تدرس منطقة اليورو عقد قمة استثنائية على أعلى مستوى في نهاية الأسبوع، في محاولة لتفادي انتقال عدوى أزمة الديون إلى إيطاليا وإسبانيا، ما يدق ناقوس الخطر للاتحاد الأوروبي، في حين أن تخلف اليونان عن السداد لم يعد مستبعدا. وخلص وزراء مالية الدول ال17 في منطقة اليورو، مساء الاثنين الماضي، في بروكسل إلى قطع وعود باتخاذ إجراءات جديدة لدعم اليونان وتعزيز الدفاعات المضادة لنشوء أزمة على صعيد الاتحاد النقدي، من دون التوصل مع ذلك إلى حل مشكلة شروط مشاركة البنوك في الخطة الثانية لتمويل اليونان. وبعد بداية حالة من الهلع الاثنين الماضي، تحسنت الأسواق، أمس الثلاثاء، بعد تصريحات مطمئنة، وتدخل البنك المركزي الأوروبي الذي اشترى كمية كبيرة من السندات الإسبانية والإيطالية لتفادي لجوء المستثمرين إلى البيع بكثافة. وعليه تحسنت بورصة ميلانو بصورة طفيفة، لكن باريس ولندن أقفلتا على تراجع. وطرح رئيس الاتحاد الأوروبي، هيرمان فان رامبوي، الدعوة إلى قمة استثنائية، الجمعة القادمة، لقادة دول منطقة اليورو، في محاولة لمعالجة المشكلة عبر تحديد رد منسق، وقال، في مؤتمر صحفي في مدريد: إن عقد مثل هذه القمة "غير مستبعد". وأكدت مصادر دبلوماسية في بروكسل أنه يجري درس عقد اجتماع لقادة دول منطقة اليورو حول أزمة الديون، واحتمال عقد مثل هذا الاجتماع يشهد على القلق المتنامي لدى المسؤولين الأوروبيين حيال الخطر من انتقال أزمة الديون إلى دول مهمة مثل إيطاليا وإسبانيا، ما قد يعرض للخطر مشروع الاتحاد النقدي الأوروبي في مجمله بعد 12 عاما من تأسيسه. وأقر رئيس الحكومة الإيطالية، سيلفيو برلوسكوني، أمس الثلاثاء، بأنها "لحظة غير سهلة بالتأكيد بالنسبة إلى إيطاليا"، داعيا السكان إلى "الوحدة" والاستعداد ل"تضحيات" تفرضها الموازنة التقشفية، وارتفعت معدلات الفوائد التي تطلبها الأسواق المالية لإقراض روماومدريد، بصورة كبيرة جدا، وهو وضع يصعب على الماليات العامة تحمله إذا طال. وهذا الوضع يضع أوروبا تحت ضغوط مكثفة لتجاوز خلافاتها بشأن إيجاد الرد وخصوصا وضع اللمسات النهائية على الخطة الثانية لمساعدة اليونان، وتتعثر الخطة منذ أسابيع بسبب انقسامات بشأن وسائل مشاركة البنوك وصناديق التقاعد في مثل هذا البرنامج، وأسهم هذا الغموض في زيادة توتر المستثمرين. ودعت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاجارد، أمس الثلاثاء، إلى الإسراع في تطبيق التدابير التي تبنها وزراء المالية، الاثنين الماضي، وسمح اجتماع بروكسل، مساء الاثنين الماضي، لوزراء مالية الاتحاد النقدي بإحراز بعض التقدم، ووعد الوزراء ب"القيام بكل ما في وسعهم لتوفير الاستقرار المالي" للعملة الموحدة، وأعلنوا تعزيز وسائل صندوق الإنقاذ المالي للدول التي تواجه صعوبات في منطقة اليورو. ويعتزمون بشكل ملموس تعزيز "المرونة" و"حجم" صندوق الإنقاذ المالي الذي استخدم حتى الآن لمساعدة البرتغال وأيرلندا، بهدف مواجهة أي احتمال، ولم يستبعد وزير المالية الألماني، فولفجان شويبل، أمس الثلاثاء، أن تتم زيادة قدرته على تقديم القروض والبالغة حاليا 440 مليار يورو. والمطروح أيضا السماح لهذه الآلية بشراء الديون العامة في السوق الثانوية، حيث يقوم المستثمرون بتبادل الأسهم المطروحة، وسيسمح هذا الأمر، في حالة اليونان، بخفض عبء الديون والفوائد المدفوعة، الأمر الذي سيريح أثينا، وهذا تقدم كبير لأن الألمان والهولنديين كانوا حتى الآن معارضين لهذه الفكرة، وكانوا يستندون إلى البنك المركزي الأوروبي الذي يتدخل، منذ الأزمة، وحيدا في سوق الديون عبر هذا الإجراء. يبقى تجاوز الانقسامات في شأن مشاركة البنوك في خطة المساعدة الثانية لليونان، وأكد وزير المالية الهولندي، يان كيس دو ياجر، أن منطقة اليورو لم تعد تستبعد تخلف اليونان جزئيا عن الدفع، وقال: "هذا الخيار لم يعد مستبعدا"، لكن نظيره وزير مالية لوكمسبورج لوك كفريدن، خالفه الرأي وقال للصحفيين: "لم نتحدث عن هذا الخيار"، كما رفض وزير مالية اليونان إيفانجيلوس فينيزيلوس هذا الخيار.