وقع السودان يوم أمس الخميس اتفاق سلام مع جماعة متمردة صغيرة في دارفور، لكن المحللين والدبلوماسيين لا يتوقعون نهاية للصراع المستمر منذ نحو عقد في الإقليم الواقع في غرب البلاد مع استمرار جماعات أكبر في معارضة الخرطوم. وأدت الحملة ضد متمردين غير عرب يطالبون بمزيد من الحكم الذاتي في دارفور عام 2003 إلى واحدة من أسوأ الازمات الإنسانية في العالم ودفعت أكثر من مليوني شخص إلى الفرار. وتقول الأممالمتحدة إن ما يصل إلى 300 ألف شخص قتلوا في الصراع، بينما تقول الخرطوم أن عدد القتلى هو عشرة آلاف فقط. وتراجع العنف منذ ذلك الحين لكن عدة جولات من محادثات السلام فشلت في تأمين هدنة بسبب الانقسامات في صفوف المتمردين واستمرار العمل العسكري. وإنهاء صراع دارفور واحد من التحديات الرئيسية للخرطوم التي تحرص على إنهاء كل عمليات التمرد بعد وضع نهاية لعقود من الصراع مع الجنوب الذي استقل يوم السبت الماضي، بموجب اتفاق سلام تم التوصل إليه في عام 2005. واستضافت قطر محادثات سلام لكن جماعات المتمردين الرئيسية رفضت توقيع اتفاق. وانقسامات المتمردين والقتال المستمر يمثلان أكبر عقبتين كبيرتين أمام محادثات السلام المستمرة منذ عام 2003 في تشاد ونيجيريا وليبيا قبل انتقالها إلى الدوحة. وتوجه الرئيس السوداني عمر حسن البشير، الذي تتهمه المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب في دارفور إلى العاصمة القطرية يوم أمس الأول الأربعاء، لحضور توقيع الاتفاق مع حركة التحرير والعدالة الصغيرة. وقال الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، إن هذا الاتفاق جاء من أجل حل شامل ونهائي لهذا الصراع المؤلم. وقال في كلمة أذاعها التلفزيون أن الوقت حان لأن يتمتع شعب دارفور بالاستقرار وأن يتمكن من العودة إلى دياره وأن يعيش حياته. ووصفت وسائل الإعلام الحكومية السودانية الاتفاق بأنه حل نهائي للصراع لكن لا يرى محللون ودبلوماسيون تأثيرا يذكر لأن حركة التحرير والعدالة لم تكن بين جماعات القتال الرئيسية. وقال روجر مدلتون بمؤسسة تشاتام هاوس في لندن "لا أعتقد أن هذا (الاتفاق) سيجلب السلام إلى دارفور. إنها (حركة التحرير والعدالة) ليست بين الجماعات المهمة" مضيفا إن التوقيع يمكن أن يثير ردود فعل غاضبة من الجماعات الأخرى الأكثر أهمية. وأقوى الجماعات عسكريا وهي حركة العدل والمساواة انسحبت من المحادثات بعد أن كشفت الحكومة عن خطط لاجراء استفتاء بشأن التشكيل الإداري للمنطقة القاحلة. وبدعم من بعض نشطاء دارفور في الغرب والذين ينتقدون الخرطوم يعزف بعض المتمردين عن توقيع الاتفاق مع البشير اعتقادا بأنه يمكنهم التوصل إلى اتفاق أفضل في المستقبل. ويقول دبلوماسيون إن الاتفاق مهم للبشير لإظهار استعداده للتعامل مع قضية دارفور لأنه قد يتخذ موقفا أكثر صرامة الآن مع المتمردين الرئيسيين. وفي الأسبوع الماضي قال البشير إنه لن يحضر أي محادثات وساطة أخرى في الخارج بشأن الصراع في البلاد.