فى الجزء الثانى من حواره مع «الشروق» دافع المستشار عبدالله فتحى، وكيل نادى القضاة، عن سياسة نادى القضاة برئاسة المستشار الزند، وبالأخص فى أزمة إحالة قاضيين للتحقيق فى بلاغ القضاء العسكرى ضدهما، ووصف تصرف وزير العدل ب«الصائب والقانونى»، لأن الإحالة لا تعنى الإدانة، بحسب قوله، نافيا ما أثير عن اعتذار الزند للمدعى العسكرى، وأنه اكتفى ب«تطييب خاطره» فقط، وعتب على قضاة آخرين بسبب تضخيم الأزمة، وإلقاء العيب على وزير العدل فى الفضائيات. تحدث المستشار عبدالله فتحى ل«الشروق» عن أزمات أخرى مثل قانون مشكلات القضاة، وخلافاتهم، ودور النادى، وسياسته، وغيرها من القضايا الشائكة والحيوية. ● هناك سؤال محير.. لماذا يتحرك نادى القضاة دوما فى الأزمات الخاصة بالقضاة فى صورة رد الفعل وليس الفعل؟ فيما يتعلق بأزمات الزملاء أو أى أمر يمس استقلال القضاء، فأول من يهب هو مجلس إدارة نادى القضاة خصوصا المجلس الحالى، ولكن الفرق بيننا وبين الآخرين يكمن فى أسلوب التناول، فأعضاء المجلس منذ انتخابهم فى 2009 عاهدوا زملاءهم بأن التعامل سيكون بالحوار الهادئ والخطاب الحكيم، وقد حبانا الله بالمستشار أحمد الزند فى منصب رئيس المجلس، وهو حكيم ومتزن وهادئ وعاقل، وننأى بأنفسنا عن أساليب الصخب والضوضاء والضجيج، ونكون أول من يتحرك فى أى أمر يمس استقلال القضاء، وأسلوبنا حكيم، ولا نسعى للضوضاء ولا للإعلام، ولو أردنا أن نكون نجوما فسنكون نجوما وسط زملائنا، وليس فى الإعلام والانتشار على الفضائيات والصحف، فنحن نعلم ما هى السلطة القضائية وما هو وزن وثقل القاضى، ونتحرك فى ضوء هذه المعطيات، ومثلا فى أزمة تأمين المحاكم كان النادى هو من دعا الزملاء إلى الإبلاغ عند حدوث اعتداءات على المحاكم، والزند هو أول من تحدث عن ضرورة تأمين المحاكم. ● كيف تصرفتم فى أزمة إحالة قاضيين للتحقيق فى بلاغ القضاء العسكرى ضدهما؟ بمجرد علمنا بادرنا بالاستعلام من وزير العدل عن الأمر، فقال إن هناك بلاغا مقدما إليه بسبب إساءة قاضيين للقضاء العسكرى، فماذا يفعل بشأنه؟ وكان لابد أن يتخذ إجراء قانونيا، ونعتبر إحالة الزميلين للتحقيق فرصة لهما لتوضيح مبرراتهما، أو نفى ما جاء ببلاغ القضاء العسكرى، ومن ثم فوزير العدل أحالهما للإدارة المختصة بدافع تحقيق العدالة والحيادية. ● حينما سألكم: ماذا أفعل فى البلاغ؟ ماذا كان ردكم؟ هنقول إيه؟ قطعه؟ هذا بلاغ، ولابد من إحالته للتحقيق سواء كان مقدما من جهة أو شخص ما، والإحالة لا تعنى الإدانة، بل استطلاع الأمر وتوضيحه. ● ولكن عددا من القضاة اعترض على مبدأ الإحالة إلى إدارة الشكاوى والبلاغات واعتبروه «باطلا»، ولم يكن اعتراضهما على التحقيق؟ الواقع أن التفتيش القضائى حاليا يتبع وزير العدل، وإدارة البلاغات والشكاوى هى جزء من التفتيش القضائى، وبالتالى فهى تابعة للوزير، ولدينا تحفظات كثيرة عليها، وبالمثل هناك تحفظات على تبعية التفتيش القضائى للوزير، وقد بح صوتنا لنقل تبعية التفتيش القضائى إلى مجلس القضاء الأعلى بما فيه تلك الإدارة، ولكن هذا لم يحدث والوضع الراهن أن إدارة البلاغات والشكاوى لاتزال قائمة، وسبق أن أحيل إليها العديد من المستشارين، يبقى إشمعنى بقى دول اللى هنستثنيهم؟ ● إذن أنت موافق على إحالة القاضيين للتحقيق أمام تلك الإدارة؟ طبعا، مادام هناك بلاغ مقدم ضدهما، ومادام الوضع كما هو ومفيش تغيير، فنحن نأمل فى التغيير بنقل تبعية التفتيش إلى مجلس القضاء، ولكن حتى حدوث ذلك علينا الالتزام بالوضع الراهن، رغم عدم قانونيته، وأيضا تبعية التفتيش القضائى لوزير العدل غير قانونية وغير دستورية، لأن الدستور ينص على الفصل بين السلطات، وتبعية التفتيش القضائى لوزير العدل تجعل السلطة التنفيذية متحكمة فى السلطة القضائية، ونسعى لتغيير هذا الوضع ونقل كل ما يخص القضاة إلى مجلس القضاء الأعلى، وتحديد مهام الوزارة بإدارة مرفق العدالة والقضاء فقط، ونعكف الآن على إعداد صياغة للتعديلات المنشودة فى قانون السلطة القضائية، وفى النهاية لقد تدخلنا فى أزمة القاضيين بكل قوة، ولكن حديثنا كان هادئا وقانونيا، لأن الأمر حساس ويمس السلطة القضائية العادية والعسكرية، ولا يصح مناقشته على الفضائيات، وحتى عند مناقشة الموضوع على الفضائيات نسبوا لرئيس النادى أنه اعتذر للمدعى العام العسكرى، وهذا لم يحدث، وحتى لو اعتذر فما العيب فى هذا وما الضرر؟ فلو افترضنا أن رئيس نادى القضاة المنتخب المستشار أحمد الزند نقل إليه ممثل القضاء العسكرى استياءه بسبب إساءة بعض المستشارين للقضاء العسكرى، فماذا سيقول له؟ هل الطبيعى أن يقول: اخبط راسك فى الحيط؟ لابد أن يطيب خاطره ويقول له «كلنا واحد»، فالزند لم يعتذر ولم يكن يعلم بوجود بلاغ بشأن الواقعة، لأنه لو كان على دراية، كان سيطلب من المدعى العسكرى أن ينتظر نتيجة التحقيقات. ● المدعى العسكرى نفسه أكد فى بلاغه لوزارة العدل أن الزند اتصل به واعتذر.. والقضاة لم يشيروا للاعتذار؟ المدعى العام العسكرى هو الذى اعتبر حديث الزند فيه نوع من الاعتذار، ولكن الزند لم يعتذر، هو فقط قام بمبادرة نبيلة لمنع الوقيعة بين القضاءين العادى والعسكرى، وتصرف الزند نبيل يحسب له وليس عليه. ● قلت إنكم فى مجلس النادى تعاملتهم مع أزمة القاضيين بعقل وحكمة، فهل ترى أن تحركات القضاة من تيار الاستقلال خلال الأزمة لم تكن عقلانية؟ طبعا، فالأمر أخذ أكثر من حجمه، وخروج بعض الزملاء فى الإعلام ونقدهم موقف الوزير زاد على الحد، وخرج عن احترام الكبير واحترام شيوخنا، فالواقعة كلها أخذت أكثر من حجمها، وكانت ردود أفعال بعض القضاة الذين خرجوا على الفضائيات، ولا أقصد هنا المستشارين الذين أحيلا للتحقيق فلهما العذر فى أى انفعال، ولكن رد فعل آخرين زاد عن الحد، وخانهم الأسلوب الحسن فى التعبير عن آرائهم. ● لماذا تهاجمون دوما تيار استقلال القضاء؟ القضاء صف واحد وفريق واحد، أما مسميات تيار استقلال القضاء وغيرها، فلا وجود لها، فنحن مثل فريق الكرة، نتنافس ويصل الأمر إلى حد التشابك، ولكن بعد المباراة نعود أصدقاء وزملاء ويحترم كل منا الآخر، وتلك المسميات أفرزتها انتخابات نادى القضاة لا أكثر، وفى النهاية كلنا فريق واحد وليس بيننا شقاق. ● ما حقيقة أن مجلس النادى بايع المستشار عادل عبدالحميد رئيس محكمة النقض السابق وزيرا للعدل قبل تولى الوزير الحالى، وحينما علمتم باختيار شرف للمستشار الجندى، أسرعتم لمبايعته؟ ما حدث لم يكن مبايعة بالشكل المعروف، ولكن القصة أن المستشار عادل عبدالحميد تصادف حضوره لاجتماع مجلس النادى لمناقشة التعديلات المنشودة فى قانون السلطة القضائية، فاختاره شباب القضاة وحشد كبير من شيوخ القضاة وزيرا للعدل، ولذا بارك المستشار الزند ونحن معه هذا الاختيار، فالرجل معروف بأياديه البيضاء وزهده فى المناصب، ولكن حينما وقع الاختيار على المستشار الجندى، باركنا هذا الاختيار لأنه لا اختلاف على الرجل أيضا، ونعلم أنه رجل شريف ووافق على المنصب فقط لخدمة مصر، ويكفيه شرفا أنه كان النائب العام فى أزهى عصور القضاء والنيابة، كما أنه يعتبر أستاذا للمستشار عبدالحميد، ومن ثم باركنا اختياره. ● وما سر الزوبعة حول رفض تعيين خريجى الحقوق فى النيابة بتقدير جيد، وما وصف بأنه رغبة فى توريث القضاء؟ هذه زوبعة من صنع الإعلام غير الموضوعى، فالمسألة لا تتعلق بالتوريث على الإطلاق، وعلى مدى عشرات السنوات كان النص فى قانون السلطة القضائية أن يعين الحاصلون على ليسانس حقوق فى وظيفة معاون نيابة عامة، دون شرط التقدير، وكان يفتح باب الترشح أمام جميع الناجحين فى كلية الحقوق دون النظر إلى تقديراتهم، والقضاء رسالة لذا يلزمه بعض الشروط والمميزات، حتى صدر تعديل قانون السلطة القضائية فى الظلام بأيدى من يكنون الحقد للقضاء، وأدخلوا هذا التعديل الذى يشترط الحصول على تقدير جيد للالتحاق بالنيابة العامة، والمشكلة أنه تم تطبيق هذا القانون على من تخرجوا قبل صدور القانون، فنحن كنادى قضاة اعترضنا على تطبيق القانون بأثر رجعى وليس على القانون نفسه. ● ولماذا لم تعترضوا فى عهد النظام السابق؟ من قال هذا؟ نحن تحركنا ولكن دون إعلان، وتكلمنا الآن بعد أن اكتشفنا أن اختفائنا وعدم إعلاننا يحسب علينا، ولكن نحن من البداية نتحرك للمطالبة بحقوقنا على أكمل وجه، وبدون إعلان أو ضجيج أو صراخ. ● وماذا كان الرد فى وقت نظام مبارك؟ كانوا دائما يقولون سننظر، سنعدل، سندرس. ●هناك حديث بأن المستشار الزند عين أبناءه بتقدير مقبول فى ظل قانون اشتراط تقدير «جيد» للتعيين؟ أتحدى أن يثبت أحد هذا، والأبناء الثلاثة للمستشار الزند دخلوا النيابة لأنهم أوائل دفعاتهم فى كليات الحقوق ولذلك فتعيينهم ليس توريثا. فى الوقت نفسه فإن القضاة الذين يعارضون فكرة التعيين بمقبول فى النيابة وينادون باشتراط الجيد أو الجيد جدا هم الذين عينوا أبناءهم بمقبول، وينادون الآن بذلك لأنهم فرغوا من تعيين أبنائهم جميعا بمقبول، ولكن منذ إقرار هذا القانون لم يتم تعيين أى شخص حاصل على تقدير مقبول، فليس من العدالة عدم تعيين شخص حاصل على تقدير جيد جدا لأنه ابن مستشار، وعلى العكس أبناء المستشارين يزيدون على أقرانهم فى أنهم تربوا فى بيئة قضائية صالحة وتشربوا الالتزام والقضاء منذ الصغر.