في انتخابات نوفمبر اللي فاتت (المزورة) فوجئنا بوجه جديد يرشح نفسه للإنتخابات في مدينتنا الصغيرة.. لم يكن الرجل تابعاً للحزب الوطني أو لغيره وحصل على رمز السمكة. لم يسمع أحد بهذا الرجل من قبل لم نعرف عنه سوى انه هاجر إلى أمريكا منذ فترة طويلة و تزوج بأمريكية ثرية تمتلك سلسلة محلات ماتت السيدة ثم ورثها عنها (طبعأً أكيد بتقولوا إن ده هجص ولو ده صح يرجع مصر ليه يرشح نفسه في مجلس الشعب؟) أذكر ذلك جيداً لأن لافتات الدعاية لهذا الرجل (المصممة بمنتهى القبح و قلة الذوق) كانت تحتوي على صورة سمكة (بوري) تشعر حين تراها أن رائحة غير طيبة تفوح منها. المهم هذا الرجل لم يكثر من وسائل الدعاية المعتادة في مدن مصر الصغيرة وقراها (العربات النقل التي تجوب الشوارع بميكرفونات ضخمة وأصوات منكرة تهتف وتصرخ باسم المرشح). لم ينتظر الرجل رمز السمكة حتى يوم الإنتخابات ليشتري الأصوات بالخمسين جنيه أو البطانية. رمز السمكة بدأ يحضر بكل نشاط أغلب تجمعات المواطنين و يضخ مبالغ رهيبة بلا حساب. على سبيل المثال حضر رمز السمكة حفل توزيع جوائز القرآن الكريم في إحدى القرى و لم يضاهي ما تبرع به سوى تبرعات أمير سعودي كان هو و الده على علاقة بعالم جليل من هذه القرية... كانت الأموال الكثيرة التي ينفقها المرشح رمز السمكة مثار دهشة المواطنين الذين لم يعتادوا على ذلك و تسائلوا عن حجم ثروته الأصلية ومصدرها و لكن لم يمنعهم ذلك من السعي وراء الحصول على فرصة للسفر في أحدى رحلات الحج و العمرة (العديدة) التي تبرع بها هذا الرجل!!!! اذكر أنه سألني زميل في العمل بابتسامة خبيثة عن المرشحين للإنتخابات في مدينتنا (هذا الزميل يرجع أصله إلى مدينتنا ولكنه انتقل للقاهرة منذ فترة طويلة). أخذت أعدد المرشحين فسألني هل تسمعين عن أ.غ. فأجبت بنعم رمز السمكة. ضحك زميلي هذا وسألني هل تعرفين ماذا كان يعمل قبل سفره؟ أجبت بالنفي. قال إنه كان يعمل في تزوير تأشيرات السفر وأقسم أنه من زور تأشيرة أخيه للسفر للبحرين قبل سنين!!!! بينما كان المرشحون الآخرون يعملون بجد في حملاتهم الدعائية المضحكة والمزعجة فتسمع دعاية من قبيل قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "لا يلدغ المؤمن من (حجر) مرتين" كان أغ رمز السمكة يوزع كمبيوترات محمولة مجانية على المواطنين. المهم جاءت الإنتخابات ثم الإعادة بين رمز السمكة و مرشح الوطني. مرشح الوطني اتفق مع بعض البلطجية (هو أقرب وصف لهم فعدد منهم مسجل خطر) ليكونوا ممثلين له في اللجان و يضمنوا له أصوات كل لجنة (متسألنيش ازاي؟) ووعد كل منهم بمبلغ مالي عقب فوزه، بينما رمز السمكة أعطى لكل من بلطجيته ظرف به مبلغ مالي محترم بصرف النظر عن فوزه من عدمه. أعلنت النتائج وطبعأً فاز رمز السمكة.. سمعنا ان مرشح الوطني الذي أصيب بجلطة قلبية ورقد في المستشفى وآخر فقد كل ماله على الدعاية وأصيب باكتئاب وغادر المدينة إلى غير رجعة وآخر أخذ يشكو إلى الجميع و يؤكد أن سبب خسارته هو قرابته من رئيس الجمهورية. كان الوضع في مدينتنا أفضل من المدينة المجاورة والتي سقط فيها أحد المرشحين ميتاً عقب علمه بخسارته ولا تزال صورة ضخمة له معلقة على مدخل قاعة الأفراح التي يمتلكها. تسائلنا عن المكسب الرهيب الذي توقعه كل هؤلاء من عضوية مجلس الشعب والذي جعلهم ينفقون كل هذه المبالغ. وتسائلنا عن المبلغ الذي دفعه رمز السمكة للحزب الوطني ليضحي بمرشحه القديم بهذه السهولة. لابد أنه أضعاف أضعاف ما دفعه للمواطنين العاديين. بعد أن فاز رمز السمكة في الإنتخابات أغلقت حنفية الأموال فعندما توجه له طبيب الوحدة ليطلب منه مبلغ لا يتجاوز الألف جنيه لإعداد غرفة داخل الوحدة لتصبح صيدلية عامة رفض الرجل في حين انه قبل فوزه تبرع لإنشاء عيادة أسنان كاملة في قرية مجاورة. جدير بالذكر أن هذه العيادة لا تعمل الآن وفشل القائمون عليها في إدارتها في حين أنه قد تبرع رجل عادي بأموال للصيدلية التي تخدم العديدين الآن. قامت الثورة وحل مجلس الشعب وأصبح رمز السمكة مثار للتعجب والسخرية فكل ما أنفقه راح على الأرض، وقال الناس "دي آخرة المال الحرام، ده أكيد كان بيغسل اموال" و لكن بمجرد أن بدأت الأمور تستقر وردتنا الأنباء: أ.غ. رمز السمكة اتفق مع بلطجي و تاجر مخدرات معروف في المدينة على مساعدته في الإنتخابات القادمة. دب الرعب في قلوب الناس، الإنتخابات قبل ذلك لم تعن لأحد شئ سوى سبوبة يتكسب منها أما بعد الثورة و مع هذا الإتفاق فالجميع يتوقع مجزرة. اليوم تم افتتاح متجر كبير للمواد الغذائية وتم اعادة رصف الشارع بأكمله من أجل ذلك الإفتتاح. وتدافع الناس لشراء عروض السكر والأرز والزيت، عروض غير مسبوقة وأسعار لا تقبل المنافسة. أضطر أمن المتجر إلى منع بعض الناس من الدخول لشدة الزحام. الغريب في الأمر أن صاحب هذا المتجر هو أ.غ. رمز السمكة.