة حطمت محتويات المنازل من أثاث وأتلفت الأطعمة فيما وصفه النشطاء عقابًا جماعيًا للسكان لمطالبتهم بالحرية. وأدت هذه العملية إلى نزوح العشرات من العائلات من حي بابا عمرو هربًا من الرصاص وجرائم الأمن والشبيحة، وفق ما قال ناشط للجزيرة نت. وقد استمرت هذه العملية ساعات قبل أن تنسحب تلك القوات بعد اعتقالها نحو 200 شاب في الحي، وفق ما ذكر شهود عيان. كما شنت قوات الأمن حملة اعتقالات واسعة في حي الخالدية بحمص ظهر أمس الخميس وفق نشطاء. وفي دير الزور شرقًا تواصل الدبابات انتشارها في المدينة وحصارها، حيث أشارت تنسيقيات الثورة السورية إلى إغلاق كل من مستشفى النور ومستشفى العبود ومنع الصيدليات المناوبة من عملها ووضع جميع سيارات الإسعاف تحت تصرف الجيش في المدينة. وقد أصدرت العشائر العربية في محافظة الحسكة المجاورة لدير الزور بيانًا أدانت فيه بشدة العنف المفرط والقتل والتنكيل الناتج عن اقتحام الجيش للمدن في حماة ودير الزور وبعض المدن السورية الأخرى. وطالب البيان النظام بسحب الجيش والقوات الأمنية والدبابات من المدن وكذلك الإفراج عن الشيخ نواف راغب البشير شيخ مشايخ عشيرة البكارة، وحذر من أنه في حال عدم الاستجابة لمطلبها ستدخل العشائر العربية بكل ثقلها للعمل ضد النظام. في غضون ذلك شهدت عدة مدن وبلدات سورية مظاهرات عقب صلاة التراويح تطالب بإسقاط النظام، خرجت أكبرها في مدينتي حمص واللاذقية. كما أظهرت صور بثها ناشطون على الإنترنت خروج العشرات من المتظاهرين في مدينة تلكلخ في حمص أمس الخميس منددين بما يحدث في حماة وهتفوا لإسقاط النظام. وخرج تشييع اليوم في مدينة نوى في درعا، كما أظهر ناشطون في صور بثت على الإنترنت تحول إلى مظاهرة نادى المشاركون فيها بالحرية ودعوا إلى إسقاط النظام. كما جرى اليوم ظهرًا تشييع عامر بزازة وخالد الفاكهاني بمشاركة الألوف وسط دمشق القديمة مع طوق أمني كامل وتواجد كثيف لما يعرف بالشبيحة، واعتقل وضرب بعض المشاركين في التشييع، واندلعت مظاهرة بجانب التشييع في سوق باب سريجة المجاور تطالب بإسقاط النظام، وفق ما ذكر اتحاد تنسيقيات الثورة السورية. وقد استمر إطلاق النار في تلبيسة والرستن القريبتين من حمص بعد مظاهرات الليلة الماضية، مما أسفر عن سقوط قتلى، أحدهم طفل في تلبيسة وشخصان في الرستن.